الديكتاتورية وراء التطرف
محمد هيثم عياش
برلين /02/10/14 عانت ولا تزال شعوب كثيرة تعاني من استبداد حكامها ، فمصطلح الديكتاتورية ومعناها باللغة العربية / الطاغوت والاستبداد / ذلك الحاكم المستبد الذي يستعبد شعبه ويتصرف كما يريد لا يستشير أحدا ففرعون الذي علا بالارض وجعل اهلها شيعا ذهبت الغطرسة به ان زعم لاهل مصر بأنه ربهم الاعلى ، فأخذه الله نكال الآخرة والاولى ، فقد جاء سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام مطالبا الحرية لبني اسرائيل في زمن استعباد فرعون لبني اسرائيل وجعل من اهل مصر شيعا يستضعف طائفة على طائفة .
ثورات الحرية التي اندلعت بالعالم ولا سيما منذ بدء تاريخ العصور الحديثة / هناك مؤرخون يعتقدون بدء العصور الحديثة بفتح السلطان العثماني أبو الفتوح محمد الفاتح رحمه الله للقسطنطينية – استانبول – عام 1453 ومنهم من يعتقد باكتشاف كريستوف كولومبس القارة الامريكية عام 1492/ واجهت صعوبات لكسب منجزاته فرجل الاصلاح الديني مارتين لوثر 1483 – 1546/ الذي قام باصلاحات على الكنيسة الكاثوليكية اقتبس بعض اصلاحاته من القرآن الكريم اذ ساهم الى حد كبير ان لا تكون لغة الكنيسة مقتصرة على اللاتينية وهو اول من قام بترجمة الانجيل الى اللغة الالمانية وحث الكنيسة السماح لتراجم معاني القرآن الكريم الى اللغات الاوروبية اضافة بأنه لا يوجد بين الخالق والمخلوق وساطة للغفران ، كان وراء حث ملوك المانيا على مواجهة ثورة الفلاحين التي اندلعت في المانيا عام 1524 ، فزعيم الفلاحين توماس مونتسر / 1489 – 1525 / كان من مريدي وتلاميد لوثر المخلصين ولم يقم بثورته ضد الاقطاع والظلم الا من تعاليم لوثر الذي كان يدعو الى الحرية ، الا ان لوثر غدر بالفلاحين وفي مقدمتهم تلميذه مونتسر الذي كانت نهايته بتقطيع حاكم منطقة مولهاوزين ، احدى مدن ولاية تورينجين / جنوب شرق / ، جورج ذو اللحية الطويلة / 1471- 1539 / جسده وهو يرى ذلك وتفريق جسمه بمناطق عدة في المانيا . فقد كان لوثر يرى بثورة الفلاحين إفساد بالارض وخروج عن طاعة الله الذي جعل حكام المانيا خلفاء الله في الارض على حسب إدعاءاته . بل ويذهب صاحب نظرية السياسة الحديثة البريطاني توماس هوبس / 1588 – 1679 / ان الاستبداد عامل هام للامن والسلام وهو كان يرى باستبدادية الكنيسة والملوك الاوروبيين بالشعوب الاوروبية أمر من اوامر الله من أجل الامان الا انه كان يؤكد على ضرورة الاستماع الى الآراء الحرة للحيلولة دون سيادة فكر التطرف على المجتمعات الاوروبية .
الديكتاتورية وراء التطرف وهو ما نراه حاليا في العراق وسوريا وليبيا ومالي وفي المانيا أيضا ، فعندما فشلت جمهورية فايمار / 1919- 1933 / التي كانت بمثابة اول جمهورية ذات حكم تشريعي برلماني بتحقيق أهدافها ولم تساهم بشكل فعال بارساء الحريات العامة ولم تأخذ آراء شعبها بجدية ادى الفشل الى صعود قوة القوميين المتطرفين / النازيين / الذين حكموا المانيا بقيادة زعيمهم أدولف هتلر الذي كان وراء الحرب العالمية الثانية التي كادت ان تهلك الحرث والنسل . على حسب تأكيد الحائز على جائزة الادب السياسي الالماني هانس ماجنوس اينتسنبيرجر بمحاضرته التي ألقاها يوم الاربعاء 1 تشرين أول/اكتوبر اثناء استلامه جائزة معهد تيودور هويس للادب السياسي بالعاصمة برلين انه رقص وبكى من الفرح عندما استولى الامريكيون على العاصمة بغداد عام 2003 وأطاحوا بصدام حسين لأن الرئيس العراقي السابق مارس القسوة والعنف ولاقتل بحق معارضيه وارتكب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد في حلبجا / هناك من يرفض وقوف صدام حسين وراء مجزرة حلبجا ويؤمد وقوف ايران وراءها / الا أنه اصيب بخيبة أمل عندما اصبح العراق دولة منهارة ، فالولايات المتحدة الامريكية لم تساهم بإرضاء جميع أطياف الشعب العراقي وانتهجت سياسة فرق تسد الامر الذي كان وراء بروز قوة الشعوبية وقامت بدعم فريق على فريق من الشعب العراقي بل قامت بدعم عنصرية حكومة رياض المالكي الامر الذي كان وراء بروز قوة التطرف وكذلك الامر في سوريا فالمجتمع الدولي يتحمل مسئولية الذي وعد الشعب السوري بنصره ضد الطاغية بشار أسد ونكص على عقبيه وراء خيبة امل الشعب السوري ووراء ظهور التطرف وللحيلولة دون وقوع سوريا في دوامة عنف مثل العنف الذي تشهده ليبيا انقلاب عسكري بمشاركة جميع أطياف الشعب السوري بما فيهم الذين يحملون فكرا اسلاميا ناضجا يطيح بأسد وزمرته ويسعى الانقلابيون لحمار مع المتطرفين فالمجتمع الدولي الذي أكد مرات عديدة بانه لا حوار مع الطالبان لجأ الى الحوار مع الطالبان وسياسة الراعي والرعية التي حرص الاسلام على انتهاجها كانت وراء انتهاء فكر الخوارج واندماجهم بالمجتمع الاسلامي . وأكد اينتسنبيرجر ان فرحه ورقصه بمقتل صدام حسين ومعمر القذافي كان خطئا اذ كان على الامم المتحدة المبادرة بتنظيم تلك الدولتين مثل ما فعلته في الكوسوفو والبوسنة ومغادرتها افغانستان بعيد تحريرها من الروس وقبل انجاز مهمامها كان وراء قوة الطالبان التي حكمت افغانستان بفكر متطرف .
انه من الصعب الانتقال من الديكتاتورية الى الحرية بطرفة عين وبين عشية وضحاها صحيح ان روسيا بعد انهيار الشيوعية فيها انتقلت الى الحرية الا انها ليست كاملة نصف حرية ونصف حكم متسلط ينتهجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدعم من المافيا الروسية والرشوة وغيرها والربيع العربي لم يفشل فتونس اكبر مثال وما يجري في ليبيا والعراق ومصر واستمرار مأساة الشعب السوري وكفاحه من اجل الحرية تتحمل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها ذلك فهم يريد إفشال الربيع العربي الا ان ذلك المخطط لن يكتب له لنجاح عل حد رأي وزير الخارجية الالماني السابق يوشكا فيشر .
والانتقال من الاستبداد الى الحرية وتنظيم شئون الدولة والمجتمع بحاجة الى الحكماء وقديما قال الافوة الاودي صلاءة بن عمرو بن مالك / توفي حوالي عام 570 ميلادية / :
لا يصلح الناس فوضى لاسراه لهم ولا سراة اذا ما جهالهم سادوا