تدق الأجراس بشكل دائم ..

لكن صوت الرنين .. الآن نشاز

محمد الرمادي

[email protected]

فينا-النمسا 17. 01. 2010.

الزوجة المخنوقة المصرية مثالاً (الجمعة 15 يناير وجدت في غرفة المعيشة بمنزلها بالحي الخامس عشر الفيناوي)

الموقف المأساوي لم يبارح مكانه بعد، فمنذ أن وجد الإنسان العاقل على وجه الأرض وجدت أحداث قتل ونشبت حروب لأسباب تافة واستحدث نظام البغاء والرق ورفع باسم الإله حروب دينية من عدة أطراف وتلاحقت حروب باسم الإنسانية ونشر الديموقراطية وجاءت الحرب الباردة بين وجهة نظر في الحياة وآخرى تخالفها، وسمع عن الخطر الأحمر فالأخضر ثم جاء دور الخطر الأصفر، الأحداث لن تتوقف وفي المقابل أوجد الإنسان ضد هذه الأخطار فلسفة بشرية أو ديانة وضعية توازت معها أو سبقتها/لحقتها ديانات سماوية أخذت دورا مهما في تهذيب الإنسان وأيضا قامت بدور التصادم ثم جاء دور التقابل والتفاهم.

 والسابق كله مفهوم لمن يقرأ أو يراجع التاريخ، فهذه هي النفس البشرية بها تحمل من مثالب وحسنات، أما ما هو غير مفهوم على الإطلاق : حالة التشرنق التي اصابت النُخب، وحالة التراجع في تحمل المسؤولية عند أولي الأمر، وبالتالي حالة الفوضى التي أصابت الناس، فالواقع الحالي عند الكثير بل الغالب الأعم أنه لا يوجد لديهم وازع ديني أو مانع خلقي أو إحساس إنساني بالآخر، مع غياب المرجعية الحقيقة وضمور صنف سمي " أهل الحل و العقد" أو "كبار القوم" وظهور "الرويبضة " وهو التافه الذي يرعى شؤون الناس، ولعل رؤية المسلسلات المرعبة وأفلام دراكولا ومصاص الدماء والمشاهدة تتم لأكثر من 120 دقيقة بالألوان جعلت الرعب مقبولا والقتل مبررا ورؤية دم الضحية يقارب أو يشابه رؤيته على الشاشة الفضية، أو متابعة تلفزيون المنزل بجوار الزوجة والأولاد، ومنذ سنوات ملاحقة حالات القتل والإبادة "مباشر" على القنوات الفضائية، ثم صب الزيت على النار بـ"صقوك الغفران" والوعد بجنة الرضوان لمن يحمل الصليب أو يحمل شعار الهلال الخصيب لقتل الآخر البرئ، هذا كله يتقبله المرء بسهولة كمن يشرب عصير المانجو المثلج من جماجم قتلاه فوق جثث الآخرين .

ما أريد التركيز عليه ليس هذا الكم الهائل من التاريخ البشري الدموي، بل أريد فقط، هنا التركيز على العلاقة بين الرجل والمرأة - تحت سقف الزواج كاطار يحمي الزوجة أو الأولاد أو ما يحدث فوق رمال الحب الساخنة تحت أي سقف يشرعه الفقهيه أو المجتمع - هذه العلاقة بين الرجل والمرأة كنت أظن أن تكون وردية في غالب الأوقات ومعظم الحالات، بحكم الحميمية التي تربطهما وخصوصية العلاقة التي تحتاج إلى إشباع من كلا الطرفين برضا، بيد أن الإحصائيات أثبتت عكس تصوري وهذا يعود إلى :

1.) الفهم المغلوط للنص المقدس والذي ربى العقلية الذكورية عند أصحاب الديانات السماوية كاليهودية (وضع المرأة في الديانة اليهودية) والمسيحية (كتابات القديس بولس الرسول عن المرأة) والإسلام (الآيات ذات العلاقة والأحاديث التي نسبت إلى نبي الإسلام)، والديانات الوضعية مع وجود محاولات حثيثة لإعادة تسليط الضوء على جوانب فهمت خطأ، وهذه قد تحتاج لتفصيل لست بصدده الآن مع غياب القدوة الحسنة ووجود تشويش في تقديم البديل مع عدم وجود رغبة آكيدة في التغيير للأحسن، وتبني البعض للمثل العربي الذي يقول :" عنزة ولو طارت".

2.) اسلوب التربية الذي يعلي من قدر فرد على آخر والمتبع في كثير من العائلات مما يفرز هذا النوع من رجال المستقبل وأمهات الغد.

3.) أخفقت المؤسسات الرسمية وفشلت المؤسسات الأهلية في بناء جسر بينها وبين من تتولى رعايتهم وأقتصرت على اقل القليل، أضف أن التنظيمات النسائية العاملة على الساحة لم تقدر أن تواجه الصعوبات الجاثمة على جسد المرأة .

4.) عدم أهلية من يقوم بدور "المصلح الإجتماعي"، فليس لديه دراسات خاصة أو قدرات شخصية .

5.) وجاهة القائم بهذا الدور وسط فئات المجتمع لا تعطيه هذه الأهلية .

6.) انقسم "المصلحون" إلى فريقيين متناحرين.

7.) وجود صراع خفي أو معلن بينهما.

8.) اختلاف ثقافة كل فريق منهما وتباين وجهة النظر عند كل منهما في كيفية حل المشاكل.

أما عند الرجل أو المرأة

9.) النظر إلى الحقوق والمطالبة بها ونسيان الواجبات وعدم الإعتراف بها.

10.) الأنانية المطلقة وتغافل أن العلاقة بينهما ينتج عنها أولاد وليس فقط استمتاع، ويجزم البعض أن القضية أساسها مالي ووجهة نظر أحد الطرفين في توفير المال بأي صورة ولو على حساب الأطفال الجوعى لبناء "الفيلا" في مسقط رأس الزوج، والتي لا تسكن إلا عدة أيام في العام الواحد.

11.)  الشكوى الدائمة من كلا الطرفين، وليس علاج الداء.

12.) تدخل كل من هب ودب لعلاج المشاكل فيزداد صب الزيت على النار، والخروج من بيت الأسرة وإعتماد سياسة "القيل" و "القال"

13.) فريق الـ"تصنت" والـ"تجسس" سواء من الجيران أو الأحباب أو الأقارب، وجعل أخبار الأسر "علكة" السهرة عند قوم.

14.) لا يرى برامج ترشيدية أو تربوية أو تعليمية للأزواج (كليهما) من قِبل المؤسسات الرسمية أو الأهلية أو ما يسمى تجاوزا (حالة الأقلية هنا) مؤسسات "المجتمع المدني"، وإذا اعتمدنا الخطاب الدعوي من مراكز العبادة فخطب الجمع مثلا، يحضرها ذكور، يبدو أنهم لا يوافقون على فحوى الخطاب، واعتماد أسلوب الوعظ الذي أفلس منذ زمان، مع فقدان الثقة في مدى صدقية بعض من يقوم بدور "المصلح الإجتماعي"، وعدم وجود مدارس للأزواج، وغياب نشرات دورية سهلة الإسلوب تخاطب العقل والعاطفة معاً، ويمكن القول أن القنوات الفضائية التي تعالج المشاكل الإجتماعية والكم الهائل من البرامج المتلفزة لم توفق في رسالتها، وهذا يحتاج منا لإعادة صياغة الأفكار والمعالجات، ولا ننسى توفر المعلومات عن العلاقة بين الرجل والمرأة بدخول الشبكة العنكبوتية على الخط الساخن بينهما.

والقائمون على العمل الإجتماعي ليس لديهم توثيق للقضايا أو معلومات محددة أو أحصائيات يعتمد عليها، كما اعترف أحدهم في إجتماع رسمي ضم لفيف من القائمين على العمل، وأكد المعلومة آخر، ويغلب على ظني تجمد هذه الخطوة في ثلاجة الخصومات على كراسي الإدارة وفتات MA17“ .

وهؤلاء قد يركزون على أعراض المشكلة وليس جذورها.

15.) غياب ثقافة احترام الرأي الآخر، وغياب ثقافة احترام رأي المرأة، فقط لأنها أنثى، مع تعمد أظهار ضعف قدرتها على معالجة الأمور بسبب عاطفتها الجياشة.

16.) الطبيعة البشرية عند الأزواج والحالة المزاجية المتقلبة للزوجات، مع ارتفاع درجة الإشباع والتي لا تتناسب مع درجة تحمل المسؤولية، أضيفت هذه الإشكالية كأساس مع أنها عارض.

17.) العنف ضد المرأة بأشكاله وصوره المتعددة لم يعد ظاهرة فردية بل صار سلوك جماعي عام يومي سواء في الغرب المتقدم (الخط الساخن يعمل 24 ساعة) أو الدول النامية أم عند الشعوب المتخلفة فهو واقع ملموس وخبز يقدم لها مع الوجبات تتذوقه الأنثى على عدة أصعدة ومستويات.

18.) عالمية القضية (العنف ضد المرأة) وخصوصية المسألة عند كل أمة وشعب نتيجة الموروث الثقافي والتربية الأسرية، ويلاحظ علماء الإجتماع تصدع جدران مؤسسة الزواج عالمياً وساعد على تشققها العولمة ومؤتمرات المرأة العالمية والمناداة بحريتها، وأفكار الأباحية.

لا يتبقى أمامنا الآن إلا أن يقف عقلاء الجالية بجوار المتخصصيين أصحاب الدراسات والمؤهلات الإجتماعية والنفسية وليس كل من " هبّ " و" دبّ " لوضع استراتيجية وقائية وآخرى مستقبلية فأبناء الجالية الجيل الثاني والثالث يبنون عششاً للزوجية الآن، وغياب قدوة حسنة أو مثال يحتذى به مصيبة المصائب، وترك الآمر على عواهنه مصيبة آخرى، ونظن أن الحال على ما يرام فتوضع الرأس في الجليد (وليس التراب) فيتجمد العقل ويتصلب التفكير ويتوقف القلب وهذه مصيبة ثالثة.

وقد يكون مفيداً طرح بعض تصورات أولية مثل :

1.) احتفالات بيوم الزواج تعقد شهرياً بدلا من المناسبات السنوية كيوم المرأة وعيد الأم وعيد الحب،

2.) عقد جلسات فضفضة مع متخصص إجتماعي لرصد الظاهرة/الظواهر التي توجد داخل المجتمع المصغر للأقلية، وليس جلسات نهش لحوم الآخرين،

3.) مدرسة الأزواج وتفعيلها، فالجدات وصاحبات التجارب يتقدمن مسيرة المدرسة، وليس كتابة مقال،

الأفكار الصالحة للتطبيق كمشروع يتم تبنيها مع قبل المؤسسات الأهلية يقوي جانبها المؤسسات الرسمية .

هذه مجمل افكار عن المسألة وبالقطع توجد حلقة مفقودة علينا أن نبحث عنها في هدوء بين كومة من القش خاصة ونحن نعيش في العقد الأول من الألفية الثالثة، وأعلم أن هناك من أبناء الأقلية من يملك رؤية أفضل من الكاتب بكثير، فلنتحاور بدلا من أن نتشاجر ونذهب للمحاكم،

فالمرأةُ التي سلمت نفسها وعرضها وشرفها وسمعتها لرجل كي يحميها يجب عليه أن يصون هذه الأمانة!!!.