مختصر مفيد لأثار عقيدة التوحيد

مختصر مفيد

لآثار عقيدة التوحيد

على الفرد المسلم

وثاب خالد آل جعفر

الجامعة الإسلامية

[email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

 ((مختصر مفيد لأثار عقيدة التوحيد))

   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين,محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين.

مما لا شك فيه ولا اختلاف عليه إن علم العقائد الإسلامية أو (أصول الدين) وكما يدل اللفظ على معناه هو أساس هذا الدين وبه تصح العبادات ليكون هو معنى الإسلام الحقيقي ولأن هذا العلم يحتوي الفهم الكامل والتصور التام ((لمعنى وحقيقية التوحيد)) الذي جاء به الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) والأنبياء من قبله بوحي من الله (سبحانه وتعالى)

لأخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد.

وبما آن فكرة –التوحيد- هي الأساس الذي يقام عليه الإسلام, والأديان السماوية كافة,بل هو الحد الفاصل بين الأيمان والشرك,وبسبب جهل الكثير لحقيقة هذه العقيدة..عمدنا بعد التوكل على الله على إخراج هذا المختصر مما يعرف المسـلم – غير المختص – في أهمية هذه العـقيدة, وأثارها في حياة الفرد المسلم وسلوكه عسى إن تكون مفتاح خير تسهم مستقبلا بعونه تعالى في فتح سعة مداركه ودافعا له للجد والبحث والسؤال عما هو أوسع واعمق واشمل لما ذكر هنا وما يخص هذا العلم.

لذلك آثرنا هذه البساطة ترغيبا في إطلاعكم على مزايا هذه العقيدة والتي أستخرجناها من بطون بعض الكتب الميسرة في ذلك لمشايخنا وأساتذتنا الكرام ولا فضل لنا آلا بقدر ما استخرجناه وسطرناه وإنما الفضل بعد الله لعلماء هذه الآمة   – والله الموفق

_-_-_-_-_-_-_

تمهيد:-

وقبل الولوج في صلب الموضوع ..قد يستغرب البعض أو يسأل سائل ما:وهل نحتاج لمن يذكرنا بهذه العقيدة ... أو لسنا ممن يعبد الله بحكم إسلامنا وأيماننا الذي نعرف كل أركانه ومقوماته؟

والتي نطبقها من خلال ما نمارسه من عبادات يومية.

-1-

فنقول لمن تملكه هذا الفهم الخاطئ .. إن هذا هو السبب الحقيقي الدافع لكاتبتنا هذه الرسالة الميسرة .. لأن ما يحدث في المجتمع ومن خلال دخول التيارات المنحرفة ,وشيوع التصوف الخاطئ وتغلغل القبورية المشركة.. وسيطرة الثقافات الفاسدة.. كل ذلك أدى بالبعض ممن يظن بسلامة فكره وفطرته دخول أحد أبواب الشركيات والابتعاد عن حقيقة الأيمان بالله عقيدة وتوحيدا ومن حيث لا يشعر وبالتالي فقد عزة المؤمن وشجاعة المسلم مما أدى ذلك إلى ما نحن عليه آلان من خوار في العقل وانهزامية في النفس واضطراب في المواقف .وكيف لا ونحن أمة اعزها الله بالإسلام ..نعم قدر هذه الأمة أن تعز بالإسلام لا بغيره..والإسلام أما آن يكون كما أراده الله آو لا يكون إسلاما- وهذا أمر لا جدال فيه – أما كيف نهضت باقي الأمم .. فأنها نهضت بالكيفية التي نهضت بها ,وخاطئ وجاهل كل من يقول أن لهذه الأمة تاريخ حضاري ومدني قبل الإسلام:-

شريعة الله للإصلاح  عنوان         وكل شئ سوى الإسلام خسران

تاريخنا من رسول الله مبدؤه         وما  عداه  فلا  عز   ولا  شان

    واعلم أخى المسلم إن كل اعتماد وتوكل على غير الله لأي سبب أو لأي مكسب هو خروج عن قانون هذا الدين وتقول كيف؟ نقول لك ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعدي بن حاتم عندما سمع الآية الكريمة (( اتخذوا أحبارهم ورهبا نهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا آلا يعبدوا آلها واحدا لا اله آلا هو سبحانه عما يشركون ))التوبة 31- فقال عدي  : يا رسول الله أنا لسنا نعبدهم (( ويقصد عندما كان في الجاهلية حيث كان قومه _ طئ _ ممن يعبدون الأديان السابقة للإسلام)). فقال الرسول( صلى الله عليه وسلم) : أليسوا يحلون ما حرم الله فتحلونه, ويحرمون ما احل الله فتحرمونه ؟ . قال بلى, قال الرسول: فتلك عبادتهم.     – رواه الترمذي –

-2-

وهذا هو ما وقع فيه الكثير من الناس في عالمنا اليوم باعتمادهم على غير شرع الله والاستدلال به ومن صوره ما يفتي به البعض عن غير علم أو ما تقرره بعض الحكومات الفاسدة العاملة بغير شرع الله فتحرم حلالا وتحلل حراما لغاية دنيوية فيرتضي الفرد منا ذلك دون اعتراض فبات حكمه كحكم هؤلاء الرهبان والأحبار. لذلك بات لزاما على الفرد المسلم وفي هذا الظرف بالذات التحرر من كل ولاء لغير الله والتمرد على كل قانون غير شرع الله.

يضاف إلى السبب أعلاه سبب آخر هو قلة المطبوعات الداعية أو الموضحة لهذا العلم أو لهذه العقيدة والتي هي – لب الإسلام – إذا ما قورنت بالكم الهائل من رسائل و مطبوعات مرتبة  ومنمقة .. تدور جلها حول أحكام العبادات والمعاملات – على أهميتها البالغة – لكن نجد هناك تعتيم مقصود حول إبراز مفهوم هذه العقيدة لأنها السلاح الذي تنتهي عنده كل الأسلحة .

 -اصطلاحات يجب معرفتها –

  كثيرا ما ترد على مسامعنا عبارات مثل ((عقيدة , أيمان و توحيد ..))

ولكل لفظ من ذلك مدلوله و معناه الخاص به .. وقبل ولوج موضوع بحثنا هذا .. ولأحاطتك – آخى المسلم – بكل ما له علاقة بهذا الموضوع ارتأينا تقديم تعريفات بسيطة لبعض تلك المصطلحات لكي لا يشكل عليك الأمر في المستقبل .. ويحول دون فهمك لما تقرأ.

(1)             العقيدة :

لغة :- من عقد .. فنقول عقد الحبل ,والبيع والعهد أي شده , والعقد هو العهد (1)

اصطلاحا:- هي الفكرة الكلية للإسلام.          

-3-

(2)             الأيمان :-

لغة :- مصدر آمن يؤمن أيمانا فهو مؤمن ,. واتفق أهل اللغة وغيرهم أن الأيمان معناه التصديق(2) .

   وقيل :- هو التصديق الجازم سواء تبغه عمل أم لا ومحله القلب .

اصطلاحا:- هو التصديق بالجنان - والإقرار باللسان – والعمل بالأركان. (( وفي ذلك سؤل النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الإسلام افضل ؟ قال : الأيمان....)).

(3)             التوحيد :- موضوع بحثنا –

 -لغة :- مصدر وحد توحيدا أي نسب آلي الوحدانية .(3)

-اصطلاحا :- هو علم يبحث فيه عن إثبات العقائد الدينية بالأدلة اليقينية.(4).

أو :- هو إفراد الله بالخلق والتدبير وإخلاص العبادة له وترك ما سواه.(5)

4)أما الإسلام :-

    فهو الخضوع والاستسلام الاختياري والانقياد لله رب العالمين

وقوله تعالى (( إن الذين آمنوا وعمل الصالحات كانت لهم الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )) .  الكهف –17. 18-

  أنما هو تأكيد بأن للإسلام شقان أساسيان هما العقيدة (الأيمان )  والشريعة ( العمل ).

والعقيدة وفق ذلك سابقة للشريعة : وهي الأصل الذي تبنى عليه الشريعة فمن المحال إن  تقوم بالشعائر والعبادات دون إن يتملك قلبك

عقيدة صافية , وأيمان صادق بذلك وألا فأنت من أهل النفاق لا سامح الله .

-4-

واعلم أخى المسلم : إن من تتملكه حقيقة الإيمان وتستقر في قلبه عقيدة التوحيد استقرارا حقيقيا غير مضطربا مقترنا بالعمل فأنها ستمكنه من تغيير واقعة ومن تغيير واقع الحياة نحو الفضل والأحسن – وهذه غاية الإسلام –

   كيف تنمي هذه العبادة ؟

لتكريس حقيقة هذه العبادة ولأنماء معنى التوحيد والإخلاص في عبادة الله عبادة حقة غير مشوبة يجب إن تقوم العبادة لله على ما يلي :(6)

 1- الحب الخالص لله مع الذل الكامل له .. ومظهر ذلك :- توجه العبد لله بالتوكل عليه والثقة به والخوف منه والإنابة أليه والطلب منه..وإيثار محبته وطاعته وبهذا يحقق المسلم معنى (( اشهد أن لا اله ألا الله )) بالقول والعمل .

2- كما تزداد معنى (العبودية) بقدر علم العبد بمدى فقره وحاجته ألى الله وعدم استغنائه عنه طرفة عين.

3- كما يزداد حب العبد لله وخضوعه له بقدر معرفته بكمال الله وعظيم نفعه ونعمه عليه.

-لذلك كان من الواجب على الفرد المسلم أن يتحرك ويطلب كل ما يوصل ألى هذه المعرفة من علم ودراسة وبحث وتحري لأن زيادة العلم سبب في زيادة الأيمان.

4- وأخيرا :فبقدر امتلاء القلب بالمعاني العبودية يحترز من عبودية غير الله تعالى حتى يصبح خالصا لله وهذه -أسمي درجة ينالها الإنسان-لذلك وصف الله تعالى رسوله الكريم بالعبودية  ((سبحان الذي آسري بعبده ليلا ....))الإسراء 1 .

-5-

-آثار تلك العقيدة على الفرد المسلم –

إن لعقيدة التوحيد إذا ما تملكت القلب المسلم تملكا حقيقيا آثار عظيمة في حياة المسلم . تتجلى بما ذكره أهل العلم والصلاح بما يلي :(7)

تحرير الإنسان من عبودية البشر .

وهذا يستوجب من الإنسان المسلم التحرر من كل ولاء لغير الله ,

والتمرد على كل قانون غير شرع الله .

قال تعالى : ((ولا تدع مع الله الـه أخر لا اله ألا هو كل شئ هالـك ألا وجهه له الحكم واليه ترجعون )) القصص 88

    وهذا الاعتقاد يميز المسلم الحقيقي عمن تسربت ألى نفسه وسوسة الشيطان فعقد العزم والتوكل وانقاد لغير الله .

1-              تحرير العقل من الأوهام والخرافات وحفزه على التفكير .

  لقد اتجهت العقيدة ألى العقل وعملت على تحرره من التقليد الأعمى والخضوع للأفكار والعقائد الموروثة .

قال تعالى ((ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً )). الإسراء 36

2-              الأيمان بالتوحيد ينشئ في الإنسان العزة والأنفة ... كيف ؟

ج// فالله هو القوي ولا ضار ولا نافع ولا محيي ولا مميت ألا هو , فلا يطأطأ رأسه لأحد , ولا يتضرع أليه , ولا يرتعب من كبريائه .

أما من لم ترسخ هذه العقيدة في قلبه فيرى غيره قادراً على نفعه و ضره , فيتضرع أليه ويرتعب منه وهذه من صفات المشرك والملحد.  

   ألا يوجد بيننا ألان من يشاركهم هذا الشعور ؟

-6-

3- الأيمان بالتوحيد ينشئ في المرء التواضع . كيف ؟

ج// فلا تراه يفخر بماله وعزته وكفائته , وإنما يقول : هي هبة من الله تعالى بخلاف الملحد أو من يشابههم والذي يبطر إذا حدثت له نعمة عاجلة ويشمخ بأنفه على غيره .

5-المؤمن يرى النجاة والفلاح لاتكون ألا بتزكية النفس , والعمل الصالح والبر , والتقى .

أما المشرك فيقول أن أبنّ الله قد اصبح كفارة عن ذنوبنا , ويشابههم من

ضن بواسطة الأولياء من القبوريين فلاذوا يتوددون لهم بتقديم النذور والقرابين .

6-المؤمن لا يتسرب أليه اليأس بل هو مطمئن مملوء سكينة وأملاً , ولو أهين ولو أوذي .

    أما المشرك ومن لم تخالط أعماله عقيدة صافية فلا يقوى قلبه على الوقوف بالمحن , وقد يفضي اليأس به إلى الانتحار .

7- المؤمن على قوة عظيمة من العزم والأقدام والصبر والثبات والتوكل 

 فإذا كان حاكماً لا يبتغي ألا مرضاة الله عز وجل ولا يهمه ألا إقامة العدل , لأن وراءه قوة علوية تكلؤه وترعاه وتأخذ بيده .

-           أما المشرك والملحد فلا ينتظر مثل هذه القوة ,فلا يملك عندئذ من العزم والتوكل ما يملكه المؤمن.

8- المؤمن على قدر كبير من الشجاعة والجرأة .

    لأن الذي يجبن الإنسان , ويوهن عزمه آمران , هما:

أ‌)       حبه للنفس والمال والأهل على حب الله

 ب) اعتقاده بأن هناك أحدا يميت غير الله , وأنه قادراً على أن يدرأ عن

     نفسه الموت بحيلة من الحيل

فالمؤمن يؤمن بأن مالك النفس والمال والآهل هو الله تعالى, وان المميت هو الله تعالى وحده بالأجل المحتوم المخصص , فلا يخشى عندئذ رجلا أو حرباً , فلا يكون أجرأ ولا أشجع من المؤمن الحق .

 - بخلاف الملحد والمشرك الجبان الذي يخشى زحف الجيوش وقوة العدو.

-7-

9-الأيمان يرفع قدر الإنسان , وينشئ فيه : الترفع و القناعة والاستغناء   ويطهر قلبه من الطمع واللؤم والعواطف السافلة والصفات القبيحة ,

فالرزق ليس ألا بيد الله وحده فلا نجاح ولا خسران ألا بيد الله تعالى .

-           آما الملحد والمشرك فهو عبد الطمع والشره , وهمه الكسب بالسبل المشروعة وغير المشروعة .

10- ألايمان يعطيك الشعور بالعزة والكرامة والحرية .

   فالفرد المسلم يكتسب هذا الشعور من عزة الله تعالى حيث قال تعالى :

((ولله العزة ولرسـوله وللمؤمنين ولكن المنافـقين لا يعلمـون )) المنافقون 8

فالعقيدة وكما أسلفنا تطمئن الإنسان على رزقه و اجله مما ادى هذا الاعتقاد ألى إخراجه نموذج يتصف بالعظمة .

وهذا ابن تيميه_رحمه الله_  نموذج من هؤلاء حيث قال لمن زج به من الحكام في السجن (( ما تصنعون بي أن قتلي شهادة , وأن سجني خلوة وأن نفيي سياحة ))

وهذا حبيب بن عدي يقول:

ولست أبالي حين اَقتل مسـلماً              على أي جنب كان في الله مصرعي

فالعقيدة هي التي تحرر الإنسان في روحه وعقله وتعطيه المجال الأرحب ليفكر ويبدع .

11- ألايمان يكسب الإنسان روح الانضباط والمسؤولية .   

حيث تؤدي  العقيدة بالانسان ألى أن يضبط سلوكه وفق أوامر الله وتوجيهاته فتجعله سيداً في نفسه لا عبدا لشهواته قال تعالى (( ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد افلح من زكاها * وقد خاب من دساها ))  الشمس 7_10

كما وتجعله يحس بالمسؤولية لانه مستخلف وصاحب رسالة عليه أن يقوم بواجبها قال تعالى: (( وأذ قال ربك للملائكة آني جاعل في الأرض خليفة )) البقرة 30

-8-

فما على الإنسان عند الإحساس بذلك ألا أن يضبط سلوكه ويستشعر بالمسؤولية حتى يؤدي رسالته , رسالة الخلافة في الأرض (( رسالة

الإسلام )) .

12- الأيمان يجعل الإنسان متقيدا بقانون الله ,ومحافظاً عليه فهو أن خلا بنفسه ليلاًً أو نهاراً يعلم أن عليه رقيباً , يحاسبه على كل صغيرة و كبيرة فتراه يسارع ألى الخيرات ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .

فوازعه النفسي يحضه على الخير وينهاه عن كل رذيلة .

- أما الملحد و المشرك فلا يرى شيئاً من هذا .

--أسباب الانحراف عن هذه العقيدة :-

بعد أن عرفنا ماهية عقيدة التوحيد أنواعها أثارها حري بك أخى المسلم ان تعلم أن الانحراف عن مسار هذه العقيدة الصحيحة مهلكة وضياع .. لأن العقيدة الصحيحة هي الدافع القوي ألى العمل النافع .. والفرد بلا عقيدة  صحيحة إنما يكون فريسة للأوهام والشكوك .

آما أهم أسباب الانحراف عن هذه العقيدة :- (9)

1-الجهل بالعقيدة الصحيحة نفسها بسبب الأعراض عن تعليمها وتعلمها .. أو قلة الاهتمام بها حتى ينشأ جيل لا يعرف تلك العقيدة .

-ومن جملة الأخطار التي تهدد معنى هذه العقيدة هي انه اصبح الأيمان

بها من باب الموروث العائلي -أيمان فطري- غير مدعوم بعلم ودراسة جعل منها عقيدة هشة( لدى البعض) يتخلى عنها أمام أي غزو فكري حديث .

قال عمر بن الخطاب (رض) : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا

نشأ في الاسلام من لا يعرف الجاهلية .

وهذه فراسة المؤمن التي ما بعدها فراسة وهي دعوة صادقة وحث واضح على ضرورة دراسة كل ما يتعلق بهذه العقيدة دراسة حية كي تكرس معنى الأيمان الحقيقي – لا ان يكون الاعتقاد بها اعتقادا فطرياً – كأيمان ((عجائز نيسابور)) . وهذا السبب الذي يرتقي بهذا العلم ألى درجة واجب تعلمه على كل فرد مسلم مكلف .

-9- 

2-التعصب لما عليه الآباء والأجداد من فهم سطحي دون تكليف النفس للجد والبحث عن الأصح والأتم والأنسب  .

3- التقليد الأعمى بأخذ أقوال الناس في العقيدة من غير معرفة دليلها.

4-الغلو في الأولياء والصالحين ورفعهم فوق منزلتهم (واتخاذهم واسطة

لهم بين الله وبينهم ) فضعفت ثقة المسلم بالله من حيث لا يعلم .

5- الغفلة عن تدبير آيات الله الكونية . من حيث قرأتها قراءة سطحية تعبدية لا اكثر – بينما هي فيها كل الأعجاز الإلهي الدال على وحدانيته سبحانه وتعالى .

5- خلو البيت المسلم في الغالب من التوجيه السليم نحو فهم إسلامي وأيماني صحيح .

6- إحجام وسائل التعليم والأعلام في غالب العالم الإسلامي عن أداء مهمتها ... وأصبحت مناهج التعليم ( حتى الإسلامية منها ) لا تعني بهذا الجانب العقائدي .

حتى نشأ جيل اعزل أمام جيوش الإلحاد لا يدان له بمقاومتها بعد أن نزع سلاحه الروحي وهو أصلا فاقد لسلاحه المادي .

7- التضليل والتغيب لإبراز معنى مفهوم – عقيدة الولاء والبراء        – وما يجب للمسلم الالتزام به والابتعاد عنه وخاصة ما يلتزم بجانب العقيدة ... وخصوصاً إذا ما علمنا أن غالبية المسلمين يجهلون معنى هذه العقيدة .

8- عدم تقديم كتَُاب و مثقفو الأمة – النظرية الإسلامية –  كحل أمثل لأمن وأمان هذا العالم وانه الحل لأنتشال ما يعاني منه العالم من اضطهاد وفساد وتفكك ..وتقديم النظريات الغربية والمستوردة على أنها الأنموذج الأمثل لذلك فصار جل اهتمام الشباب الإسلامي بها

كالديمقراطية والرأسمالية والعولمة ....الخ .

-10-

الخلاصة:-

بعد هذا العرض لصورتين متضادتين تمثل احداهما حال المسلم الذي تملكته عقيدة الأيمان والتوحيد وما بها من إيجابيات وعلى النقيض منها صورة المشرك الملحد أو من لم تكتمل عنده حقيقة الأيمان بالله فأصبح صورة من صورهم ..وبذلك علمنا أن سر المحنة هو – غياب الأيمان – ومن جميل ما قاله المفكر الإسلامي (محمد الغزالي) :((لا شك أن المحنة التي يعانيها العالم آلان – أزمة روحية – منشؤها كفره بالمثل العليا التي جاء بها الدين)).

تلك المثل التي لا تتجلى حقيقتها ألا في الدين الإسلامي الدين الخالد الناسخ لغيره من الأديان والمركوزة فيه من خلال عقيدة التوحيد التي هي لب الإسلام وأساسه ومنه تنبثـق سائر أحكامه وتعاليمه .

لنصل ألى أصل المشكلة واضعين أصابعنا على الجرح ... للتجلى تلك المشكلة في جاهلية المجتمع !.. نعم هي جاهلية كل الأطراف بالله تعالى

-    فأختل توازن الحياة وتضاربت القوى في صورة صراع أزلي موزعة بين جهالة الغرب – المادي والإلحادي – بالله تعالى جعلهم يمعنون بغيهم وفسقهم في المضي لإفساد هذه الأرض والاعتداء على غيرهم من الأمم ممن لا يجاريهم الرأي- وجهلهم في الوقت نفسه بما يحمله الطرف الآخر من النزاع – المسلمـون – جعلهم يظنون فيه منبع الخطر - وهم العالمون بخطر هذا المـارد إذا ما تملكته عقيـدة الأيمان الصحيح وفي المقابل, جهل – المسلمـون – بمعنى عقيدة التوحيد وعدم تملكها في نفسهم تملكاً حقيـقياً كما يريدها الله تــعالى وكما يظن بـها العدو المتربص بهم ,جعلهم عنصر الضعف ومكان الوطء في طرفي النزاع  لأنهم ما حسبوها حساب رباني على علمهم بذلك بقدر ما حسبوها حساب دنيوي . أذن هو صراع الجهلة (الجاهل) المالك لسبيل القوة المادية والجاهل المتناسي لتلك العقيدة التي هي سلاح الردع والصد لكل بغي وبالنتيجة كلاهما جاهل بنفسه و يجهل انه جاهل فأصبح جهلهما

-11-

مركباً ولن يوضع حد لهذه الفوضى الدنيوية ولهذا الصراع الأزلي بين كلتا القوتين - قوة الخير وقوة الشر – ألا بعودة كلا الطرفين أو أحدهما ألى رشـده . لذا بات من الحري و الواجب علينا أن نعيد النـظر بحقيقة ما نعتقده  بحق هذا الدين – القيم – ويجب أن  نسأل أنفسنا هل بلغنا من الفهم والوعي ما يجب أن نكون عليه وكما يريدنا الله تعالى  ؟  ألم يخالط تلك العقيدة ما يشوب فهمها ويعكر صفوتها  ؟ حتى أصبحت تفقد بريقها وأهميتها لدى البعض من دعاة الانفتاح والتغريب ألى حد خطير يجب التنبه أليه و الوقوف عنده ونحن نسمع ما يتذرع به أولئك المندسون على هذا الدين تحت حجج واهية وأفكار مسمومة بحجة ثقافة العصر والانفتاح على الغير وتلاقح الأفكار .

(( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هـديتنا وهب لنا من لـدنك رحمة انـك آنت الوهـاب ))       آل عمران 8

والحمد لله رب العالمين

              

(1) المختار الصحاح

(2)في ظلال الإيمان ..د. صلاح عبد الفتاح ألخالدي

(3)أصول الدعوة .. د.عبد الكريم زيدان

(4) أصول الدين.. د.رشدي عليان

(5)أصول الدعوة.. د.عبد الكريم زيدان

(6)عقيدة التوحيد ..الشيخ عبد العزيز بن باز

(7)نقلت بتصرف من كتابي : آ . أصول الدين ..... د. رشدي عليان

ب. العقيدة الإسلامية... د.الخطيب

(8) عقيدة التوحيد .. الشيخ بن باز " بتصرف "