السيجارة

السيجارة*

محمد قاسم (ابن الجزيرة)

[email protected]

((أراها تراودني عن إبائي...)).

الأستاذ دهام حسن المولع بالسيجارة حتى الوله...!

العاشق لها من أعماق نفسه بلا حدود...!

المتغزل في نفثات دخانها المتموجة، وهي تتعالى نحو السماء، تدق.. وتتلاشى..

في بيئة تنشر فيها ما تستطيع من تلويث وتسميم..

الغارق في أخيلته.. وأحلامه المتخيلة، حتى الوهم معها..!

التائه عشقا من وخزات صديقته الماكرة ..السيجارة..!

تلك التي تنهش في جسده وفي روحه يوما بعد يوم...

التائه في صحراء وهم مغريات؛ هي ذاتها ليست سوى وهم متخيل اصطناعا..

وهم في جانبه الجميل، وواقع في أثاره الموجعة..بل القاتلة..

هذه المصيبة التي ابتلي بها البشر منذ زمن طويل..طويل..

مصيبة تستهلك المال، والصحة، وأناقة الأسنان البيضاء، ونصاعتها..

مصيبة تستهلك عبق رائحة الجلد الطري الخارج من حمام أنيق..

مصيبة تصفرّ منها أنامل، وشفاه، وأسنان..وتيبس..

تيبس أنسجة طرية ناعمة فتخشن بعد نعومة،وتتصلب بعد طراوة..

تحترق منها أنسجة رقيقة طرية ناعمة..

فتصبح جلدا صلبا يستعصي على ملامسة رقيقة..

ممتعة ولذيذة..

وتتحول الشفاه إلى شيء أشبه بعضلات صلبة ..تفقد مرونتها وطراوتها وملاستها..

حتى الكلمات ترتعش عندما تخرج من بينهما متأففة ضجرة من رائحة البارود..

وأما الصدر المسكين، فيستحيل مرتعا لتخريش، وتخريب يطال كل ما يضمه..

رئة تسودّ بعد لون وردي صاف..

وكبد يكتسب قتامة بعد لون رائق..

ومعدة تئن من آلام تحرمها لذة أطايب الطعام ..

وأشهى الفواكه، وأرطب الشراب..

وغيرها من أجهزة منحها الله للإنسان ليستمتع بها، ويلذ له ممارساتها في سياقاتها التي خلقت لها..!

وهل نتحاور حول لغة الأرقام، والتي تؤكد آلاف الموتى ..بل ملايينها من ضحايا معشوقتك الماكرة يا سيدي..؟!

هل نذكّر بالأرقام، ملايين الدولارات والجنيهات التي تحترق مع احتراق ملفوفتك اللئيمة..؟!

ناهيك عن المليارات من الدولارات والجنيهات التي تستهلك لمعالجة المصابين بآفات عزيزتك الشمطاء..؟!

حتى الفحولة تتلاشى كضحية تموت بطيئا:

تحذر دراسة جديدة من ان التدخين الذى عادة ما يرتبط تسويقه باعتباره رمزا للرجولة يزيد من احتمالات الاصابة بـ"العجز الجنسي". وقال كريستوفر ميليت الباحث فى كلية لندن الملكية والذى عمل فى الدراسة "الرجال الذين يدخنون أكثر عرضة للاصابة بالعنة بنسبة تصل الى 40 فى المئة مقارنة مع غير المدخنين". –المصدر موقع الركن الأخضر(www.grenc.com) 27/7/2007

حقا إنها لصديقة ماكرة..ومعشوقة غادرة..وملفوفة ملؤها السم الزعاف..

إنها عدوة في ثوب صديق..!

أفلا نتدبر الآيات وسيرها.. وعلائم الوجع.. وآثارها.. ونتائجها.. !!

لقد أحسن شاعر اسمه سلامة خاطر في توصيف هذه الآفة الموجعة عندما قال:

شـهـيق زفير دخان غزير
تـنـافس أربابها iiفاستعاروا
تـلاشـت إرادة iiمـستبسل
وذابـت إصابة أهل iiالصـ
أراهـا  تراودني عن iiإبائي
أغـالب رأسي واكبح iiنفسي
خـلـقـنـا أسارى iiتقاليدنا






مـن  الرئتين إلى iiالحنجرة
لها المجد من مصر وانكلترة
حـيـال مرا شفها iiالساحرة
ـواب بقوة سلطانها iiالقاهرة
وتـجأر بالزج ر iiوالسيطرة
وفـي خاطري نزوة iiسادرة
ألا  قـتـل المرء ما iiأكفره

وعذرا صديقي دهام إذا جاءت الكلمات بخلاف ما قمت به من مغازلة لمعشوقة ماكرة لا تستحق منك ولا من احد أن يضحوا بما يضحون به من اجلها وربما كان الخير كله ان نقطع دابرها لنعيش في أمان من شرها المؤكد..!

              

*بمناسبة نشر مقال للسيد دهام حسن حول السيجارة بعنوان (سيجارتي)منشور في موقع ولاتي مه