تفرقنا "سايكس بيكو" وتجمعُنا "لبّيك"
تفرقنا "سايكس بيكو" وتجمعُنا "لبّيك"
مرام شاهين
كنتُ قد عنوَنتُ مقالي هذا بـ (لا تلعنوا سايكس بيكو ، فنحنُ لها عبيد)
ثمَّ أخذت بي الظّروف يمنة ويسرى ، ولم أكمل المقال ، وعندما عدتُ أدراجي لأستكملَ مافيه ، صادفَ أن جاء موسمُ الحجّ .. فقرّرتُ أن أحيدَ عن الأوّل بالثّاني ..
أعتقدُ أنَّ عبوديّتنا العمياءَ لذاكَ الاتّفاق ، كان بسبب معلّمتي
كانت تردّدُ لنا عن الأوطانِ و بلادِ العُرب ، تطلبُ منّا أن ننسخَها ثلاثَ مرّات و نكرّرها ضعفاً ، و نأتي في اليومِ المقبل لنلقيها على مسامعها ، ثمَّ تخرجُ هي من الغرفة الصفيّةِ منهمكةَ الفكر ، مشغولةَ البال ، تفكّرُ كيفَ ستقابلُ المديرَ بلهجتِها المغايرة ، وكيفَ سترفعُ أوراقها للتربيةِ والتّعليم حاملةً رقماً من بلدةٍ يُفترَضُ أنّها مُجاورة ؟
عبثاً قد طلبت منّا أن ننسخَ (وكلُّ العُربِ إخواني) ثلاثَ مرّات !
عبثاً حاولت جاهدةَ أن تُقنعنا بأنَّ الأرضَ الكرويّةَ جِدُّ صغيرة ،
وأنَّ الإنسانَ فيها إذا ما اشتكى .. تداعى لهُ الجسدُ بأسرهِ .. وانتفَض !
وإنّني لطالما تساءلتُ ، عن الدونماتِ التّابعةِ للدّولة (س) ، إذا ما أخطأت اتفاقيّةً الزّعماءِ و جعلت منها تابعةً لـ (ص) ، هل كانت نساءُ الدّولةِ (ص) ستنتقصُ من عاداتِ المقيمينَ في تلكَ الدونمات ؟ أم أنّها قبل جلساتِ النّميمة ستستعينُ بالخريطة ، و توزّعُ آفّاتِ لسانِها تبعاً للتّقسيمات والخطوط ؟ والأجناسِ والأعراق ؟
هل سيرمي المُفتّشُ رمادَ سجائرهُ في وجهِ طفلٍ مشرّدٍ يشبهُهُ في تفاصيلِ الوجه ، في أصلِ التّكوينِ الطينيّ ، والنّهايةِ والمصير ، واللّغةِ وأعضاءِ الجسَد ، إلا أنهما مختلفان في الكلمةِ المرافقةِ لوصفِ (جنسيّة) ، بسبب الخطأ الذي اقترفتهُ الزعماء ما بينَ خطوط (س) و (ص) ؟
نحنُ تماماً كالدّمى .. تحرّكُنا تقسيماتُهُم
نتبعُها ، نهواها ، نركلُ بناءً على حِماها ، نعبدُ الجُغرافيا التي جاؤوا بها ، نُقدّسُ الأشخاصَ بناءً على ألوانِ الأعلامِ المفروضة ، لا التقوى المعهودة !
في ذاتِ الحين .. يجمعُنا البياضُ حولَ الكعبة
يلتفُّ ذاتُ المفتش وذاتُ الطّفل .. المعلّمةُ والمديرُ والوزير !
لا شيء يفصلُ بينهما سوى ميزانُ العدلِ الذي سيقصُّ ظهرَ الظّالمينَ إذا ما تفوَّهَ بهِ مظلومٌ من دونماتِ (س) كان يعتقدُ في طفولتهِ أنَّ حروفَ الأبجديّةِ كلّها لا معنى لها إذا ما صرَخ ، أنَّ الشدّةَ و عائلةَ التّنوين أجمع ، سيأتون إليه .. حبواً حبواً !
تفرّقُنا (سايكس بيكو) بإرادتنا ، وتجمُعنا (لبّيك) رغم أنف الرّافضين!