الدفاع عن الأمل

فاطمة قاسم

المثقفون هم عقل الأمة ، ووعيها المتجدد ، ورصيدها الذي تستعين به ، وتلجأ إليه حين يأتي الزمن الصعب ،وهم شموعها ونورها حين يحل الوقت المظلم ، وهم دفئها في زحف الشتاء القارص وطمأنينة شعبهم حين يكون الخوف .

والمثقفون لهم مهمة رئيسية يتمحور حولها نشاطهم طيلة حياتهم ، وهذه المهمة هي الدفاع عن الأمل حين يسيطر اليأس في الوطن ، ويسكن الناس ، وتغلق الأبواب والأفاق بسدود من الإحباط والعجز والفشل المتكرر، حيث المشاكل تتفاقم بلا حلول .

نحن في فلسطين ، وفي قطاع غزة بشكل خاص ، نمر بهذه المرحلة القاسية ونعيشها ، على الصعيد السياسي ، بيننا وبين الاحتلال ،وعلى الصعيد الداخلي من خلال الانقسام .

نتيجة لذلك فإن مهمة المثقفين الوطنية ، أحرار الإرادة ، المتحررين من كماشة التشنج الإقليمي ، والمتحررين ولو نسبيا من هيمنة التراشق الفصائلي المؤذي والمعيب، والذي صدق العالم ما يكيله كل طرف للأخر، لنحولنا إلى شعب شاذ مطعون لا يستحق الحياة .

هؤلاء المثقفين تقع عليهم تقع عليهم مسئولية مضاعفة ، وهي إشاعة الأمل ، والدعوة إلى الأمل من خلال التأكيد المستمر على أن الانقسام ليس قدرا ، بل هو فعل خاطئ يمكن تصحيحه بالمصالحة ، والمصالحة الوطنية هي الأولوية الأولى في السلم والحرب ،في المفاوضات والاشتباك في الميدان على حد سواء ، لأنه ليس هناك شعبا يتجه إلى تحقيق أهدافه الكبرى بدون وحدته الوطنية ، وبدون المصالحة الأهلية الداخلية التي تعيد توجيه البنادق إلى العدو وليس إلى صدر الأخ والشقيق .

الكائن منصوبة للمثقفين في كل مكان ، لاستدراجهم للغة الجهلة والمدعين من أنصاف الأميين ، وتحويلهم إلى أصوات مأجورة ، ينتمون إلى تلك الطبقة ممن باعوا أنفسهم لصانعي الفتنة ، بحيث اصبحو منظرين لليأس والإحباط ، مروجي للإشاعات والفتن ، ونحن نرى نماذج من المثقفين العرب الذين باعوا أصواتهم للقنوات والفضائيات التي ترعى التراشقات الفصائلية ، والإقليمية وتأججها ، هؤلاء هم أنفسهم أصبحوا عالة على أنفسهم ووباء يقتل وعي شعبنا وامتنا ، غير أن هؤلاء لن يصمدون طويلا ، إذ سرعان ما يتساقطون عن جسد الأمة كما تتساقط الأوراق الجافة ، ليعود للجسد سلامته ووعيه وصفاء روحه .

المثقفون الفلسطينيون اليوم في قلب الميدان ، فهل يرفعون الراية البيضاء للانقسام ، ويسلمون له مطلق التسليم ؟

هل يمنحون له الشرعية ، ولهذا الوضع المتهافت والمتراجع للمنطقة من حولنا ، والذي ينعكس سلبيا علينا في فلسطين ، نحن أهل القضية ؟

المطلوب من المثقفين ليس كثيرا ولكنه ليس سهلا أيضا

المطلوب من المثقفين الفلسطينيين في هذا الوقت المليء بالإحباط والمثير لليأس

أن يدافعوا عن الأمل