ليلى ابنةُ كنعان ..!!

سامح عودة/ فلسطين

[email protected]

اعذروني لوهلة إن حذفتُ " حرف الدال " قاصداً وإن أزلتُ الألقاب متعمداً، فذاك لأن بعض المقامات الرفيعة والهامات العالية تلازمها الألقاب وإن حذفت، لأن عطاءها الذي لا ينضب جعلنا نبجلها ونشير إليها بالبنان، تستطيع أن تضع لها ما شئت من النعوت ذلك لأنها تسبقُ الريح العاتية في العطاء والتضحية .. وتسطعُ قبل الشمس، وتجري في الميدان كمهرة تقفزُ عن كل فواصل التيه، تعدو بخطىً واثقة كأنما تحسبُ النهايات قبلَ قراءة البدايات، وفي ذلك فطنة النجباء، وليلى ابنةُ كنعان أو ابنة غَنّام كما تحبون، سيرة تزركشها فسيفساء نادرة..!! شكلتها هندسة فيزيائية خاصة أظن أن سر تركيبها أنها انحدرت من نسل كنعان الذي عمر هذه البقعة من الأرض فظل ذكره وذكراه خالدة، وبقينا نحنُ معشرَ الفلسطينيين نفاخر الأمم بانتسابنا إليه . ليس من باب الترف .. أو الفضول اختيار العنوان " ليلى ابنةُ كنعان "، لأن هذا العنوان الممتد بين الماضي البعيد والحاضر القريب فيه اختصار لحكايا من مروا من هنا، فنقشوا على الصخر تاريخ وجودهم الإنساني بسواعد سمراء وعرق جبين زاخر بالجدَّ والتعب، ولهذا فنحن لا نكتبُ هذياناً خالصاً أو أنطولوجيا مرهفة عن خيالٍ بعيد، إننا نعيد قراءة مربعات التاريخ بتسلسل دمث، لذلك أتى العنوان في سياقه الصحيح، يعبرُ المدى الرحب، مذكراً بسير أبناء كنعان وليلى منهم. أظنُ أنكم عرفتم أن ليلى بنت كنعان هو عنوان مقالٍ يليق بالدكتورة ليلى غنام محافظ رام الله والبيرة، وهنا وحفظاً للمقامات واحترماً للهامات العالية أعدتُ " الدال المحذوفة" والعطوفة المغيبة، فلا تظنوا أنني هفوت..!!. آثرتُ أن أكتب عن ليلى ابنةُ غنام في السياق الذي خلدتُ به المرأة الفلسطينية بعناوين مختلفة ومنها أحلام أمي، وجدتي على فراش الموت، وأم غانم، ودلال الأسطورة، وأحلام التميمي وأشياء أخرى مقالاً أو نثراً، وفي هذا السياق المتلازم آثرتُ أن أكتبَ عن الدكتورة غنام الأخت التي لم تلدها أمنا، والمناضلة التي لم تقهرها الظروف ولا الاحتلال نفسه، أظن أنها فرضت نفسها على الخارطة بجدارة فاستحقت أن نخلدها بحروفنا المتواضعة. مؤمنون بمقولة أن الفراغ لا يولّدُ إلا العدم، وأن الزهرة تلدُ ثمرة أو بذرة فتعود إلى بداياتها الأولى وتكمل أطوار الحياة المتبقية، مدركا أن تولي منصبٍ كمنصب محافظ - أو الوالي كما يسميه البعض - ليس بالأمر السهل خاصة في بلد كفلسطين لا يزال الاحتلال حاضراً في المشهد، لأن هذا المنصب له استحقاقاته المهنية والأخلاقية قبل الاستحقاقات الوظيفية، ويزداد الأمر تعقيداً وتعقيداً إذا تدخلت عناصر أخرى كالنوع الاجتماعي " ذكر أو أنثى " أو إذا اتسعت حدود ولايتك الجغرافية وزاد عدد مواطنيها، هذا يعني أنك على مدار الساعة عليك أن تتواجد في كل مكان وفي كل المناسبات ما يولد حالة إرهاق متواصلة .. لكن هذا التعب يولي هارباً أمام نجاحات متتالية تمسح سحائب التعب بأمطار الغبطة والفرح. على يقين بأن الدكتورة غنام وخلال فترة عمل تجاوزت أصابع اليد بقليل من السنين ، كأول امرأة فلسطينية – وأول امرأة عربية - تعمل في هذا المنصب حققت نجاحات أبهرت الجميع ما جعلها تحتلُ عنواناً بارزاً في الأخبار، حقاً إنها النجمة الفلسطينية التي استطاعت أن تخرج بسيرتها ونضالها المستميت في مهمتها الصعبة خارج محيط فلسطين ليسطع نورها أينما حلت، تؤكد ما أكدته أخواتها ليلى خالد ودلال المغربي وأخريات، أن الفلسطينيات رقمٌ صعب في المعادلة وعلى الكون أن يدرك أن الفلسطينيات أرق من نسائم الربيع إذا هلت، وفي ميدان التحدي هن سهم ثاقب لا يخطئ الهدف. عودتنا تلك الاخت المتمرسة أن توجه سهام نجاحاتها في كلا الاتجاهات، وأن تخوض جميع الميادين غير أبهة بالخسارات، فهي التي واجهت صلف الاحتلال ومستوطنيه بعنفوان، وقادت رجال الأمن في حملات بسط الأمن وتعزيز سيادة القانون، وأذكر أنها كانت في المقدمة تغيث المواطنين المتضررين خلال هذا العام جراء الأحوال الجوية الصعبة التي عاشتها البلاد وتراكم الثلج على شوارع رام الله الباردة، لقد اتبعت إستراتيجية فذة تقوم على أساس أن إدارة شؤون البلاد والعباد لا تكون بالتواجد في المكاتب وادارة شؤون الحياة بالهاتف، أذهلتني هذه الإستراتيجية كما أذهلت كثيرين، إنها وصفة خاصة لا تليق إلا بالكنعانيات دون غيرهن .. وليلى ابنة كنعان واحدة منهن ..!!