الأستاذ البنا والتجديد الإسلامي

الأستاذ البنا والتجديد الإسلامي

محمد مسعد ياقوت- باحث تربوي

بلطيم كفر الشيخ

[email protected]

http://www.ebdaaty.com/yakout

 إذا ما أعملنا محركات البحث العملاقة  في تراث الأستاذ البنا ـ رحمه الله ـ ؛ فسوف يحصل الباحث على نتائج عظيمة في هذا الباب ( التجديد) ؛ الذي طالما نادى به  علماء الإسلام وأعداء الإسلام على حد سواء ، مع فارق النية والهدف .. إن الباحث الذي أمضى سنوات طويلة في البحث عن صياغة واضحة محددة لمفهوم التجديد الإسلامي وآلياته ؛ ليجد في تراث البنا ضالته المنشودة .. يجد معالم المنهج السلفي التجديدي المتكامل في رسائل وكتابات الأستاذ البنا ..

و لقد كان جلياً عند الإخوان أنهم ليسوا دعوة كالمؤسسات الدينية التقليدية ، أو  الطرق الصوفية، البدعية منها والسنية .. بل كان واضحاً لديهم أنهم دعاة تجديد .. أو بعبارة الأستاذ البنا في وصفه للإخوان المسلمين بأنهم " دعوة من الدعوات التجديدية لحياة الأمم والشعوب" (دعوتنا في طور جديد، الرسائل ، 133)..

 ويبين الأستاذ البنا  أن من أهم مقاصد دعوة الإخوان المسلمين هو " جمع المسلمين عملياً على مبادئ كتابهم الكريم بتجديد أثره البالغ القوى في النفوس ". ويؤكد أن القرآن الكريم بطبيعته  يعمل على "حث الناس على تجديد النظر" (العقائد ، الرسائل، 405).

  وإن الشيخ البنا كما يأمر أتباعه أن يكون دعاة تجديد يحملون دعوة تجدد الشعوب والأمم ـ كما بين ـ فإنه يطلب من مريديه أن يمارسوا هذا التجديد في نفوسهم وأرواحهم ووجدانهم ، فالأستاذ البنا يريد منا أن  نقوم " بتجديد نفوسنا وبناء أرواحنا بناءً  غير هذا الذي أبلته السنون وأخلقته الحوادث وذهبت الأيام بما كان فيه من مناعة وقوة ، وبغير هذه التقوية الروحية والتجديد النفسي لا يمكن أن نخطو إلى الأمام خطوة " ( هل نحن قوم عمليون، الرسائل، 38).

 ومن ثم ينقلون هذه الروح التجديدية إلى الأمة .. أو بعبارة الأستاذ البنا : " أن الإخوان المسلمين يقصدون أول ما يقصدون إلى تربية النفوس وتجديد الأرواح وتقوية الأخلاق وتنمية الرجولة الصحيحة في نفوس الأمة ، وقد يعتقدون أن ذلك هو الأساس الأول الذي تبنى عليه نهضات الأمم والشعوب"  ( هل نحن قوم عمليون، الرسائل، 38) ..

  وعندما يتوجه الأخوان إلى الأمة بهذه الروح ، فإنهم ينطلقون بعد ذلك إلى التجديد لأمر هذه الأمة ، أو بعبارات الأستاذ الرشيقة : "  التّجديد لأمر الأمّة بعد زمن غابت فيه شمس الإسلام العظيم ، ومن هذا التّجديد تغيير النّظرة إلى الإسلام من أنّه دين مقتصر على العبادات والمعاملات؛ لا يلتفت إليه في دنيا النّاس إلى حالة نهضويّة في النّظرة ؛ يمثّل الإسلام فيها منهجاً للحياة وطموحاً للبشريّة  ، بشموله ودقّة تفاصيله وروعة أحكامه وصلاحيته لكلّ زمان ومكان ومخاطبته للعقل والرّوح معاً وبأنّه دين الفطرة  القادر – وحده - على إسعاد النّاس بتعبيدهم ربهم، وتأمين الحياة الكريمة لهم ، وإنّه دين الحياة كما أنّه دين الآخرة" (في الطريق إلى دعوتنا،5)..

 والحق أن الأستاذ البنا وضع المنهج الإسلامي المنضبط في تجديد العلوم الإسلامية المختلفة .. نرى ذلك جلياً  في رسائله ومقالاته .. 

نعم!جدد هذه العلوم الجليلة حتى منهج العقيدة الإسلامية والذي سماه بآخر التجديدات..وأقرأ قوله:"أمّا آخر هذه التجديدات فهو طبيعة التّعامل والنّظر إلى العقيدة الإسلاميّة،فبعد عقود من الزّمن سيطرت فيها المذهبية داخل أهل السّنة والجماعة  على أسلوب تناول العقيدة ، جاءت الدّعوة الإسلاميّة المعاصرة لتعيد الأمّة إلى إيمانها العذب الرّحب وعقيدتها العمليّة بعيداَ عن المذهبية الضيّقة"(في الطريق إلى دعوتنا ، 7)..

 ولا تخفى مدرسة البنا في أسلوبها المتميز في عرض العقيدة الإسلامية السنية .

 والكلام يطول في منهج الأستاذ البنا في تجديد العلوم الأخرى ..

 ولكن ..  أدعوكم إلى مائدة الأستاذ البنا الغنية السخية .