بعض مظاهر العربي
معمر حبار
الحجر لا الإنسان: لم يعرف عن عرب الجاهلية، أنهم إتّخذوا البشر آلهة، وعبدوها من دون الله، كما فعلت الأمم التي سبقتهم، والتي عايشتهم.
لكن في المقابل، إتّخذوا الأحجار آلهة، وطافوا بها، وكانت تباع وتشترى، والحج عندهم عبادة وتجارة، وفرصة لبيع الأصنام للوفود القادمة.
والسؤال المطروح، لماذا العرب إتّخذوا الأحجاردون البشر آلهة، وهم الذين يعتقدون أنهم الأفضل والأحسن، لأن الله أكرمهم بالكعبة، وفصاحة اللسان.
والإجابة على ذلك، أن العربي بطبعه، لايقبل الخنوع لمثله، ويفضّل تمريغ وجهه في التراب، وأمام حجارة يقر ويعترف أنها لاتضر ولا تنفع، ويتخذها من دون الله إلها، ولا يعبد إنسانا مهما كان.
فالمسألة لاعلاقة لها بالعبادة، بقدر مالها علاقة بعدم عبادة الأشخاص، مهما علوا في المنزلة، وفي نفس الوقت عبادة حجارة، مهما كانت صغيرة حقيرة الشأن.
لو طبقنا هذه الملاحظة على بعض السلوكات اليومية، لتوصل المتتبع إلى حقائق تثبت ذلك وتؤكده من خلال أمثلة يعيشها يوميا.
أنا فقط لي حق التهنئة: عيد هذا العام، صدرت التهنئة من "خلفاء المسلمين !!"، القدامى والجدد، فاحتج كل خليفة على الآخر، وكل إعتبر نفسه أنه الأولى بتقديم التهنئة لشعوب المسلمين، باعتباره خليفة الجميع، واتّهم كل منهم الآخر، باعتباره لايحق له تهنئة المسلمين، لأنه ليس خليفة شرعيا.
قبيلتي فوق الجميع: في دائرة مستديرة حول الوضع في ليبيا، وعبر الفضائية البريطانية BBC، ببريطانيا، إجتمع الليبيون، وكل منهم قال ..
الجهة الفلانية هي الأقوى، لأنها مع القبيلة الفلانية. ويكمن الحل في ضمان ولاء القبيلة الفلانية.
الملاحظ، أن العربي كلّما إمتد في الكون، ضيّق من دائرته. فهو في أوربا حيث إختلاط الأجناس والأوان والثقافات، إلا أنه مازال ينتسب للقبيلة ويفتخر بها، وهو الذي يرى بأم العين، زوال الحدود وإندثارها، مايدل على ضيق في الأفق، وقصر في النظر. فهو أسير قبيلة، ولو سكن ناطحات السّحاب.
في الجهة المقابلة، تجد الأوربي يوسّع دائرته كلّما إمتد في الكون. فهو يتحدث بالإنسانية إذا تطلب الأمر ذلك، ويتحدث بلسان جنسيته إذا تعلّق الأمر بوطنه، ويتحدث باسم الاتحاد الأوربي، إذا وجد الدائرة تستحق النشر والاتساع، وباسم الحلف الأطلسي، إذا هدّد في أمنه ومصالحه. فالدائرة إذن، في إتساع دائم، فهو لايخشى على نفسه الذوبان أو منافسة أخيه، ناهيك عن محاربته له.