كيف تعامل العالم الفقيه بوعبد الله مع الشيخ محمد الغزالي؟
كيف تعامل العالم الفقيه بوعبد الله
مع الشيخ محمد الغزالي؟
معمر حبار
مقدمة التلميذ الزميل : كلما يلتقي صاحب الأسطر، بالإمام الفقيه بوعبد الله، إلا ويلهمه بأسطر ينقلها عنه، أو مقال يخطّه عن موقف وقفه مع شخص، أو فكرة أثارها، فاستوجبت حبرا وأسطرا.
ومنذ أسبوعين، إلتقى به، ودعى شيخه على فنجان قهوة، وكوب من الشاي، وقليل من المكسّرات، خارج ضوضاء المدينة، وبعيدا عن زحمة السّير، فكان اللقاء، وكانت هذه الأسطر ..
المساجد بعد زلزال 10 أكتوبر 1980 : بعد زلزال 10 أكتوبر 1980، تعرّضت الأصنام سابقا، والشلف حاليا إلى دمار كبير، أصاب كل نواحي البلدة. والمسجد العتيق بوسط المدينة، من بين المنشآت التي تضرّرت جرّاء الزلزال.
حالة المسجد المتضررة، دفعت بالناس إلى إتّخاد الساحات العمومية مساجد، خوفا على الأرواح.
أما فيما يخص وسط المدينة، فقد تمّ بناء مايشبه المسجد بالزنك، في انتظار ترميم المسجد العتيق، وإدخال عليه بعض التعديلات، وتصحيح بعض الأخطاء، التي كانت سببا في قتل عدد كبير من المصلين، أثناء زلزال 10 أكتوبر 1980.
وقد رأى صاحب الأسطر، لأول مرة في حياته القتلى، وأناس يصارعون سكرات الموت، وهو طفل في 14 من عمره.
تدشين المسجد العتيق سنة 1986 : في سنة 1986، تمّ تدشين المسجد العتيق. فاجتمعت لأجل التدشين، لجنة من الشؤون الدينية، ووالي الولاية يومها، فاقترحوا أن يكون الافتتاح على يد شخصية معروفة في عالم الدين.
فاتّفقوا بالإجماع على أن يكون الافتتاح على يد الشيخ محمد الغزالي، لما له من باع طويل في مجال العلم والدين، وقبولا حسنا عند المسلمين جميعا، والجزائريين خاصة.
وكان الاتفاق أيضا، على أن يقوم الشيخ محمد الغزالي، بإلقاء درس الجمعة، ثم يليه من يقوم بإلقاء خطبة الجمعة. فمن ذا الذي يلقي الخطبة في حضرة محمد الغزالي؟.
إقتراح الشيخ بوعبد الله لإلقاء الخطبة : صمت الجميع، وكلّهم ينتظر أن يلقي الغزالي، الدرس والخطبة معا.
وبينما الجميع في دهشة من الأمر، إذ بوالي ولاية الشلف يومها، يحسم الخلاف، ويقطع التردد، ويفصل في الأمر، ويشير بيديه، ويرفع من صوته .. هذا الشيخ هو الذي يلقي خطبة الجمعة.
إنه الإمام الفقيه الخطيب الشيخ بوعبد الله، الذي لم يستطع التحكم في نبضات قلبه، وأصابته رعشة لم يكن ينتظرها ولا مستعدا لها. وقال للوالي ..
أألقي الدرس في حضرة الشيخ محمد الغزالي؟. فأجابه الوالي .. نعم، وأنت أهل لها.
كان الإمام بوعبد الله، يومها شابا في مقتبل العمر، تدرّج في إعتلاء المنابر، لكنّ تميّز عن غيره، أنه تتلمذ على جبلين، وتربى في أحضانهما. ومن يعايشه يلمس الثمرة التي أينعت، والشجرة الباسقة التي تمتد في العمق، كلّما امتدت علوا، والشيخين العالمين الفقيهين، هما ..
الشيخ الجيلالي البودالي، ويكفيه شرفا، أن الشيخ ابن باديس، كان يكلّفه شخصيا بكتابة المقالات، لما أوتي من بلاغة وفصاحة، قلّ نظيرها.
والشيخ سي عبد القادر، فقد كان عالما فقيها، أوتي القدرة على استنباط الأحكام.
الفقيه بوعبد الله لايقلد الشيخ محمد الغزالي : يقول الإمام الفقيه، بوعبد الله، وقد مرّت على الحادثة 28 سنة ..
قلت يومها في نفسي .. أيعقل أن ألقي الخطبة في حضرة الشيخ محمد الغزالي، وأنا الشاب الطري، ثم حدّث نفسه قائلا ..
ستكون الخطبة بإذنه تعالى من أفكاري، ولن أقلّد فيها الشيخ محمد الغزالي. وسأسعى لكي يسمع الجميع بما فيهم الغزالي، الجديد من الكلام، والممتع والمفيد. ولن أكون نسخة لغيري، ولا للغزالي.
ويواصل قائلا ..عكفت تلك الأيام على القراءة والكتابة، لأعد الخطبة، ليست فيها رائحة التقليد للغزالي ولا لغيره. ويعترف أنه نجح في إعداد خطبة، تحمل بصماته، وغير تابعة لأحد، ونابعة من هذه الأرض الطاهرة.
إن الجزائر، تملك من العلماء الأحياء والأموات، مايجعلهم قدوة لغيرهم، ومثالا لغيرهم.
ومازال الإمام الفقيه، بوعبد الله، يمقت التقليد وينبذه، ويدعو إلى أخذ الفقه عن أصحابه، ومنابعه الأصيلة الصافية.