مَن خوَّلكم بذلك...؟!
احمد محيسن - برلين
"قرار الحرب والسلم هو بيد السلطة"..!!
ولنسلم جدلا بذلك.. بأن قرار السلم والحرب هو قرار وطني فلسطيني.. وأنه ليس هناك قرار حرب وسلم بيد جهة واحدة.. وإنما بيد جهة وقرار واحد وبندقية واحدة وهي السلطة المركزية الفلسطينية..!!
قلتم ذلك ولم تكملوا بقية الكلام الذي يؤهلكم لقوله..
تماماً كمن قال: لا تقربوا الصلاة.. وتوقف عن إكمال بقية الآية الكريمة.. وهذا لا يمكن إلا أن يكون المراد منه باطلا..!!
حيث يكون ذلك مئة بالمئة قولا سليما.. بأن قرار الحرب والسلم هو بيد السلطة.. إذا كانت هذه الجهة السلطوية منتخبة من الشعب الذي سيتم اتخاذ ذلك القرار باسمه.. وليست متسلطة عليه .. وتعمل على إنجاز التحرير الكامل بكل السبل .. وتطلق يد المقاومة.. وتكون في حال يؤهلها اتخاذ ذلك القرار.. ومرجعيتها في ذلك هو الشعب بأكمله الذي منحها صوته.. وخولها باتخاذ أي قرار يصب في مصلحة هذا الشعب..!!
ويكون ذلك قولا سليما عندما تكون هذه السلطة لدولة مستقلة ذات سيادة كاملة.. ولها مؤسساتها وجيشها ورئيسها ووزرائها وهيئاتها الرسمية.. وترجع إليها في اتخاذ هذا القرار وغيره من قرارات.. ليتحمل المكون السلطوي بتخويل من الشعب الذي انتخبه وبكل أركانه نتائج ذلك..!!
ويكون ذلك صحيحا.. عندما تكون هذه السلطة سيادية.. وقرارها مستقلا.. ولا تخضع للإبتزاز والضغوط.. ولا تعتاش على ما يلقيه لها المانحون من فتات الدعم المادي لتبقى على قيد الحياة.. وثمن ذلك هو الرضوخ لكل أوامر هذه الدول المانحة.. وتلبية طلباتها التي تتعارض بجلها مع المصلحة العليا للوطن..!!
وإلا.. فهل ما تتخذه هذه السلطة وما يتخذه قائل هذه المقولة من قرارات مصيرية لشعبنا هي قرارات بتخويل من الشعب الفلسطيني..؟!
فمن خوَّلكم بذلك...؟!
ومن هي مرجعية هذه السلطة في اتخاذ كل ما يتم اتخاذه من قرارات مصيرية.. هل هو الشعب الفلسطيني بمعظم مكوناته..؟!
فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن يحاسب السيد محمود عباس أبو مازن وهو يتخذ قراراته المتعددة باسم الشعب الفلسطيني دون مرجعية حقيقية..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن يتخذ قرار إذابة منظمة التحرير الفلسطينية فيما يسمونه السلطة لتصبح خانة صغيرة في دوائر السلطة..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن يتخذ قراراته بعدم دعوة القيادة والإطارات الموسعة المؤقتة لمنظمة التحرير حسب اتفاق القاهرة..؟!أليس هو محمود عباس لوحده ومعه من يبصم له بذلك..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن يتخذ قرارا فرديا بعدم دعوة المجلس الوطني الفلسطيني.. أي البرلمان الفلسطيني للإنعقاد والذهاب لإنتخابات لجلس وطني جديد.. بدل هذا المجلس الوطني الذي لم ينعقد لأكثر من عقدين ونصف العقد من الزمن.. ومعظم أعضائه إما شاخ او انتقل الى رحمة الله..؟!
فمن خوَّلكم بذلك...؟!
ومن اتخذ القرار باستمرار هذه المفاوضات العبثية التي استمرت اكثر من عقدين من الزمن.. وما زالت مستمرة ليومنا هذا وقد أجمعتم كلكم على أنها عبثية.. ورغم ذلك تبحثون عن استمرارها بأي غطاء وحجة..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن قرر للشعب الفلسطيني قمع انتفاضته وإنهائها وعدم السماح لشعبنا بالتصدي للعدوان في مظاهراته ومسيراته والزج بنشطائه في سجون السلطة..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن قرر لشعبنا استجلاب دايتون للضفة الغربية المحتلة.. وتكوين أجهزته القمعية التي تؤمن حماية الإحتلال.. وتمنع التصدي لقواته وقطعان مستوطنيه في الضفة المغتصبة..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن قرر لشعبنا بأن يتم سحب تقرير غولدستون الذي يجرم الإحتلال من الهيئات الدولية .. التي تتيح لنا مطاردة مجرمي الحرب الصهاينة وتقديمهم للعدالة الدولية..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن اتخذ القرار بأن لا يتم التوقيع على معاهدة روما وميثاقها.. التي تتيح لنا تقديم مجرمي دولة الكيان الصهيوني لمحكمة الجنايات الدولية ومطاردتهم في كل أنحاء العالم ومحاكمتهم..؟! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
ومن أرسلكم إلى كل المحطات التفاوضية التي أجريتوها باسم الشعب الفلسطيني لغاية هذه اللحظة.. من أنابوليس وهرتسيليا وواي ريفر وواي بلاتتيشن والرباعية وغيرها وغيرها... وليس آخرها هي ومفاوضات التسعة أشهر التي سيتبعها أخرى عبثية ولا ندري ماذا ستسمونها..!! فمن خوَّلكم بذلك..؟!
إن الشعب الذي يرزح تحت الإحتلال يجب أن تبقى جاهزيته لمقاومة المحتل في أحسن حال.. ويجب أن تبقى يد الثوار مستعدة قابضة على الزناد.. والثورة عندما انطلقت كان قرارها واضحا لا لبس فيه: مقاومة المحتل.. فالقرار تم اتخاذه عندما انطلق ياسر عرفات وإخوته ورفاقه ومن سبقهم بالثورة من أجل التحرير الكامل.. واعتماد الكفاح المسلح خيارا استراتيجيا وحيدا.. ولم ينتظروا إذنا من أحد..!!
وقرار المقاومة اتخذه شعبنا بأكمله.. وواصله في انتفاضاته المجيدة.. وولدت حركات المقاومة الفلسطينية أيضاً.. لتنضم لشقيقاتها.. وهي المكملة لتأجيج ثورة شعب الجبارين ضد الإحتلال.. فأنجب شعبنا "حماس" و"الجهاد" والألوية والكتائب المتعددة لمقاومة الإحتلال.. ولم ينتظر شعبنا إذنا من أحد.. وقدمت فصائل شعبنا المقاومة الشهداء تلو الشهداء.. وقدمت خيرة قياداتها على درب الشهادة من أجل التحرير.. ولم تستأذن أحدا في السماح لها بالدفاع عن الأرض والعرض والإنسان بكل السبل وفي مقدمتها الكفاح المسلح..!!
إن قرار مقاومة المحتل هو قرار شعبي جماهيري طبيعي تلقائي.. يرافق الفلسطيني في رحم أمه ويولد معه.. لأن كل القوانين والشرائع الأرضية والسماوية.. تحلل وتفرض مقاومة المحتل الذي يغتصب الأرض ويهجر أهلها ويتابع ذلك بإذلال أهلها وتشريدهم..!!
أي سلطة هذه وأي قيادة ثورية هذه لشعب تحت الإحتلال.. تقف في وجه مقاومته وتجرمها وتحملها مسؤولية اندلاع حرب عدوانية ضد أبناء شعبها..؟!
من يقل الألف عليه قول الباء.. ومن يريد قيادة شعب تحت الإحتلال.. فليكن أولا ثوريا مقاوما.. وليكن في أولى صفوف المقاومة في الخنادق المتقدمة في مجابهة المحتل.. وليذهب لتفقد أحوالهم.. ليترحم على شهدائهم على الأقل بعد العدوان.. وليرى أحوال الشجاعية وخان يونس وخزاعة وحي التفاح وبيت حانون ورفح والنصيرات وحي الزيتون ومخيم الشاطئ ودير البلح بل وكل بقعة من هذا القطاع العزيز المقاوم.. الذي بانتصاره على الإحتلال أعاد لنا كرامتنا وعزتنا ورفع رؤوسنا عاليا.. بعكس المفاوضات العبثية التي أحرقت اليابس والأخضر..!!
بدل من تكونوا مع شعبكم تضمدون جراحه وتحتفلون بتحقيق النصر المبين.. تطعنون مقاومته في ظهرها من الخلف.. والمقاومة الفلسطينية وأذرعها.. هي مقاومة من كل مكونات فصائل شعبنا المقاوم.. التي نرفع لأسودها القبعة إجلالا وتقديرا واحتراما..!!
ونترحم على شهداء أمتنا وهم وقود هذه الثورة.. الذين ضحوا بدمائهم من أجل التحرير ونيل الحرية والإستقلال..!!
كفاكم مهاترات و"علك كلام إنشائي" يسمم بدن المتلقي له.. تتهربون به من استحقاقات أنتم وقعتم عليها.. وتنقضون ميثاقكم وعهدكم.. وتلحسون كلامكم.. وتخليتم عن جزء مهم من شعبكم.. كما في كل مرة..!!
قصروا الطريق عليكم ولن تنفعكم الكراسي ولا المناصب ولا الألقاب والإمتيازات ولا دولارات المانحين.. فالشعوب تمتلك أقوى جهاز رصد ومتابعة.. ولن ترحم المتخاذلين..!!