أعظم انجاز في نصر غزة
إسقاط الفكر الصهيوني المتشدد
وليد رباح /الولايات المتحدة الأمريكية
لست ممن يقللون النصر العظيم الذي ابداه المقاتلون في غزه .. فالنصر صبر ساعه .. والانجازات العظيمة وراءها رجال عظماء .. والشعوب التي تحتمل وعثاء الشوك وصعوبة الطريق امامها طرقا ليست سهله .. انها شائكة بالقدر الذي تحتمل فيه الخسائرومن ثم تنهض رافعة رأسها لاكمال المسيره .. لذا فاني اجير النصر للشعب وليس للقاده .. فالقادة دون شعب مثلما يذهب المقاتل الى الحرب دون عدة وسلاح .. فهنيئا للشعب الفلسطيني الذي صبر واحتسب .
وليس الشعب الالماني بعد الحرب العالمية الثانية سوى انموذجا نقتدي به في اعادة ترميم الكسور التي سببها العدوان المجرم على غزه .. فالخسائر المادية يمكن ان تعوض بقليل من الصبر .. والبشرية منها تعوض ايضا .. لكن الذي لا يمكن ان يعوض .. اسقاط الفكر المتشدد الذي بدأ منذ انشاء الكيان الصهيوني .. وسقط عبر رئيس وزراء الكيان عندما لم يستطع ذلك الفكر ان ينفذ الى عقلية الشعب الفلسطيني الذي ابدى من العناد في الدفاع عن نفسه ما تعجز عنه اساطين الفلاسفة ورواد الحروب والقتل والدم في هذا العصر الذي يبحث عن نفسه .. دون ان يتوصل الى نتيجة مرضية .
وليس نتنياهو هو الوحيد الذي بدأ نشاطه بالدم وانهاه بالدم .. فكل مفكري الكيان الصهيوني .. بدءا من بن غوريون وانتهاء بنتنياهو .. كانوا يحملون فكرا عنصريا بغيضا رأوا فيه ان دماءهم زرقاء لا يجاريها دم في هذا العالم .. ومن قبل اولئك كان هتلر الذي ظن ان العرق الجرماني هو انقى عرق على وجه الارض .. ثم انتهى به المطاف منتحرا دون ان يدري احد حتى اليوم اين دفنت جثته . واني لاتوقع ان يذهب نتنياهو من هذا العالم منتحرا .. ولسوف تثبت الايام صدق هذا الطرح .. لان المجرمين مصيرهم الاندثار دون ان تعرف لهم قبور .. ولا يستدل على رفاتهم . وان لم تصدقوا فاسألوا التاريخ .. هل هنالك قبر يزار لهولاكو .. وهل هناك قبر لابن العلقمي .. وهل يشار الى قبر فيه زعيم التتار حتى بعد اسلامه المزيف .. واين تمثال لينين الذي سقط من حالق .. واين قبر ستالين الذي دفن الافا من البشر تحت ثلوج سيبيريا .. كلهم ذهبوا ولم يبق سوى قبور الاولياء والصالحين ومن اسدوا الخدمات لشعوبهم .. فمنذ مئات السنين بل والافها اندثرت قبور المجرمين ولم يستدل عليها أحد .. اما اولئك فالشعوب ما زالت ترش رذاذ العطور على قبورهم رغم انهم اصبحوا جزءا من التراب الذي دفنوا في داخله . وما زلنا نشم ترابهم ونعتبره اذكى انواع العطور التي انجزتها الشعوب التي بقيت حتى يأخذ الله سبحانه الارض ومن عليها . لذا فان عقلاء هذا العالم .. يستشرفون المستقبل ويؤكدون ان الفكر المتشدد مهما كانت دوافعه سوف يسقط .. وها نحن نرى ان الفكر الشوفيني الذي تحلى به اساطين الصهاينة قد بدأ عصره ..
ورغم تثميني لما بذله الشعب في غزة لتحقيق النصر .. حتى وان كان نصرا مؤقتا .. (اقول ذلك لانني ارى امامي مستشرفا ان معركة غزة هذه الايام سوف يكررها الواقع بمعارك قادمه .. حتى يعود الانسان الفلسطيني الى ارضه التي نهبت على مرأى من هذا العالم الذي يسمونه عالما متمدينا .. ) الا ننظر الى المطر انه يبدأ رذاذا ثم ينهمر ..
ولم يكن الانتصار الذين حققته غزة ببوادر اسقاط الفكر الصهيوني المتشدد نهاية الطريق .. بل ان نصر غزة قد حقق نصرا آخر لا يقل اهمية عن النصر العسكري .. انه توحيد الشعب الفلسطيني على كلمة سواء .. فقد حقق الوحدة بين الضفة وغزه .. واعطى صورة مضيئة ان يتخلى السياسيون ( على الاقل عسكريا) ان لا تكون هنالك فصائل متناحرة كل منها يريد تجيير القوة لنفسه .. بحيث تحولت السياسة الى عسكرة صرفه .. وان هذا ليذكرني بالسبعينات يوم كان هنالك اكثر من اربعين فصيلا فلسطينيا متناحرا يتقاتلون ايهم يستطيع كسب السباق للظهور .. فالحال لا يستقيم الا بوجود فكر عسكري موحد تابع لسياسة تستطيع قيادة العسكر وتهيئته للنصر القادم .. اما الشرذمة فانها ممجوجه .. وهذا لا يمنع ان يكون في السياسة افكارا شتى.. ولكن العسكر يجب ان يكون وحدة متكاملة لتحقيق النصر .. ولا يغني ذلك على التنسيق فيما بينها .. فالقوة تتمثل في العصي التي تكسر اذا كانت منفصله .. اما حزمتها فمن الصعب كسرها .
لقد كان من نتيجة تعبئة الاسرائيليين بالفكر المتشدد .. ان نشأت بينهم فئات غالبة على المجتمع تقول بصهينته .. ورغم وجود الكثير من المعارضين لذلك الفكر الذي يستهين بالاخر ولا ينظر الى مطالبه .. الا ان الغالب كان التشدد .. وكسر شوكة الجيش الاسرائيلي وتفريغه من مضمون الجيش الذي لا يقهر .. قد اعاد مفكري الصهاينة الى التنازل بعض الشىء عن الغطرسه .. فالجيش الذي كان يسميه اساطين الصهاينة انه انقى واشرف جيش في هذا العالم .. قد ثبت بالفعل انه جيش مجرم يستهدف فقط الاطفال والرضع والنساء والمدنيين على حد سواء .. فاستراتيجيته تعني ان تضرب المدنيين للضغط على الجهاز العسكري المقاوم لكي يتوقف عن المقاومه .. ولكن صمود غزة قد اسقط هذه النظرية .. واني لاعتقد انه قد اسقطها والى الابد . ولسوف يلحظ قارىء هذه الكلمة الى اللجان التي ستشكل في (اسرائيل) لتبحث هذا السقوط المدوي للفكر الصهيوني .. وليس لهزيمة الجيش الاسرائيلي فقط .. وذلك للبحث عن فكر بديل ينهض فيه ذلك الفكر من كبوته التي تمرغت كرامته على تراب غزه .
أمر آخر .. كان يجب ان يضاف الى هذه الكلمه .. ان اسرائيل التي عربدت لاكثر من ستين سنة .. وكسرت شوكة الكثير من الجيوش العربية .. قد افل نجمها مع سقوط هيبة جيشها .. مما يوحي بان المعارك القادمه .. سوف تكون فاصلة .. ولذا فان تحرير فلسطين من يد ( المغول الجدد) قد بات يعد بالسنين القليلة .. فالقوة ليست فقط فيما تحمل من اسلحة الدمار .. ولكنه الصبر والمثابرة على تجهيز كل ما يمكن تجهييزه من اجل النصر القادم للمقاومه .. وانا لمنتظرون.