لماذا يكتبون؟ أو لماذا أكتبُ أنا على الأقل؟
فراس حج محمد /فلسطين
لست مُصلحا اجتماعيا ولا نبيّا مرسلا، إذن لستُ قدّيسا أو خاليا من نوازع خاصّة ذاتية وأنانية، وكثيرون مثلي.. فدوافعنا عندما نكتب هي ذاتية في الدرجة الأولى ولكم ما يشير إلى ذلك... وحاولوا الإجابة عن هذه الأسئلة!
لماذا نتكاثر على أبواب الجوائز صغيرها وكبيرها؟ لماذا نتزاحم في الطريق إلى الصحف والمجلات؟ لماذا نتخاصم من أجل الظهور في المهرجانات والتقاط الصور الفوتوغرافية الأنيقة؟ ولماذا نطرب وننتشي إذا مرّ ذكرنا بخير وامتدحنا الكتاب الآخرون، وقدروا جهودنا؟ ولماذا نقيم الدنيا ولا نقعدها إذا ما مسّ قدايتنا الأدبية ناقد مهووس بالكشف عن الحقيقة؟ ولماذا نتشوق إلى هذا اللهاث الذي لا ينتهي للنشر الإلكتروني التعويضي عن خسارتنا في عالم الورقيات؟
تذكروا مثلا أن كبار الكتاب لا يركضون وراء الآخرين لينشروا لهم، أتدرون لماذا لأنهم يعتقدون أنهم سادة يجب أن تلاحقهم كل عيون الكاميرات، وتكتب عنهم كل الصحف شاء محرروها ذلك أم أبوْا، على العكس منّا نحن، فنحن دائمو الوقوف على أبواب المحررين نرجوهم والعين دامعة والقلب تخزه آلاف المسلات الحادّة لأننا نبحث عن فرصة، لنكون ذاتيين أنانيين أكثر!!
أتعرفون ماذا قال الرافعي رحمه الله "من لم يزد شيئا على الحياة فهو زائد عليها" إن هذا القول يخبّئ وراءه دافعا شخصيا ذاتيا، ويخيل إلي أن دروريش الشاعر الفلسطيني عندما قال في جداريته "هزمتك يا موت الفنون جميعها" كان يبحث عن دافع شخصي ليثبت وجوده لما بعد الموت، أرأيت الأنانية المفرطة في التوغل عند الكتّاب، يريدون الحياة وما بعد الحياة!!
أنا أكتب لتصبح (الأنا) أكثر من نون محصورة بين ألفين، أريدها أضخم وأكبر وأعظم من كل ما يتوقع بشر! وهذا تصريح علني بنواياي الأرضية، وإنني نرجسي حتى النخاع، أقول ما يخجل الآخرون عن قوله، لكنهم قالوه وهم لم يدركوا أنهم قد تفوهوا به!!
إنني ما زلت أتوق لأرى نفسي الوحيد الذي يسود هذا العالم، في كل شيء، ولن أمانع لو أصبحتُ مركزَ الكون، من منكم ليس مثلي! فقط من هو ليس مثلي ليس بشرا أو أنه ليس سويّا، فلا وجود اليوم للأنبياء بيننا!!