العداون على غزة من منظور قرآني ردا على المثبطين
العداون على غزة من منظور قرآني
ردا على المثبطين
محمد شركي
في خضم العدوان الصهيوني الشرس على قطاع غزة ، وتصدي المقاومة الباسلة له بشجاعة منقطعة النظير يحاول تيار المثبطين الانهزامي أن ينال من عزيمة الأمة ويحبطها من خلال استكثار التضحيات في غزة ، ومحاولة تسويق ما يروجه العدو الصهيوني ومن ينهج نهجه من أن المقاومة هي سبب جسامة وفداحة الخسارة في الأرواح في محاولة يائسة للتفريق بين المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة والضفة ، وبينها وبين الأمة العربية من الخليج إلى المحيط . ويعرف العالم العربي اليوم اتجاهان إعلاميان تفوح منهما رائحة الخيانة والعمالة لفل عزيمة الأمة الصامدة : اتجاه متصهين سقط قناعه، وهو يساند العدو الصهيوني ، واتجاه يتظاهر بالوقوف مع الشعب الفلسطيني ويتباكى على ضحايا ويذرف دموع التماسيح . والاتجاهان معا لهما نفس الهدف الخبيث . ومن أجل كشف حقيقة العدوان الصهيوني على غزة لا بد من نظرة موضوعية تقوم على أسس سليمة ، ولا يوجد أفضل من عرض القضية على كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ذلك أن القرآن الكريم كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين خبر من كان قبلنا ، وخبر من يكون بعدنا ، وخبرنا في راهن وقتنا . فعندما نعرض هذا العدوان على كتاب الله العزيز نجده خلافا لما يسوق له المثبطون الذين يستهدفون إرادة وعزيمة الأمة فيه خير كثير مصداقا لقوله تعالى : (( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) . فالله عز وجل كتب القتال على المقاومة في غزة ، وجعل في ذلك المكروه خيرا وهو أعلم بالخير والشر من خلقه جميعا . وأما الذين يستكثرون التضحيات في غزة فيريدون استسلام المقاومة وفي ذلك شر وهم لا يعلمون. ومعلوم أن تخويف المخلوقات بغير خالقهم سبحانه إنما هو مهمة شيطانية مصداقا لقوله تعالى : (( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين )) وبموجب هذا النص القرآني يحاول الذين يستكثرون التضحيات في غزة تخويف أهلها باليهود الصهاينة ، علما بأن هؤلاء لهم أوصاف في القرآن الكريم منها قوله تعالى : (( وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم العذاب إن ربك لسريع العقاب )) ،فمن كتب عليه أن يسام العذاب إلى يوم القيامة لا يمكن أن يكون مصدر تخويف المؤمنين وهم الذين أوكل الله عز وجل إليهم سوم الصهاينة العذاب إلى يوم القيامة بمعنى أن الآية معكوسة . ومعلوم أن الصهاينة معتدون وعلى باطل وقتالهم مصيره الهزيمة مصداقا لقوله تعالى : (( الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا )) ولما كان كيد الشيطان ضعيفا فإنه يخوف من يتولاه من كيده الضعيف . وعندما يستكثر المثبطون ضحايا غزة فإنهم يريدون النفخ في كيد الصهاينة وهو كيد الشيطان الضعيف . ولقد ذكر الله تعالى قول المثبطين في قوله عز من قائل : (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )) فهذا هو رد المؤمنين في غزة على قول المثبطين . ومما يرد به أهل الإيمان على المثبطين أيضا ما نقله الوحي في قوله تعالى : (( قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )) ولا هزيمة في غزة بكثرة الضحايا كما يظن المثبطون لأن معية الله دأبها الانتصار، ذلك أنه لا غالب إلا الله . والقلة المؤمنة التي يكون الله عز وجل معها هي إما قلة عدد أو قلة عدة . وما ذكر الله عز وجل شيئا مما يروج له المثبطون بل جعل النصر للفئة المؤمنة حتميا وضرورة مهما كانت نتيجة المعركة مصداقا لقوله تعالى : (( ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما )) فشأن من يقاتل في سبيل الله هو أن يقتل ولا يعتبر ذلك خسارة وهو مأجور أجرا عظيما كما سيأتي بعد قليل أو يغلب وهو يحظى أيضا بنفس الأجر العظيم. وحتى لا تجد أقوال المثبطين سبيلها إلى عزائم المؤمنين يقول الله تعالى تثبيتا لهم : (( ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تأالمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون )) فشتان بين من يألم ونصب عينيه رجاء في الأجر العظيم وهو جنة الخلد ، ومن يألم ولا رجاء له سوى أن يعمر في الحياة الدنيا وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر . ويفحم المثبطون الذين يستكثرون ضحايا غزة أيضا بقول الله عز وجل : (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين )) إن شهداء غزة سواء كانوا مقاتلين أو مدنيين بمجرد خروج أرواحهم يدخلون حيز حياة الخلد أحياء عند ربهم في الجنة وهم في فرح عارم ويستبشرون بالذين من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون خلاف ما يسوق ويروج له المثبطون الذين يرون أن الاستشهاد نقمة وليس نعمة من الله عز وجل يختص بها من يشاء من عباده المؤمنين . وخلاصة القول أن تيار المثبطين يصطدم بالحقيقة القرآنية ، وهو الذي ينظر نظرة تفاؤل مخالفة لنظرتهم المتشائمة ونظرته أصح وأوثق لأن مصدرها هو رب العز الذي يعلم ما لا يعلمه خلقه . وأختم لإفحام المثبطين أيضا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى : " احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك ، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك ، جفت الصحف ، ورفعت الأقلام ، واعمل لله بالشكر في اليقين ، اعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا " . هنيئا للشهداء بالجنة المعجلة ، وهنئيا للصامدين بالأجر العظيم المؤجل إلى حين، والخزي والعار للصهاينة المعتدين وللخونة المتصهينين والمثبطين.