معركة الأهداف الكبيرة..
معركة الأهداف الكبيرة..
د. هاني العقاد
تغيرت طبيعة الحرب على غزة خلال المفاوضات التي دارت في القاهرة من اجل التوصل لوقف اطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي استمرت لأكثر من خمس عشر يوما لتأخذ شكل حرب اخري ومعركة اخري تحقق فيها اسرائيل اهداف كبيرة من خلال الاغتيالات وضرب اهداف تعتبرها اسرائيل اهداف مركزية للمقاومة الفلسطينية دون اكتراث بأن تتحول هذه المعركة الى حرب استنزاف تطول مدتها ام لا , وهذا كان لا يمكن أن يتحقق لإسرائيل الا أن تعطي هدنة تحت أي مسمى لتبحث عن اهدافها هذه بنوع من التركيز من خلال فترة يسمح فيها لقادة المقاومة بالتحرك , لهذا قالت اسرائيل انها حددت شروطها للتفاوض وهي التهدئة على اساس انها لن تفاوض تحت النار وهذه كانت عبارة عن جزء من خطة المعركة الحالية للحصول على فترة سكون وتهدئة يتحرك فيها الفلسطينيين وقادة المقاومة وتعيد تحديث اماكن تواجدهم وبالتالي توجه صواريخ طائراتها نحوهم والنيل منهم لتقول لجمهورها انها طالت الرؤوس الكبيرة في المقاومة واصبحت المقاومة بلا رأس على حد تخليلهم واعتقادهم ,وهذا ما يصور الافق الضيق لكل من (يعلون ونتنياهو ) فإنهم يتجاهلوا أن المقاومة لا تقف على رجل او قائد او مائة لأنها حركة مقاومة تنجب يوميا قادة يتولون مهامهم دون تردد , وأن كانوا يدركوا فإنهم يصوروا افقهم الضيق لجمهورهم المحبط من امكانية التغلب على المقاومة الفلسطينية التي تتنامي قوتها عام بعد اخر ,وكانت اسرائيل من خلال وفدها المفاوض توهم الفلسطينيين والمصريين أنها تتجاوب مع بعض مطالب الشعب الفلسطيني التي يفاوض من اجلها الوفد الموحد وتطلب وقت للتشاور مع نتنياهو بتل ابيب وعندما يعود الوفد اما أن يطلب وقتا اخر أو يعود الى نقطة الصفر من جديد .
اسرائيل تريدها معركة الاهداف الكبيرة
بغض النظر عن الانزلاق الذي تسير فيه هذه المعركة لتتحول لحرب استنزاف طويلة تدفع
فيها اسرائيل من اقتصادها وامنها الشيء الكثير دون تحقيق لأى اهداف بل في النهاية
فإن المقاومة ستعيد الإسرائيليين لذات المربع الاول لطلبات المقاومة وتصر على
تحقيقها , المقاومة كذلك ادركت أن اسرائيل تخوض معركة الاهداف الكبيرة وبالتالي
فإن المقاومة تعاملت بذات التكتيك الحربي الإسرائيلي واخذت تبحث عن هذه الاهداف
الكبيرة والاستراتيجية التي يمكن أن تطالها الصواريخ , لذا فإن المقاومة اخذت
بالحسبان قصف هذه الأهداف الاستراتيجية بالمقابل وتمكنت من اصابة ميناء حيفا واسدود
ومطار بن غوريون وبعض المباني الحكومية واصبح مطار بن غوريون شبه مغلق بعد استهدافه
للمرة الثانية التي يتم فيها استهداف مطار بن غورين بشكل مباشر بعد أن قصفت
المقاومة الفلسطينية المناطق المحيطة بالمطار ما ادى الى ايقاف شركات الطيران
الامريكية والاوربية والعربية رحلاتها ,
وكانت كتائب القسام قد حذرت الإسرائيليين من التواجد في تجمعات كبيرة وحذرت كل
شركات الطيران العالمية من مواصلة رحلاتها الى مطار تل ابيت في اشارة حقيقية
لاختيار نوعية الاهداف التي تطالها صواريخ المقاومة وتأكيد على فهمها لطبيعة
المعركة الحالية والقدرة على ادارتها بنفس طويل , ومع تطور هذه المعركة واستمرارها
لفترة طويلة دون وجود افق
لعودة عملية التفاوض على وقف اطلاق نار جديد ونشر
اسرائيل قائمة بأسماء القادة الكبار الذي وضعتهم على سلم الاغتيال فإن هذه المعركة
تتدحرج بسرعة الى حرب استنزاف طويلة تشل فيها حياة كل الإسرائيليين من حدود غزة
جنوبا حتى صفد شمالا .
اسرائيل هي من حددت طبيعة المعركة الحالية وهي من اختارت هذا النوع من المعارك من خلال مخططات يعلون نتنياهو الغبية والتي يعتقدوا انها ستُدفع الفلسطينيين الثمن , فقد ارسلوا طائراتهم التي تحمل الصواريخ الذكية لتضرب بيوت المدنيين وتقتل النساء والاطفال من جديد وخلال الهدنة الاخيرة التي قبلتها اسرائيل واوهمت الوفد الفلسطيني والقاهرة انها تفاض على اساسها , فكانوا قد اخفقوا قبل ذلك في الحرب الاولى عندما اعتقدوا أن تدمير بيوت المدنيين ومسح الاحياء الحدودية وقتل ما يمكن قتله من المدنيين في كل مكان حتى في مراكز الايواء والحماية التي افتتحتها لهم الامم المتحدة في مدارس الأونروا سيجبر المقاومة الفلسطينية على رفع راية الاستسلام , ويخفقوا الان في هذه المعركة ايضا عندما يعتقدوا أن المقاومة الفلسطينية تتمثل في رجل او مجموعة محددة من الرجال يمكن اغتيالهم واضعاف المقاومة بشكل لا تستطيع فيه مواجهة اسرائيل لعشرات السنوات القادمة , قد لا تتغير طبيعة المعركة في الايام القادمة الا بدخول الجيش الإسرائيلي برا الى غزة وهذا احتمال ابعد من احتلال غزة بالكامل لكنها قد تأخذ وتيرة اكثر عمقا من خلال المفاجئات التي ستدخلها المقاومة على المعركة والعمليات النوعية التي ستربك جيش اسرائيل اكثر واكثر في البر والجو والبحر لتؤكد لإسرائيل و قادة الحرب هناك من اقصاهم الى اقصاهم ومن نتنياهو مرورا بتسيفي ليفنى و انتهاء ب يائير لبيد ان من يدير المعركة هي المقاومة ومن يتراجع ويدفع الثمن هو المعتدي والمحتل ومن يحقق النصر هم اصحاب الارض الحقيقين.