خسئت يا نتنياهو وجرفك المهزوم
النائب طلب ابو عرار
النصر في الاعراف العسكرية مرتبط بتحقيق الاهداف التي يرسمها القادة لكل حرب تخاض، ولم يكن النصر يوما مقياسه قتل الابرياء، من اطفال، نساء وشيوخ او دمار المنشآن المدنية، او المنازل . ففي العدوان على غزة كانت الهزيمة حليفة اسرائيل بكل المقاييس ، فسرعان ما انقلب السحر على الساحر، واصبح الصامد مهزوما.
اهداف حكومة الاحتلال في الحرب على غزة كانت، تفكيك الوحدة الفلسطينية، واعادة قوة الردع "للجيش الذي لا يقهر"، ووجود البيئة الملائمة من تنسيق غير مسبوق من قبل دول عربية مع اسرائيل، والدعم العربي للحرب على غزة، فإسرائيل هدفها عدم تنامي قوة الاسلاميين، وهذا ما تخاف منه غالبية الدول العربية، والجانب الاقتصادي له دوره، ومن الجوانب الاقتصادية وجود غاز بكميات تجارية على شواطئ غزة، ولإسرائيل اطماع فيه، وقضية رأب الصدع ومحاولة توحيد الشارع اليهودي الذي تمزقت وحدته خلال فترة هذه الحكومة، استغلال اسرائيل للوضع المتأزم في دول الجوار العربي، الاطاحة بحكم حماس، تنافس الوزراء في اسرائيل من سيستلم القيادة للجانب الوطني الاسرائيلي، فرؤساء الاحزاب في تسابق نحو اطلاق تصريحات عنصرية للربح السياسي، ادن حدة هذا التنافس الى الذهاب الى الحرب، لذا راينا تسابق بين الوزراء حول التصريحات، وطرح الافكار.
ومن الدلائل الكثيرة لهزيمة اسرائيل في عدوانها على غزة، المفارقات بين الجانب العسكري، والسياسي، حيث وصل الحد بالجانب السياسي بالحديث عن عدم كفاءة الجيش في ادارته للمعركة، وعدم قدرتة على التعامل مع الحرب في غزة، كما لم يبد أي وزير غير نتنياهو رئيس الحكومة، ووزير الحرب وبشكل واضح بان اسرائيل حققت اهدافها في هذه الحرب، فتغيير الاهداف غير الواضحة اصلا خلال الحرب دليل على التخبط، ودليل على عدم القدرة على تحقيق تلك الاهداف، وهذا في المجال العسكري يعد هزيمة، كما ان تحويل الهدف للأنفاق، وتراجع القوات من على مشارف الشجاعية، وخزاعة، ورفح، وغيرها، دليل على الهزيمة، وتكبد الجيش خسائر فادحة في الارواح، واعادة الانتشار دلائل على الهزيمة، والخسائر المادية الاسرائيلية عامة وفي منطقة المركز خاصة انهكت اقتصاد اسرائيل، علاوة على استعمال الذخائر، والتي استعملت بكميات غير متوقعة، والقوة الكبيرة التي استدعيت من الاحتياط يدل على تخبط الجانب الاستخباراتي والذي لم يحسب الحسابات، مما جعله يغرر في الجانب السياسي، فسمعنا الاتهامات للجانب العسكري للمخابرات وعدم تزويد الجيش بمخزن واضح للأهداف، ورأينا ان الجيش غرر بالجانب السياسي، والجانب السياسي غرر بالمواطنين، لان الجيش اراد ان يثبت انه صاحب اليد العليا وانه يقوم بواجبه، وتبين انه يقصف مواقع مدنية ومنازل، لذا نرى الالاف المنازل دمرت، وراح ضحية القصف الابرياء، والجانب السياسي بهذا القصف اراد ان يرضي سكان اسرائيل، واسرائيل قصفت جميع المواقع المدنية التي تقدم الخدمات للسكان في القطاع، حتى المدارس والجمعيات، ولم يبق لإسرائيل للقصف الا المنازل، والنيل من السكان الأبرياء.
كما ان التضارب في عدد الخسائر الاسرائيلية، في الارواح، وخاصة في صفوف الجيش، يدل على الهزيمة، فمن المؤكد ان العدد يفوق ما صدر عن الجيش بكثير، وان اموات لم يذكروا، كما ان اسرائيل لم تذكر عدد المعدات والاليات التي دمرت.
كما ان مصداقية الجيش والساسة قد هزمت، واصبح ما تذكره حماس هو المعتمد حتى عند اليهود، فكانت اسرائيل تكذب كي لا يغادر اليهود البلاد، وكي لا يمتنع المهاجرون من الوصول لإسرائيل، وحاولت اسرائيل منع السياح من الغاء رحلاتهم، ومحاولات ان تبقي خطوط الطيران مفتوحة الى ان جاء قرار من الدول الاجنبية بوقف رحلات خطوط الطيران، وهذا لم يحدث الا في هذه الحرب.
الوسائل القتالية المتطورة التي تستعملها اسرائيل في حربها الحالية على غزة، جاءت نقمة عليها، وعلى قيادة جيشها، كون هذه الاسلحة "الذكية" توجه بتكنولوجيا ودقة "متناهية"، فالسؤال لماذا قتل هذا الكم من الاطفال، والنساء والشيوخ، والابرياء، رغم "ذكاء" الاسلحة الاسرائيلية؟ فهذا دليل على ان اسرائيل تعمدت قتل الناس، لإثارة السكان في غزة ضد حماس، والمقاومة، الامر الذي فشل، كما ان طرح المقاومة ومطلبها بفك الحصار لاقى اذانا صاغية من الدول الأجنبية لأنها تعرف انه لا يمكن ان يبقى القطاع تحت الحصار، كما ان مطلب الميناء وجد من يؤيده في الغرب، فهذا الهدف الاستراتيجي الذي قاومت الفصائل من اجله، وهو في الاصل دون في اتفاقية اوسلو...
كما انه لا يمكن المقارنة بين جيش دولة منظم كان يحاصر من يحارب، ونجد صمود وتفوق المقاومة رغم امكانياتها المحدودة.
فالخلاصة، ان اسرائيل خرجت من هذه الحرب، بخسائر بشرية ومادية كبيرة جدا، وهجرة بلا عودة لسكان مستوطنات غلاف غزة، وبمحاكم دولية تنتظر اعتقال قادتها، وتنامي الكراهية لإسرائيل في الغرب الذي يود اسرائيل، وبعجز اقتصادي مستمر، فقد نرى فرض ضرائب جديدة، كما ان اسرائيل خرجت من هذه الحرب بخلافات كبيرة وهوات كبيرة بين مكونات الائتلاف الحكومة، والامر الذي ينذر بحل الحكومة، وقد نرى قريبا لجان تحقيق تشكل لتحقق في اخفاقات الجيش، والجانب السياسي، وسنرى الاتهامات بين اعضاء الحكومة بعد انتهاء الحرب مباشرة، أكثر مما هي عليه.
كما ان مطالب اسرائيل في المفاوضات اليوم، هي الاشياء التي كان بودها تحقيقها في الحرب، ولم تحققها، فهذا دليل على عدم تحقيق الاهداف في الحرب، الامر الذي يدل على هزيمة نكراء مني بها نتنياهو وزمرته، بالإضافة الى جيشه الذي لم يتمكن من تحقيق اي انجاز عسكري.
ونقول ان ثقافة الاستعلاء والغطرسة تنحدر نحو مستنقع الانهيار وهذا يتمثل في توسل نتنياهو امام العالم طالبا العون في وقف الحرب الذي ابتداها هو وحكومته، وهذا خير دليل على هزيمته.