إلى متى يا مسلمي العالم

إلى متى يا مسلمي العالم؟!

شيماء محمد توفيق الحداد

[email protected]

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين * }.

من ربنا؟، من خالقنا؟، من المستحقةُ ذاتُه للعبادة، وأوامره للطاعة والاستجابة؟!..

من العدو الفاجر؟!، من الخائن الكافر؟!، من الباغي الظالم؟!، من المعتدي الغاشم؟!..

من هو المظلوم؟، من هو المقهور؟، من هو المقتول؟، من هو اليتيم؟، من هي الثكلى؟..

ألا يرى الله أساهم ويرى تخاذلنا؟!، ألا يسمع أناتهم وآهاتهم ويسمع أحاديثنا الدنيوية وضحكاتنا الرنانة؟!..

ألا يمرض الطفل فيهم من الجوع ويمرض الطفل منا من تخمة وبدانة؟!..

ألا يجبر اليهود الأنذال أخواتنا على خلع الحجاب وتخرج البنات منا سافرات متكشفات بلا حياء ولا خجل مجاهرات ربهن بالمعصية – إلا من رحمها الله - ؟!..

ألا يسهر الشاب فيهم مرابطاً يقظاً يحمي دينه ووطنه ويذب عن ظهورنا العدوان، ويسهر الشاب منا ساهراً على ما يسخط الرب والصالحين متنقِّلاً بين القنوات الفاجرة والمعابثات الرخيصة؟!..

يستيقظون على أصوات القصف وينامون على قذفات القنابل، ونصحو نحن على نداءات الأحبة وننام على همس الأحلام..

لا يجدون شراباً ولا طعاماً ولا دواءً ونحن نحار في كيفية رمي الفائض لدينا!!..

يخرج إنسان كافر ليقف وقفة رجولية - عجز عن مثلها شبابنا – ليندد بأعمال اليهود المجرمين، وليقف مع إخواننا المستضعَفينَ، ونحن نهتف بغباء ونقول دون تنفيذ، ونصرخ في وادٍ مقفر قد يملنا يوماً ويرمينا بعيداً عن جوفه!!..

نخاف الناس ولا نخاف الله.. الجبار.. القوي.. القاهر.. القادر.. الغني عن العالمين.. العزيز ذي الانتقام..

الانتقام يا مسلمي العالم ينتظركم – إن بقيتم على هذه الحال المخزية -، ومِنْ مَنْ؟!.. من الله الذي تتهاوى لعظمة دينه الجبال وتميد لهول غضبه السموات السبع والأرضين!!.. منه سيكون الانتقام منا، فليت شعري.. هل غارت من رؤوسنا العقول؟!.. أم غاب من قلوبنا وهج اليقين؟!..

هل استغنينا عن الأجر والثواب؟!.. أم أخذنا على الدهر عهداً بألا يصيبنا ما أصاب إخواننا في غزة أو ربما... شرّاً ممَّ أصابهم؟!..

من لنا إن أصابنا مكروه أو حاقت بنا كارثة؟!.. من يدفع عنا البلاء ويجلب لنا الخير والهناء؟!.. أليس هو الله؟!.. فكيف نعصيه إذاً؟!.. أنعصيه اليوم لنرجوه غداً؟!!!..

ألا يخاف الطفل أباه والطالب أستاذَهُ والموظَّفُ مديرَهُ والخادمُ سيِّدَهُ وَالمرؤوسُ رئيسَهُ؟!.. فما لنا لا نخافُ اللهَ؟!.. أم أننا ننظر للموضوع بعين طفل لا يصدِّق سوى ما تراهُ عيناهُ فلا نصدِّق وجود الله لأنَّ عيونَنا لمْ تنظرْ إليهِ؟!..

وَإلا فما هوَ التَّفسيرُ لجمودنا البليدِ وَلصمتنا الغبيِّ وَلسكوتنا العييِّ؟!، آلآنَ لا نستطيعُ شيئاً وَنحنُ نجهرُ بالمعصيةِ وَنؤذي النَّاصحينَ وَنسبُّ العلماءَ وَالمتديِّنينَ ويشنِّع البعض منَّا على الصالحين والصالحات[1]؟!!.. يا للكرامةِ!!!!!!.. أينَ كرامتهم وَإباؤهمْ  إزاءَ جرائمِ اليهودِ؟!.. أين اختفى حبُّهم للحرية والانطلاق عندما استسلموا بكل بساطة لذلِّ العبودية للشيطان والهوى؟!!.. 

هلْ إنْ تركنا الجهادَ سنكسبُ الدُّنيا[2]؟!.. لا وَاللهِ!.. خبِّروني منْ هوَ السَّعيدُ بحياتهِ المغتبطُ بعيشهِ بيننا؟!.. أمْ أنَّنا نريدُ المتعةَ وَالمالَ وَالعيشَ الرَّغيدَ دونَ طاعةٍ أوْ جهادٍ أوْ بذلٍ أوْ تضحيةٍ؟!.. هذهِ أماني الجميع؛ متعة ورفاهية وأموال طائلة وفي نفس الوقت راحة ودعة، وَلكنَّنا....... لسنا في جنَّةِ عدنٍ ليحدثَ ذلكَ!!!..

فلنتعب قليلاً في الدنيا لنكسب الكثير في الدنيا وفي الآخرة بإذن الله، وتوثَّقوا من أن الرب الرحيم الكريم لم يخلقنا لنتألَّم ونقاسي، بل لنسعد ونهنأ ويُنظَرَ إلينا باحترامٍ يستحقُّه من نُوِّطَت بعنقه أمانة السماء وأُسلِمت لهُ مهمَّة خافت من أدائها سائر الكائنات. والسلام عليكم يا خيرَ أمة أُخرِجت للناس.

              

[1]  لأنهم – ربَّما – لا يؤمنون بوجود الصلاح في هذا العصر!!، لكنه موجود، موجود رغم أنوفهم!!.

[2]  عندما تركنا الجهاد الاختياري على عتبات الآخرة القائم على أساس نشر الإسلام وإنقاذ العالمين من آلامهم، أُجبِرنا على الجهاد الدنيوي المضني لتحصيل... لقمة العيش!!، وشتان بين هذا وذاك!.