السيسي وبرنامج رامز قرش البحر

أحمد خيري

[email protected]

الملايين في مصر والدول العربية إنتظروا خطاب الرئيس السيسي الآخير علي أحر من الجمر .. إنتظروا من يتخيلون بأنه الملهم .. المنقذ .. رغم أنه يتشاور ويجلس مع رجال أعمال مبارك ويجعل من محمد الأمين وصي علي صناديق دعم مصر إلا أنه مازال حلما للفقراء والمحتاجين .. ينتظرون طلته .. كاريزمته ليترحموا علي أيام عبد الناصر زعيم الفقراء .. ولكن للحق منذ ظهوره لم يطلب أو يطمع أو يساوم لنفسه عن شىء ولا لقادة وضباط الجيش .. من كثرة الظلام المحيط بحياة الناس – فقر وجهل وعوز – إلا أنه يمثل عنوانا للعزة وللكرامة التي اهدرت علي يد خونة الوطن السابقين .. مع كل حركة من يديه أو معالم وجهه التي تنم – حاليا – عن الصدق بعيدا عن أدوار التقمص والتمثيل تتعالي الآهات ومصمصة الشفاه في المقاهي والمنازل ..

في هذا الحوار إنتظروا منه الرأفة .. العطف .. والقشة التي تنجدهم من غياهب عدم الأمان وعدم وجود ملابس تحميهم من الحياة ومسلسلات الجوع والبلطجة .. ترقبوا تحليلاته .. وتعليلاته عن قراراته الصارمة .. الصادمة .. وترقبوا منه أخبار تقلل عنهم نار الأسعار .. ورفع الدعم في مقابل ثبات الدخول والأجور .. إنتظروا أن يشموا صراحته في الأسباب الحقيقية وراء رفع الدعم عن المواد البترولية وما ترتب عليها من إرتفاع في أسعار السلع والأغذية .. ترقبوا رأيه في ضرب الصهاينة لغزة .. واستشهاد الجنود المصريين في الفرافرة .. وبعد خطابه إنقسم الناس بين من منحه العذر والتبريرات ومنهم من تململ وتثاءب كأنه أمام فيلم مكرر ولكن كلاهما في النهاية يعشقه .... ويبجله..

الخبراء والدارسين يرون في قراراته الصارمة مشرط طبيب التجميل .. القادر علي وضع المريض أمام مرآة ضخمة تظهر عيوبه الخلقية .. توحي للشعب بأن ما إتخذه من قرارات صادمة كانت علاج مر لا بد  للمريض أن يتجرعه .. لإصلاح التشوهات .. ومداواة الحروق .. ونزع البثور من جذورها بعد أن باتت تملأ جسد الوطن ... وتلحق بأصابعها مرض الغرغرينه ..  حالة مرضية لا تستدعي السكوت أو الصمت أو الخوف والإرتعاد .. فلن تمر أيام وإلا بترت سيقانها وأيديها ولن يقوم لها قائمة .. 

سنوات طويلة .. ومصر تعيش علي حقن ومسكنات وأجهزة تنفس صناعي حتى سكرت وباتت تترنح .. فأصبحت تعيش على التسول .. لأن إقتصادها أصابته الشيخوخة والجلطة الدموية .. فكاد يتوقف ويتجمد .. والحياة الإجتماعية والسياسية أصابها أمراض الشلل الرعاش والفشل الكلوي ولم تعد تجدي معه عمليات الغسيل الكلوي ..  ومن طول الزمن تعود الشعب علي تلك الحياة .. واستمر الغني في جني الثمار الحرام ومص دماء الفقراء  .. والفقير يبحث عن فتات الخبز داخل صفائح الزبالة حتي لو قتل جاره الفقير ..

بهدوء بدأ الرئيس السيسي في خطابه باستعادة بعض من التناسق والتوازن لجزء من أجزاء جسم الوطن عن طريق استعادة مقاييس الجمال المناسبة لهذا الجزء.. قالها بصراحة بأن جراحة التجميل لمصر والمنطقة ليست من أعمال السحر التي تؤدى بزمن قصير، دون عناء أو مشقة للحصول على أفضل النتائج دون ألم ولا معاناة ولا ندب ..  لم يروج لنفسه مثلما كان يفعل السابقون .. بدعاية لا تخلوا من مبالغة وتدليس وأحيانا كذب.

كان أمامه خيارات متعددة .. أن يترك الشعب في غيبوبة ويحافظ علي شعبيته .. أو يتحدى ويعيد لمصر أمجادها إعتمادا على منطق أن جراحات التجميل ليست ترفا.. لأن لها أثرا كبيرا على نفسية المريض وإبعاده عن الإكتئاب المزمن بسبب التشوه والإنطواء والإنزواء..

بنفس الطريقة رغم إختلاف النوايا والمقاصد والأهداف بين برنامج السيسي التجميلي وبرنامج رامز جلال التجريمي .. ولكنه يحظي بشعبية ويتابعه الملايين من مصر والدول العربية .. بين فئات المجتمع المختلفة .. يراه البعض طبيب نفسي .. صادم .. قاتل .. يضع المشاهير أمام مرآة الحقيقة .. ينزع عنهم الأقنعة .. ماسكات التجميل السميكة التي يصبغون بها وجوههم بحجة أن الشهرة لها ضريبة .. وحينما يجدون أنفسهم وجها لوجهه مع الملاك عزرائيل .. مع الموت .. مع الأنفاس الأخيرة يضحون بكل شىء .. يطلقون الدموع .. وألسنتهم .. دائما لا يختلفون عن بائعات الجرجير أو فتوة الحارات ..

تحول رامز لظاهرة .. لشعبية جارفة لدى الفقراء في كشف المستور وفضح الأقنعة .. والجبن والهروب أمام الموت ..

ولكن هل يمكن لنا أن نتخيل الرئيس السيسي ضيف في برنامج رامز قرش البحر؟؟؟