من رسائل القراء!
فراس حج محمد /فلسطين
هل كتابة الشعر الرومانسي في ظل الحرب عيشٌ في كوكبٍ وحدي؟
جاء عتاب بعض القراء مستهجنا؛ إذ كيف يمكنني أن أكتب الشعر الرومانسيّ في ظل هذه الظروف: "أين أتيت بهذه الرومانسية صباحا وغزه تنزف وجراحنا مفتوحة، يبدو أنك تعيش فى كوكب وحدك". ودار بيننا حوار لم يكن طويلا لم أدافع فيه عن وجهة نظري، لأنني أرى أن مقاومة الاحتلال تتمثل في أن تقهره وتعيش طبيعيا، وتريه أنه لم يهزمك ولن يهزمك ولن يفلح في تحويلك إلى مجرد بَكّاءٍ على (حيطان) الفيس بوك!
تذكرت ما قاله الشافعي رحمه الله:
ولا تر للأعادي قط ذلا فإن شماتة الأعدا بلاء
إن التعبير عن الروح المعنوية العالية في ظل هذه الظروف هو المطلوب، ولنؤجل البكاء ونَصْب المناحات وإحصاء زهور الشهداء بعد أن تهدأ الأمور، أما الآن فيجب أن نقول: إنها حربنا جميعا، نتابع ونهلل لتلك الصواريخ التي تأتي حسب توقيتها في وقتها، لتلقن الأعداء دروسا مرة، لم يكونوا يتوقعونها في مناهج الحروب التي أتقن صناعتها سياستهم في صفوف المعسكرات العربية الخائبة!
أعدكم ألا أرثي الشهداء بالقصائد الخائرة القوام، ضعيفة البنيان، لأنهم أقوى من كل قصيدة، وأوضح من كل صاروخ أكل أجسادهم القوية، وفتت الصمت العالمي الرهيب. أعدكم أن أظل أكتب وكأنّ شيئا لم يكنْ، أكتب ما أكتبه لسيدة الروح لأننا معا (فلسطيني وفلسطينية، عربيان مسلمان، مقاومان)، لا نعرف الخور ولا يتسلل الضعف إلى أرواحنا، إنها أشد حنينا وحبا لفلسطين مني، ولذلك فهي أحق بالغزل في هذه الظروف فهي التي تحمي جبهتي الداخلية القلبية والفكرية من الانهيار!!
أعدكم أن أظلّ أكتب عن الحرب في يومياتها وكأنها ليست سوى قدر إيجابي يكشف عن رجولتنا ويستدعي - إنسانيا- رومنسيتنا المتفتحة عبيرا، ويعبر عن أسطوريتنا التي فاقت كل التوقعات، أعدكم أن أظل كما أنا لن أبدّل أو أغيّر، وكيف لي أن أبدل أو أغير، وأنا لا أرى إلا فلسطين منارة مجد تلألأ في سماء غزة الضاحكة بسخرية مُرّة من التهديدات المجنونة القبيحة لكيان قبيح، كان يسمى غاصبا، وسيظل يسمّى غاصبا!!
أعدكم أن لا أرى كلّ ما نراه من خراب ودمار إلا عربدة غير قانونية تحكمها شريعة الغاب في زمان لا أخلاقي، وسأرى الدماء والأشلاء والأطلال إعادة لربها بحياة جديدة، لتعود تنبت في السماء شجر حور يستظل بظلها ملائكة الرحمن وحملة العرش!
أعدكم أن أظل محدثا بشؤون قلبي، ولن يفتّ الظالمون من عضدي، لأنني أحب أن أعيش سيدا أليق بسيدة الروح، وسيدة القصيدة وسيدة الصباح، هما معا، فلسطين وابنة فلسطين وأنا ثالثهما سأكون كما يرجوان مني أن أكون لن أخذل لهما توقعا، ولن أضيع أمانة ولن أخون شرف الانتماء للطهارة المقدسة والحب الذي شربت صفوه من راحتيهما الشريفتين الطاهرتين طهارة دماء الشهداء، العابقتان عبق الزهور النابتة في ضفاف الروح العاشقة!