عيد غزة بنكهة مصرية

علا عطا الله

غزة - حلوى بمختلف الأشكال والألوان.. ألعابٌ ودُمى.. ملابس لكل الأعمار.. مكسرات وعصائر.. بضائع وحاجيات أعلنت عن نفسها بقوة.. وما من مكانٍ في أسواق غزة إلا وثمة جديد يُزين واجهة المحال التجارية وهي تُصافح العيد بدءا من اليوم الثلاثاء.

هذا المشهد بدا غريبا على شوارع المدينة المُكبلة بحصارٍ يخنقها منذ أكثر من عامٍ ويزيد، فما عرفت أسواقها سوى الركود ولغة الصمت وشعار: "آسفون.. لا يوجد".

ضجيج الحركات وعُلو الأصوات والازدحام المروري وسائر تفاصيل الحياة المنهمرة على محلات غزة كان سببها تدفق السلع المصرية إلى القطاع.

·  كلمة السر هذه اختصرت تفاصيل الحكاية؛ فما تم تهريبه من خلال الأنفاق أعاد الروح للحركة التجارية والشرائية بعد طول مللٍ وانتظار.

أنقذتنا 

وهو يتنقل من زاوية إلى أخرى تعج بشتى الأصناف ظن الحاج "أبو مراد" أن إسرائيل أزالت كافة القيود المفروضة على المعابر، وأنها سمحت بدخول ما تحتاجه غزة، غير أن اقترابه من البضائع وإمساكه الحاجيات بين يديه جعله يعي خطأ إدراكه "مئات الأشياء تصطف داخل المحلات وعلى الأرصفة.. للوهلة الأولى ظننت أن الاحتلال فتح المعابر بشكلٍ كلي بمناسبة العيد.. ولكن سرعان ما اكتشفت أن أسواقنا نشيطة بسبب البضائع المصرية".

وكانت التهدئة المفروضة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال قد فشلت في تضميد جراح غزة المُحاصرة وهو الأمر الذي حذا بالتُجار إلى اللجوء إلى الأنفاق لجلب بضائع العيد.

وتوشحت أسواق غزة بحاجيات العيد القادمة من مئات الأنفاق على طول الحدود الفلسطينية المصرية، وبعد أن كانت الأنفاق محدودة لا يتجاوز عددها أصابع اليد إلا أنها بعد الحصار زادت وتضاعفت وتم تهيئتها لاستقبال كافة السلع والبضائع.

ابتسامة كبيرة ارتسمت على وجه "أم رائد" وهي تُمسك بين أناملها الكئوس الزجاجية الغائبة عن أسواق القطاع منذ شهورٍ طويلة، وبصوت الفرح قالت لـ"إسلام أون لاين.نت": "كنت سأضطر لتقديم العصير في كئوس من البلاستيك.. الحمد لله أنقذتنا بضائع مصر!".

صُنع في مصر 

"صُنع في مصر" قرأ الموظف "حامد البنا" العبارة بصوتٍ مُرتفع فابتسم وواصل شراء ألعاب العيد لأطفاله "في الماضي كانت جُل البضائع صينية.. اليوم تحولت إلى مصرية.. بتنا نراها على كل المغلفات".

ورغم تذمره من إقدام التُجار على مُضاعفة ثمن البضائع إلا أن الشاب "ساهر" وجد في حضورها متنفسا "كانت الأسواق قاحلة.. نبحث عن الشيء ولا نجده.. أما اليوم فالسلع المصرية قد سدت الكثير من الفراغ".

وتعترف أم "نادر" لـ"إسلام أون لاين" أن حاجيات أسرتها للعيد من ملابس وحلوى وألعاب كانت بطعمٍ مصري "في السوق كل السلع مصرية.. إنها تتربع على العرش بلا منازع".

وأمام سيل السلع والمواد القادمة من مصر إلى غزة فتكاد تشعر أنك تسير في أحد شوارع القاهرة أو العريش.

وبينما كانت تتخير ما تُريد شراءه، تساءلت الطالبة الجامعية "منى": "كيف استطاعوا تهريب كل هذا؟".

التاجر "إياد" الذي أنصت لاستفهامها رد قائلا: "عمليات التهريب تتم الآن وفق ما يحتاجه السوق.. واليوم ما نريده في محلاتنا: بضائع وحاجيات العيد".

ولكي تُعرض البضائع المصرية في السوق فإنها تمر في رحلة صعبة وشاقة يتكبدها أصحاب الأنفاق، ومؤخرا ارتفع ضحايا البضائع المهربة إلى 45 قتيلا في حوادث انهيار أو اختناق.

الرواتب صرفت

أم عامر وهي تعرب عن دهشتها لهذا الكم من السلع المصرية أبدت بالغ سرورها لما تراه "لقد شحت الأدوات المنزلية من مطبخي.. وها أنا اليوم أعود محملة بالكثير من الأصناف".

جارتها "أم علي" شعرت براحة وهي تتجول في أروقة السوق "تنقلت من مكان لآخر وأنا أبحث عن الأفضل والأرخص.. والحمد لله اشتريت ملابس العيد لجميع أفراد أسرتي".

التاجر "ياسر" فسر لـ"إسلام أون لاين" امتلاء أسواق غزة وانتعاشها: "نعم.. البضائع المصرية لعبت دورا كبيرا.. ولكن التدفق على الشراء كان سببه صرف رواتب الموظفين".

وكانت حكومتا رام الله (سلام فياض) وغزة (إسماعيل هنية) قد صرفتا رواتب الموظفين قبل نهاية الشهر الجاري لكي يتمكنوا من الاستعداد للعيد والتكيف مع أعبائه ومستلزماته.