غزة العزة والكيان الصهيوني
صراع الحق والباطل
محمد أفقير(صهيب)
باحث في تاريخ الإسلام
الصراع الدائر بين غزة العزة والكيان الصهيوني هو صراع وجود لا صراع حدود وصراع بين الحق والباطل والإسلام والكفر وهو صراع يخضع لسنة الهية أزلية مؤصلة في كتاب الله عز وجل.
إن الكيان الصهيوني يمثل قوى الشر الخبيثة التي تزهق الأرواح وتدمر معالم الإنسانية والحضارة وغزة العزة تمثل رمز الطهر والكرامة والدفاع عن النفس البشرية. والحرب الدائرة رحاها اليوم في غزة تختزل صراع الإسلام والكفر والحق والباطل ذلك الصراع المؤصل في كتاب الله تعالى والموسوم بسنة تدافع الحق والباطل منذ أب الأنبياء آدم عليه السلام.
إن الصراع بين الإسلام والكفر، بين الحق والباطل، هو الحقيقة الأبدية في المواجهة التي نراها اليوم وشهدها تاريخ البشرية عبر العصور والأزمنة, الحقيقة الأزلية التي لم تتغير, ولا ولن تتغير إلى الأبد مهما تغيرت الشعارات والأقنعة. يبدأ الصراع منذ خلق آدم.قال تعالى ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ .وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ .فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ.فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ ﴿البقرة:-30-39﴾
قصة آدم مع إبليس "اختصرت قصة البشرية الكبرى, في وجودها ومصيرها, وعلاقتها بالخالق العظيم, وما حولها من تحديات لتلامس طبيعة الدور التاريخي الذي يمارسه الإنسان في الأرض, خلال حركة الصراع التي يواجهها بين الخير والشر وأقطابهما. وكذلك قصة قابيل و هابيل:"تحكي عملية الصراع بين قوى الخير والشر التي تؤدي إلى إثارة النوازع الشريرة والإرادات الخبيثة التي طالما تؤدي إلى الفساد بين الناس. ومن القصص القرآنية التي تؤكد حقيقة هذا الصراع : قصة بنو إسرائيل وعبادة العجل, قصة يوسف عليه السلام, قصة أهل الكهف, قصة مؤمن آل فرعون, قصة أصحاب الفيل.
يتزامن نزول الحق من عند الله تعالى مع ظهور الكفر صراحة على شكل قوة مذهبية إيديولوجية منظمة لها قيادة تواجه الرسل والمؤمنين كما هو الأمر في مواجهة ممثل الحق طالوت لممثل الباطل جالوت. ويتدخل الحق سبحانه وتعالى مباشرة وبدون واسطة بشرية لإحقاق الحق والتمكين لأهله وتدمير وإبادة سلطة الكفر وقوته وتنظيمه، فمن أعداء الحق من أباده الله تعالى بالطوفان, ومنهم من أباده بريح صرصر, ومنهم من أباده بالرجفة، واليوم يعذب الله الصهاينة بأيدي عباد مقاومين لتأتي مرحلة النصر الشامل الذي بشر به النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام. وما إنجازات المقاومة في هاته الأيام 14 في رمضان المبارك 1435ه، وفي هاته العشرية الأخيرة وانتصار المجاهدين على أعتى الجيوش في العالم إلا بادرة لنصر الأمة الحاسم. هي بوادر قوة بشرية في شكل تنظيم مقاوم إسلامي يواجه القوة الظالمة والكيان المجرم.
إن التنظيم لدى طالوت في الماضي ولدى حماس اليوم كان أتقن بناء وأحكم إعدادا ذلك انه يعتمد عناصر مترابطة هي أساس النصر: العلم, والقوة البدنية والعسكرية, والتشبع بالإيمان, ثم الطاعة, ثم التوكل, ثم الصبر والشوق الى الشهادة.
بكلمة, إن العلاقة بين الكيان الصهيوني وبين حركة المقاومة الاسلامية حماس ومعها حركة الجهاد الاسلامي والمقاومين علاقة صراع وتدافع, يريد المقاومون أن يدافعوا عن الكرامة الإنسانية ويتجهوا بالبشرية في طريق الله طريق العزة والأمن والسلام, ويريد الكيان الصهيوني السعي بالإفساد في الأرض وإزهاق الأرواح والاتجاه بالبشرية في طريقه.طريق الغواية والضلال والحرب والدمار. وهكذا تتضح طبيعة الصراع, أنه صراع مبادئ وقيم وصراع حق وباطل.
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (33).