الأمن القومي العربي في خطر
م. هشام نجار
المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده
أعزائي القراء..
بعد مماطلات دامت لعدة سنوات أعلن الرئيس الأمريكي الخطوط الرئيسية للعلاقة بينه وبين العرب.
تخلل فترة المماطلات الكثير من الشد والجذب وإستعمال الأساليب المضللة لم يألفها علم السياسة سابقا.
هذه الأساليب أستخدمت لتخدير العرب حتى ينهي أوباما عملية التطبيع كاملة مع ايران.. ولا اقول لينهي موضوع المفاعلات الذرية الإيرانية فموضوع المفاعلات النووية لم تكن سوى القشرة التي تغطي الهدف النهائي وهو التطبيع الكامل.
أوباما انهى مرحلة التطبيع مع إيران بنجاح.. وفور إنهائها باح بمكنون نفسه تجاه العرب.
فبعد كذب بواح ومراوغات دامت لسنوات طويلة كان خلالها يدلي صباحا بتصريح ليخالفه وزير خارجيته مساءا بتصريح مناقض .ثم يدلي في اليوم التالي الناطق باسم البيت الابيض بمؤتمر صحفي يناقض به التصريحين.. وفي اليوم الثالث يتحدث رئيس الاركان الامريكية المشتركة عن نفس الموضوع ولكن بطريقة يناقض الجميع..
هكذا كان طريق اوباما لكسب الوقت وفق سياسة متفق عليها.
اليوم إنتهى كل شيئ واختار الصحفي الشهير توماس فريدمان ليقول عبره الكلمة الاخيرة للعرب: ايها العرب..ماذا تنتظرون؟ لديكم مشاكل في سوريا .؟ عليكم ان تحلوها بأنفسكم لا تنتظروا منا شيئاً،
فرمى كل كراته دفعة واحدة في ملعب العرب. متناسيا وقوف العرب مع الأسف الشديد في تنفيذ مخططات امريكا في العراق حيث ساعدوه على تنفيذ اكبر مخطط في تدمير العراق لنرى نتائجه اليوم على الارض يصب في خدمة الدولة الفارسية.
أما عرب اليوم فقد تم شغلهم وشغل أنفسهم في أمور لاتمت الى أمنهم القومي بصلة، بل على العكس كل ما فعلوه كان في تدمير هذا الأمن. حتى انهم ساهموا بحرف مصر الى طريق سيصب عاجلا او آجلا في ضعضعة الأمن القومي العربي فإعلام مصر الرسمي يهاجم عاصفة الحزم بكل وقاحة وسط صمت رسمي ظاهر.
لا أدري ما هو افضل تعبير لحال العرب اليوم.. ولكن أقل صفة يمكن اطلاقها عليهم أنهم ينتحرون.
فحالهم اليوم كحال راكب سفينة كل منهم إستملك جزءاً منها وأمسك إزميلا ومطرقة ويسعى جاهداً لثقب السفينه في الجزء المستملك من قبل جاره.. وكأنه لايدري انه هو ومن معه سائرون الى الهلاك.
أعزائي القراء...
رب ضارة نافعة.. فأنا احمد الله على ان اوباما اخرج الحصوة من فمه وتكلم صراحة عن العرب.وتكلم بصراحة اكبر عن ايران كحليف جديد له.
ولكن على العرب ان يفهموا ان هذه ليست سياسة أوباما تنتهي بنهاية حكمه ، فاوباما اليوم هو من يمهد الطريق للسياسة الأمريكية المستقبلية سواءاً كان على رأسها ديموقراطيا او جمهوريا وعلى العرب ان ينتبهوا لهذا المخطط من اليوم.
واكثر من ذلك، امريكا اليوم لم تتخلى عن حلفاءها العرب فحسب ، بل ستتخلى تدريجيا عن أوروبا وليقلعوا شوكهم مع الروس بطريقتهم.
أمريكا اليوم في مأزق إقتصادي كبير فهي لا تريد أن تعادي روسيا ولا الصين ولا إيران ومن هذا المنطلق تخلت عن دورها كالدولة الأولى في العالم من أجل انقاذ نفسها من مخاطر المستقبل.
والمشكلة الأخرى أن أمريكا لم تترك للعرب فرصة ليحلوا مشاكلهم بما يحفظ أمنهم القومي فوضعت العصي في عجلات عرباتهم قبل ان تنسحب من المنطقة ، فصنعت في مختبراتها عصابات إرهابية أعطت كود التصنيع وحق امتياز التوزيع للأسد ومن هم على شاكلته ليشغلوا الشعوب العربية بها.. وهذا ما لفت اليه اوباما النظر في مقابلته الصحفية بضرورة ان يركز العرب على الخطر الداخلي اكثر من تركيزهم على إيران!
أعزائي القراء..
الخطوة التي قامت بها السعودية مع حلفائها في قيادتها لعاصفة الحزم كانت اكثر من ضرورية وكونها اتت متأخرة جدا إلا أنها ساهمت على الأقل بإتخاذ خطوة عسكرية لم يجرؤ العرب على اتخاذها منذ عشرات السنين.
هذه الخطوة تحتاج الى ترميم حتى تؤتي أكلها..
ومن الخطوات الترميمية إعادة الثقة بين السعودية وشعوب المنطقة وليس حكامها فقط فالشعوب هم القادرون على حماية الأرض من الخطر الفارسي فتزويدهم بالسلاح والتدريب هو احد عوامل نجاح الحملة السعودية .
وعلى السعودية أيضا تعزيز تحالفها مع تركيا وأوروبا وخاصة فرنسا وإيطاليا ودول اخرى حيث ان هذه الدول تراجع دعمها أمريكيا على حساب مهادنة أمريكا لروسيا.
اعزائي القراء..
حتى نقول ان العرب فهموا الدرس الامريكي.. عليهم الشروع منذ الآن بترميم أمنهم الوطني واكثر من ذلك تصنيع أسلحتهم بأيديهم، فتركيا أنجزت خطوات كبيرة في هذا الشأن وكذلك باكستان وعليهم واجب بناء مفاعلاتهم الذرية وفق اسس الاتفاق الغربي الإيراني.. لا اكثر ولا اقل..
أيها الحكام العرب اذا كنتم حريصين على الحياة بكرامة فإدعموا الشعوب واعطوها حقوقها.. فهو الطريق الوحيد لكرامة العرب وحفظ امنهم القومي.