المُجرمون ونَزع القَدَاسَة عن المُقدَس !

إماطة الأذى

زغلول عبد الحليم

- لأن ( فايول ) قال كدة !!

وكان الصفر المكعب نصيب الجميع . كانت إجابتنا جميعاً مخالفة لرأى المحاضر فى السؤال الذى طرحه على طلبته وطلب فيه الإجابة بصواب أم خطأ ، فكتبنا جميعاً أن العبارة صحيحة فلما سألناه عن السبب قال لأن ( فايول ) قال كده !! فمن هو ( فايول ) هذا ؟! أنه واحد من ( علماء ) الإدارة فى العصر الحديث !! لأن ( فايول ) قال كده ! ( فايول ) لا يُرد كلامه !! لأنه من ( علماء ) الإدارة !! وكنا وقتها بكلية التجارة . مصيبة كبرى ان يُأخذ كلام ( فايول ) على أنه صواب ويفرض على الأدمغة فى الوقت الذى يهزأ فيه البعض بكلام رب العالمين ، وينزلونه منزل الفحص والمناقشة . وهل تنسى الذاكرة أقوال وأفعال حملة النياشين والقلادات والأوسمة من بعض كتابنا الأماجد التى افسدوا حياتنا الثقافية واتلفوا الحقائق بالتزوير الفج الفاضح فكانت جل كتاباتهم مجرد انطباعات مضللة . إنها الحداثة والتنوير !! ظلمات بعضها فوق بعض .!!

نزع القداسة عن المقدس واضافتها لغير المقدس !

ظاهرة مؤلمة للغاية تعج بها البلاد الإسلامية كلها ، لا اقول مصر فقط بل كل بلادنا الاسلامية بشكل يمثل ظاهرة كبيرة أصبحت تشكل اكبر الخطر على العقول والنفوس ، ونذكر ( نصر حامد أبو زيد ) الذى وكلامه الذى نشره عن بشرية القرآن الكريم لنزوله على بشر ؟ ( يقصد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ) وقد دافع عن فكرة كل تالف وفاسد ولجأ إلى هولنده حتى ادركته الوفاة . وهناك أيضاً

( نوال السعداوى ) التى قالت بوثنية الحج !! ومدرسة التفكيكية وزعيمها صلاح فضل والتى ظهرت فى أوروبا فى أربعينيات القرن الماضى ولا تزال معاهدنا تدرسها فى مصر المحروسة على اعتبار الحداثة الجديدة ! الحداثة والتنوير ! كلمتان سـيـئـتـان !

يقصد بهما نزع القداسة عن المقدس وإضافتها لغير المقدس .

لن أعود إلى ما لا أمل من تكراره وهو دور طه حسين فى نزع القداسة عن المقدس تلبية لرغبة أساتذته فى أوروبا فهو صاحب ( الضربة الجوية ) فى هدم بناء هويتنا الإسلامية ، ثم انتجت مدرسته ( الفكرية ) المؤسسة

( الفكر الإستشراقى ) كل ما نراه من مفاسد عقلية وتوارت كل العقول النيرة والتى ساهمت فى استمرار اليقظة التى بدأت فى منتصف القرن (11) الهجري إلي منتصف القرن (12) الهجري ويقابله القرن الـ (17) الميلادي إلي أوائل القرن الـ (19) الميلادي .

كما ذكر العلامة محمود محمد شاكر فى كتابه ( رسالة فى الطريق إلى ثقافتنا ) نعم توارث العقول النيرة وطفا على السطح الجيف الثقافية وتركوا كل منهم مهمته ونشاطه واشتغل بالكتابة عن العقيدة والفقه والتاريخ دونما حصيلة علمية تذكر .

لقد أصبح كل عاطل عقله أو سكران يكتب فى أمور العقيدة ، لمحاولة نزع القداسة عن كل الدين واعتباره إنجازاً حضارياً ! بلاء وتخلف شديد .

الدين الذى نعرفه ليس إنجازاً حضارياً يا أتيليه القاهرة !

الدين الذى هو الإسلام عقيدة وشريعة ليس انجازاً حضارياً بل هو المنهج الذى يحكم كل الحياة . ومصدر معرفتنا القران الكريم والسنة النبوية والوحى مصدر اليقين

( ولولا الوحى لكنا عمياناً ) وهو تعبير للدكتور مراد هوفمان وهو سفير المانيا بالمغرب سابقاً . نعم لولا الوحى لكنا عمياناً !

    الوحى الذى ينكره ( البُلغاء ) نسبة إلى ( البُلغة )  المعروفة فى ريف مصر وحضرها ايضاً !

إن محاولات نزع القداسة عن المقدس لن تستطيع اقتلاع الهُوية الإسلامية رغم خطورة ما تفعله الأقلام الفاسدة والأفكار التالفة التى نراها تعمل عملها كل يوم على صفحات الجرائد والفيسبوك لتضل الناس عن سواء السبيل خاصة التى تتعرض لعقيدة الأمة وهويتها وضرب المفاهيم العقدية والإستهزاء بخطورة القيم العليا لهو من اخطر الأمور التى يجب ان تقف لها الدولة بالمرصاد وإلا ستكون الكارثة الكبرى التى نسأل الله ان يلطف بنا ولا يؤاخذنا على ما يفعل السفهاء منا . لا يوجد للفكر والأحكام مصادر نقلية بخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لهذا جاء فى أواخر التنزيل قول الله تعالى :

) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) المائدة / 3

وخلاصة رأى العلماء فى هذا الشأن :

أن المؤمن لا يسعه إلا ان يؤمن بما انزل الله تعالى من كتب وإن النسخ الأصلية – وقد إندثرت – وما بقى صحيحاً منها لم ينله التحريف حتى الان قد وصفه رب العزة بأنه ( هدى ونور ) ، ( موعظة للمتقين ) وجاء القرآن الكريم مصدقاً له فى آيات محكمات تؤخذ مباشرة من القرآن الكريم لدقة اللفظ وإحكامه وقطعية ثبوته . ولو شاء الله تعالى ان تبقى تلك الكتب السماوية مصادر للأحكام ومراجع للفكر فى امتنا لكان قد علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما علم عيسى عليه السلام التوراه فقال جل شأنه عن عيسى عليه السلام : ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ )    ال عمران / 41

وعليه فأى إجتهاد فكرى لا يكون مرجعه كتاب الله والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل الخطأ فيه ، ومجانبة الحكمة وإتباع الهوى هو الغالب عليه . متى يفهم ( .... ) !؟ وكما قال سعد زغلول عند علمه بكتاب الشعر الجاهلى لطه حسين . ما علينا اذا لم يفهم البقر !!

والله يقول الحق وهو يهدى الى الصواب .