أم الشهيد، وأم كل شهيد

عزة مختار

[email protected]

يا من اكتوي قلبك علي مائدة طعام الإفطار في رمضان حين خوي المكان منه ولم يملأه غيره

يا من دمعت عيناك حين رأيت كل رفيق له ، وحين سرت في كل طريق سار فيه

يا من خاصم النوم عينك وأنتي تحتضنين بعض ذكراه في ملبس له ، أو صورة ، أو كتاب كان يدرس فيه

يا من تمنيتي أن تتلاشي الدنيا في دقائق كي تلتقي بالغالي الذي رحل مبكرا دون كلمة وداع

غاليتي

كلنا  نفقد أحبة ، وليس أغلي من الابن والأمومة ، لكن رحمة الله تعالي تغرس في قلوبنا الرضا لما يرضاه اسألي إن شئت أم حارثة وهي أم يغلي قلبها لفقد حبيبها ، فتقول يا رسول الله أحارثة في النار فأبكيه ، أم في الجنة فأصبر ؟ فيقول ويحك يا أم حارثة ، أجنة واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة ، وحارثة أصاب الفردوس الأعلى منها

    عن‏ ‏أنس بن مالك ‏

‏أن ‏ ‏أم الربيع بنت البراء ‏ ‏وهي ‏ ‏أم حارثة بن سراقة ‏ ‏أتت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن ‏ ‏حارثة ‏ ‏وكان قتل يوم ‏ ‏بدر ‏ ‏أصابه سهم ‏ ‏غرب ‏ ‏فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء قال ‏ ‏يا ‏ ‏أم حارثة ‏ ‏إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ‏

 ماذا نبغي كلنا من أمومتنا غاليتي ؟ ، إن كل ما نبتغيه هو ضمان مستقبل أفضل لأبنائنا وذرياتنا

فماذا إذا جاء هذا الضمان من الله عز وجل ، ليس من مات في سبيل الله ميتا ، وإنما أحياء عند ربهم يرزقون ، في جنات العلي ، بين الصديقين والشهداء ، بل وفي صحبة أنبياء الله عز وجل

 " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ".

ماذا كنت تبغين لولدك أفضل من ذلك صحبة ، وأعلي من ذلك مكانة ؟ والله ثم والله لو خير في العودة لن يعود إلا لكي يقتل في سبيل الله مرة أخري ثم يعود ثم يقتل من حلاوة الشهادة ومن حلاوة اللقاء . أي مكانة تلك التي نحلم بها ، وأي مستقبل هذا الذي صنعه الله له بيده واختاره هو  دون غيره له " ويتخذ منكم شهداء " هو يتخذ ، هو يختار ، سبحانه وتعالي

 نعم الفراق مؤلم ، لكنني كأم مطمئنة علي ولدي ، هو في معية الله محفوظا لن تطاله يد الغدر وقد ضمن قصاص الله له ، " وأصبح فؤاد أم موسي فارغا ، وإن كادت لتبدي به " أصبح فارغا من كل شيء إلا موسي الحبيب الذي فارقها اعترافا من الله وتقديرا لقلب الأم الذي ينفطر علي فراق الغالي ، لولا أن يأتي لطف الله عز وجل ، إنه ليس ابنا عاديا ، إنه مختار ومتخذ من الله ، هنيئا لك ، وهنيئا للشهيد وأهل الشهيد ، يا أهل الشفاعة وقد ضمنتم دخول الجنة ، ربط الله علي قلبك وقلب كل أم يا أم الشهيد