من المسكين اليوم؟؟

د. بلال كمال رشيد

[email protected]

مسكينٌ هذا المواطن البسيط الذي يُتابع الأخبار يومياً ولا يجد الجديد إلا في أرقامٍ تزيد أو تقلُّ في عدد القتلى والجرحى ، ولا يجدُ الجديد إلا في تعدد مناطق المواجهة ، واختلاف اللاعبين ، لا يملك حلاً ولا يستطيع تحليلاً ، يلجأ إلى المُحللين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، يسمع صخباً ويزداد غضباً ، يتأوه ، يتألم ، يتنهد ، ويزداد قلقاً على قلقٍ على أيامٍ حُبلى بجديد  ظُلمٍ وغضبٍ وخيانةٍ وغدرٍ ، تُفرحُ عدواً ، وتُقرحُ صديقاً !!

مسكينٌ وهو في كلِّ يومٍ  يتلقى الخبر شراً وشرراً ، ويرى أمينَ الأمسِ خائنَ اليوم ، ويجدُ الإيمان كُفراً ، فلا يقف القتلُ عن كبيرٍ ، ولا يمتنعُ عن صغيرٍ،  ولا يكفُّ عن امرأةٍ ، قتلٌ مستشرٍ على الشكل والاسم واللون والهوية ، حياةُ غابٍ وقوةُ نابٍ ، فمن أين يأتيه الأملُ؟ والألمُ عربيُّ الوجهِ واليد واللسان ، و هو سيد المشهد والمجلس، والحياةُ مُتقلبةٌ ما بين السادة والعبيد !!!

مسكينٌ وقد كان  شغله الشاغل – قُبيل  الألم العربيِّ الجديد والنظام العالمي الجديد- فلسطين عودة أو دعوة لتحريرها ، كان يبكي ويتباكى على نكبةٍ كانت ، وعلى نكسةٍ حدثت ، وعلى انتفاضةٍ اشتعلت  وهي تُشعلُ وتشع الأمل  من جديد، كان ينشد الوحدة ويتغنى بها بين دولتين عربيتين ، أو ما يُشكل مجلساً بين دول عدة ، ويرى النصر قاب قُبلتين لندخل القدس فاتحين !!!

مسكينٌ وقد كان يُصوب نظره إلى عدوٍ واحدٍ يترقبهُ ويتوعده ، والآن تعددت عليه السهام والنبال ، ويأتيه الرصاص من كلِّ حدبٍ وصوب ، من الأقربين والأبعدين ، ويرى الجرح عدوى تنتقلُ لِتُصيب المتجاورين والمتحاورين  ليتحاوروا بالرصاص لا بالكلام !!!

هل بقيتْ فلسطينُ على اللسان وإن اتخذت القلب مهجعا ؟؟!!

هل ما زلنا (ندعو لأندلسٍ) وقد حُوصرت حلبُ فعلاً ؟؟

ماذا أصاب البوصلة ولم تُحددْ لنا شرقاً ولا غرباً ؟؟

أتبكي فلسطين أم مصر أم سوريا أم بغداد أم لبنان أم  ليبيا ؟؟

من هو أخوك الذي تشدُّ به الأزر ؟؟

من المسكينُ أذاك الذي يُقتل ، أم ذلك الذي يُعدم ، أم هذا الذي لم يعدْ يفهم ؟؟!!!

أما زلت تتغنى بخالدٍ ومعتصم وصلاح الدين ، ومُدنك تتهاوى كأوراقِ خريفٍ في ربيعٍ دامٍ ودائمٍ ؟؟!!