ألوان من (الصداع الثقافي)!!

زغلول عبد الحليم

جر علينا غيابنا الحضاري وتنازلنا عن قيمنا وخصائصنا الكثير من ألوان الصداع الثقافي المتمثل في محاولات وضع القيم البديلة موضع العمل أو قل محاولة وضع الانطباعات محل الحقائق والانطباعات بطبيعتها مضللة، لذا فما يجري الآن للأدمغة هو غسيل مخ تقوم به جهات عالمية على نحو من الدقة والحرفية يقف أمامها النفر المسلم حائراً بعد أن يتم تجريده يومياً من خصائصه المميزة المستمدة من عقيدته. مأساة شديدة التعقيد. إنها حرب اقتلاع الهوية بلا شك، الهوية التي يتندر عليها بعض حملة الدرجات العلمية إلى حد إنكارها !!

وعليه استطاعت قوى (البغي الثقافي) أن تنفذ إلى أعماق الأفهام والأدمغة لتدمرها ومعها المستند وفي يدها وثيقة تنازلنا عن خصائصنا !!

واحتل (البغي الثقافي) أدمغة الناس، وتراجعت الخصائص المميزة لنا ولحضارتنا وقبل كل هذا عقيدتنا منبع حضارتنا ومصدرها الأساسي وليس لنا مصدر آخر فهي المصدر الوحيد المعرفي ولا معرفة حقيقية الأمنة وكل ما يخالفه لا نحفل به ولا يهمنا في كثير أو قليل رغم دعوات الباطل للتنوير والمعاصرة والحداثة وما بعد الحداثة إلى آخره من هذه الأباطيل التي انتهت في بلادها في أربعينيات القرن الماضي ولكن رواد التنوير عن أهدافهم فهم حملة المفاهيم المضللة التي نراها تعمل في كل مناحي (الحياة الثقافية) على فرض وجودها ! حتى تكلم أحدهم أخيراً على الفضائية المصرية عن (الرقص الديني) وكان حديثه في قمة الفخر والزهو والأنكي أن المحاور أو المحاورة كانت في غاية الاهتمام والإنصات المبالغ فيه !!

لا أعرف معنى الرقص الديني إلا عند جماعات الهمج في أدغال أفريقيا ! إنها دعوة للرجوع إلى الخلف وأتذكر أن الكاتب الكبير يحيي حقي قال لي عام 1972 أن الناس لديهم شغف كبير للعودة إلى آله الغضب وآله النور في العصور الماضية !! رحم الله يحيي حقي وكأنه كان يقرأ من كتاب، إنه إحساس الفنان الحقيقي والأديب الألمعي، أتذكر جلساته في مقهى (جروبي) بالقاهرة مع صديقي الكاتب الكبير الدكتور حلمي القاعود، كنا نحبه ونحترمه وكان يشجعنا ويسمع لنا - رحمه الله - كان صديقاً للعلامة محمود شاكر وكفى.

فرق كبير بين ماضي ثقافي فيه كثيراً من النبل وحاضر ثقافي مسف قل فيه النبل !!

كان هناك ثروت عكاشة وسليمان حزين وأحمد هيكل وعبد القادر حاتم وعبد المنعم الصاوي … وكفى.

النفس مشحونة بالأسى والحزن على ما أصاب واقعنا الثقافي من ترهل حتى يخيل لي أنها حرب على عقيدة الأمة تشن من النوافذ الإعلامية جميعها بلا استثناء.

الرقص الديني، الرقص التجريبي !! إعلانات العري ونشر أخبار الشواذ ومتابعة أفراحهم وعرضها على العامة على أنها انفراد صحفي يعادل في أهميته مشكلة سد النهضة في أثيوبيا !! لا حول ولا قوة إلا بالله.

إن الاهتمام بقضايا الأمة جزء من عقيدتها، واعتقد أن ما يبثه الإعلام من قضايا أكثرها لا يمكن أن تكون جادة أو هادفة بل هي على العكس تماماً ستؤدي بنا إلى إهلاك قريب نعوذ بالله من أن نتعرض لغضبه سبحانه، علينا أن نعود على عقيدتنا لنعود لخصائصنا وقيمنا فهي حائط الصد للهجوم الناري الذي تتعرض له الأمة في كل ما يمت إلى عقيدتها.

والله يقول الحق وهو يهدي إلى الصواب