الإباحيِّةُ الاجتماعيِّةُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

تساءلَ مستر لورن كرنر نائبُ وزيرِ خارجيةِ أمريكا الأسبقِ في رسالةِ سابقةِ قائلاً:ومَاذا قال جيمس بيكر عنْ الإباحيِّةِ الاجتماعيِّةِ ..؟قلتُ:نَشرت صَحيفةُ لوس أنجلوس مقالاً لجيمس بيكر تَحتَ عِنوان "أزمةُ القيمِ تُكلفُنَا كثيراً"نَشرتَه صَحيفةُ الشرقِ الأوسطِ في عددِها ( 5730 ) تاريخ 10 / 7 / 1994م بِترخيصٍ منْ خِدمةِ ( لوس إنجلوس تايمز ) جَاء فيه:"تَدهورُ القيمِ الاجتماعيِّةِ سَبَبٌ لارتفاعِ الفسادِ الانفجاريِّ في أمَريكا..إن 73% منِ الأمريكيين قَلقُون منْ أنَّ الأمةَ تُعانِي منْ انحدارٍ أخلاقيٍّ..وَهُم عَلَى حقٍ في قَلقِهم هَذا..فَحسب بَعضِ التقديراتِ تُكلفُ الجريمةُ وحدها الاقتصادَ الأمريكي أكثرَ منْ 600 بليون دُولار سنوياً..وَتضيفُ إساءةُ استخدامِ الثروةِ والفسادُ بلايينَ أُخرى لا تُحصَى..لكنْ الثمن الإنسانيّ الذي يُدفعُ موتاً وتدميراً لحياةِ الإنسانِ والآمالُ المحبطةُ..هُو أغلَى بكثيرٍوَيقعُ بتفاوتٍ مريرٍ عَلَى قِلةِ حَصانتِنا..إنْ أزمة القيمِ الراهنةِ تَعودُ إلى الستيناتِ حيثُ بَدأت النِسبيِّةُ الثقافيِّة والإباحيِّةُ الأخلاقيِّة..لَقد بَدأت أمريكا تَجربتَها المشؤومةِ في الإباحيِّةِ الاجتماعيِّةِ قَبلَ ثَلاثين عاماً..وَقد يَتطلبُ نَقدُ هَذه العمليةِ ثلاثةَ عُقودٍ أُخرى..وَيختمُ مقالَتَه بعبارةٍ مُــؤثرةٍ قائلاً:إنَّ المسؤوليَّةَ الشــخصيِّةَ هي ما جَعلَنَا شعباً قوياً..أمَا الاستمرارُ في أزمةِ القيمِ فَسيحّولُنا إلى شعبٍ ضعيفٍ"قالَ مستر كرنر:أشكركُم عَلَى مُلاحظاتِكم الجريئةِ..وَكنْ عَلَى ثقةٍ أنَّها ستكونُ موضعَ عنايةٍ واهتمامٍ..ثُمَ قالَ:وَماذَا تقترحُ منْ أجلِ المزيدِ منَ التعارفِ ..؟ قلتُ:استمرارُ الحوارِ المباشرِ بَينَنا..وَتبادلُ وجهاتِ النظرِ بكُلِّ شفافيِّةٍ ومصداقيِّةٍ بَعيداً عنْ وسطاءِ السوءِ..فالتعارفُ المُباشرُ يَبقى أقدرَ عَلَى تحقيقِ الفهمِ الصحيحِ المتبادلِ..بَعيداً عنْ التفسيراتِ والتأويلاتِ الخاطئةِ..التي غالباً ما يُمارسُها وسطاءُ السوءِ..وعَلَى الأخص وسائلُ الإعلامِ المغرضةِ أو المأجورةِ..وعَلَينا أنْ نُدركَ أنَّ ساحةَ المشتركِ بَيننَا كبيرةٌ..وأنَّ الوسائلَ والآلياتِ يَنبَغي أنْ تَبقى مُرتبطةً بِخياراتِ المجتمعاتِ وتَنوعِ خُصوصياتِها الثقافيِّةِ لا تُفرضُ بحالٍ من الأحوالِ..وَعَلَينا أنْ نَتحملَ مسؤوليةِ تنميةِ وتوسعةِ مساحاتِ المُشتركِ بيننَا بالحوارِ الموضوعيِّ  والمباشرِ.