الغَايَةُ وَالوَسيلَةُ
ما هي الغاية ..؟وما هي الوسيلة ..؟وما هي العلاقة يينهما ..؟
الغايةُ:هدفٌ..والوسيلةُ:أداةٌ..هلْ الغاياتُ سواءٌ..؟بِكُلِّ تأكيدٍ ليست سواءً..فَمنْها دينيٌّ ومنها دنيويٌّ..ومنْها دينيٌّ ودنيويٌّ معاً..ومنْها حسنٌ ومنْها سيءٌ..فَمَا هو حسنٌ عندَ قومٍ..رُبمَا يكونُ سيئاً عندَ آخرين..هلْ الغايةُ تُحدِّدُ وَسائلَها ..؟أم أنَّ الوسائل تحدد غاياتها ..؟أمْ أنَّ القيمَ هي التي تَحكمُ تَحديدَ الغايات والوسائل..؟مَا هي مَعاييرٌ تَحديدِ الغايات الوسائل..؟النَّاسُ بعامةٍ ليسوا سواءً بهذا الشأنُ..أمَّا في الإسلامِ فالغايةُ العُليَا:عبادةُ اللهِ وتوحيدُه وعدمُ الشركِ بهِ لقوله تعالى:"وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا"ومنْ ثمَّ عمارةُ الأرضِ وإقامةُ الحياةِ وتحقيقُ مصالحِ النَّاسِ لقوله تعالى:"هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"أي مرضاةُ اللهِ تعالى ومصالحُ النَّاسِ..هي المعاييرَ التي تَحكُمُ تَحديدِ الغاياتِ والوسائل..فإنْ اختلف النَّاسُ في معاييرِ مرضاةِ اللهِ لتَنّوعِ مُعتقداتِهم..فَلا مُبررَ لَهم أنْ يَختلِفوا بشأنِ معايير كُليِّاتِ مصالِحِهم ألمُشتركةِ وهي:(العدلُ وقدسيةُ حياةِ الإنسانِ وكرامتِهِ وحريتِهِ..وصحتُهُ وأمنُهُ وغذاؤهُ وطموحاتُهُ..وسلامةُ البيئةِ الاجتماعيِّةِ والجغرافيِّةِ)فَهذِه غاياتٌ مشتركةٌ..وقوانين الحلالُ والحرامُ في الإسلام تدورُ مَعَها وَلِصالِحِها لقوله تعالى:"فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ"أمَّا الوسائل فَهي نَوعان..نوعٌ مرتبطٌ بالعباداتِ..وَهي في الغَالبِ تَوقيفيِّةِ لا خيارَ بِشأنِها..ونوعٌ مرتبطٌ بالمصالحِ فَفيها مُرونةٌ وسَعَةٌ..وَعندَمَا تَزدَحِمُ الأحكامُ والاجتهادات بشأنِ وَسيلةٍ مَا..تَكونُ الأوليِّةُ للوسيلة الأيسر والأجدى لتحقيق ِمصلَحةِ الإنسانِ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما خُيّرتُ بينَ أمرين إلا اخترتُ أيسرَهُما"مَعَ تَقديمِ مَصلَحةَ الجماعةِ عَلًى مَصلَحةِ الفردِ..ولكن ما هي معايير مصلحة الإنسان ..؟من أبرز مقومات مصالح الناس:قدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته وضرورات حياته..ومن أولوياتها:الأمن النفسي لقوله تعالى:"الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللًّهِ"والأمن الاجتماعي لقوله تعالى:"وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْف"والأمن الغذائي لقوله تعالى:"أَطْعَمَهُمْ مِنْ من جُوعٍ"والأمن الصحي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَن أصبح آمنًا في سِرْبِه،مُعافًى في جسده،عنده قوتُ يومه،فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذَافِيرها"والأمن البيئي لقوله تعالى:"وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا"وَخُلاصةُ القُولِ:الغايةُ والوسيلةُ في الإسلامِ..قيمتان متلازمتان متكاملتان..مَحكُومَتانِ بالقيمِ الربانيِّةِ المُحققة لِمَرضاةِ الله..والمحققة لكُلِّياتِ مصالحِ العبادِ المشتركةِ.
وسوم: العدد 624