طهران تستكمل مشروع الأمل
طهران تستكمل مشروع الأمل …..تحت عنوان :
ويل للعرب من شر إيران الذي إقترب
الولايات المتحدة تفرض مشروعها كأمر واقع.وفرضت نفوذها وتمددها في المنطقة كذلك….و داعش تصول وتجول وتعربد في المنطقة…… إيران ومن يشايعها يتمددون في المنطقة يعضمونها بألاعبيهم و مؤمراتهم…….والعرب في كبوتهم وغفوتهم يتمددون لكن إلى أين ؟….للأسف إلى السرير.مرحلة استئناف التمدد الإيراني اصطلحت إحدى الصحف الإيرانية تسميته مرحلة الامل لوصف الحقبة القادمة ؛ فهي مرحلة البناء والنهضة والعلم حسب تصورهم؛ والواقع العربي حسبما هو عليه يعاني من دمار وفوضى، وهذا أعاد بي الذاكرة إلى مسلسل كرتوني كنا نتابعة ونحن أطفال اسمه “عدنان ولينا” ، وأحداثه تتلخص حول انهيار العالم ولا عاصم إلا جزيرة الأمل ؛الملجأ الوحيد للبشرية ,فهل تعتبر إيران نفسها جزيرة الأمل بعد تدمير العالم العربي ، والجلوس على أنقاضه ؟ .
مشروع بدء مرحلة الأمل ، هو ما طالعتنا به إيران كعنوان رئيس لها صبيحة الاتفاق النووي ؛فقد عنونت صحيفة ابتكار الإيرانية صفحتها الرئيسة بهذا العنوان ، لقد استعرض الخبر ما تحقق خلال المفاوضات مع الغرب ، وقالت إن البساط –بموجب لاتفاق مع الغرب – ُسحب من تحت اقدام الأعداء ، وأنه قد بدأت مرحلة التفاهم مع إيران على القضايا الكبرى .وأضافت أن الخاسر الأكبرفي هذا الانجاز النووي هو الكيان الصهيوني وبعض الدول الحليفة له في المنطقة، وفي مقدمتها السعوديه . وأكدت على أن المنطقة ستشهد تطورات كبرى وجديدة ،مؤكدة على أهمية استغلال الفرص الكبرى لتحقيق أهداف الشعب الايراني ، وأكدت على أن
قطار التنمية يجب أن يسير منذ اليوم على السكة الحقيقية للوصول إلى بر الأمان، ولابد من شحذ الهمم لامتلاك ناصية العلم والتقدم والتطور لإكمال مسيرةالأمجاد الإيرانية ، فالشعب الإيراني سيمضي قدماً في إستراتيجياته الداخلیة والخارجیة ومسیرة البناء الحضاري ، والانتاج العلمي والتطور الاقتصادي الذي بدأه .
أعلنت القوى العالمية السبع الكبرى في العاصمة النمساوية فينا، توصلها لإتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني ورفع كامل الحظر عن إيران؛ وهو الحظر الذي بدأ الغرب بفرضه على ايران منذ أكثر من ثلاثة عقود ونصف. وبهذا الإعلان الذي وقّع عليه السبع الكبار: الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والمانيا وإيران؛ أسدل الستار على ماراثون المفاوضات الصعبة التي استمرت مايقرب من اثني عشر عاماً، وجاء اليوم الموعود لبوابة جهنم الإيرانية للمنطقة .
المرحلة الأولى من مشروع الأمل الإيراني (تجربة تاريخية مريرة)
بادئ ذي بدء لاشك بأن مشروع الأمل الإيراني ومنذ نشأته كان يشكلويجسد خنجراً تآمرياً في جسد الأمة الإسلامية : تاريخياً تعتبر الإمبراطورية الفارسية آخر الإمبراطوريات التي تأسست منذ نشأتها الأولى على التوسع والاستغلال ، وشن الحروب ضد الدول المجاورة، وكان نصيب العرب من تلك الأطماع نصيب الأسد؛بسبب الجوار الجغرافي، والتراث الفارسي الحاقد عليهم، واختلاف المحرك الأساسي والإيدلوجي لهذه الإمبراطورية، فكانت العرقية الآرية، و الديانة الزرداشتية، والإرث الإمبرطوري زمن بعض السلالات الفارسية السابقة هي المحرك الأساسي للتوسع والهيمنة الإيرانية ، و اليوم وبالنسبة للجمهورية الإسلامية فإن المحرك الأساس هو المذهبية الصفوية، يضاف إليه كل ماذكر من إرث امبراطوري و من استعلاء عرقي،
و الإرث الإمبراطوري من العوامل التاريخية التي أدت للتحالف بين الإمبراطورية الفارسية والقوى الأخرى ،و لا شك بأن هدف الفرس الذي يسعون دوماً إلى تحقيقه عبر التاريخ كان ُيركزعلى مسألة استرجاع مجدهم القديم المغتصب، وبالتالي إقامة دولة فارسية متميزة الخصوصية في مظهرها وحقيقتها، ، وقد كان ومازال استهداف الدول العربية يُمثل أولى أهدافهم.
لقد تغير الأمر كثيراًبعد معركة القادسية، التي نشبت بين حضارتين ودولتين، هي الدولة الإسلامية الناشئة والمستندة على دين سماوي يريد إشاعة عبادة الله بدلاًمن عبادة البشر ، فكانت معركة القادسية الشرارة الأولى التي زرعت في نفوس الفرس حقداً تاريخياً لم ُتزله قرون طويلة عاشوا تحت راية الإسلام.في الحقيقة إن الفتح الإسلامي لبلاد فارس لم يكن سهلاً على الإطلاق؛ حيث أمضى المسلمون نحو عشرة أعوام في حروب متقطعة مع الفرس، ولم يتم فيها سوى فتح جزئي، فكثيراً ما كانت الأقاليم المفتوحة تعلن تمردها خصوصاً من جانب القادة العسكريين الفرس بعد أن صالحوا العرب. ترى الكثير من الدراسات الفارسية أن حضارة بلاد فارس توقفت قرنين من الزمن؛ وذلك بسبب استيلاء المسلمين العرب الفاتحين الذين أوقفوا تطور الحضارة الفارسية، حيث شبهوا الفتح الإسلامي لبلاد فارسكغزوات المغول والإسكندر، ثم استمرت عملية مواجهة الفتح الإسلامي تباعاً وضمن مُخطط مدروس .
وقف مشروع الأمل الفارسي كذلك إلى جانب الثورات التي خرجت على الدولة الإسلامية. ما دمنا نتحدث عن الأدوار التي اضطلع بها الفرس لمحاربة الدولة الإسلامية.أما الأمر الخطير على الصعيد الدولي فقد كانت مشروع الأمل الإيرانيكما لاحظنا، وعلى مر السلالات التي حكمتها منذ نشأتها ولغاية اليوم، حاضرة إلى جانب أعداء الأمة في جميع حروبها ضد أعدائها ؛ لاسيما الدول العربية ، حتى وصل الأمر بكثير من المستشرقين الذين درسوا إيران إلى القول: لولا الصفويون لكنا نقرأ القرآن في أوروبا كما يقرأه الجزائريون، ولولا الصفويون لكانت أوروبا وشعوبها تحت سيف الإسلام واستعمار العربية ، والتجربة العربية مع مرحلة الشاه والثورة الإسلامية التي لازالت تحكم إيران أدهى وأمر ، خصوصاً بعد نجاح إيران في بناء المجال الحيوي بصيغته المذهبية ، ونجاحها منقطع النظير بتفجير الوضع الإقليمي . فسبحان الله ما أشبه اليوم بالأمس ، فالتاريخ ُيعيد نفسه هذه المرة ، مع دوران عجلة الزمان وتصاريفه .
المرحلة الثانية من مشروع الأمل الإيراني (الاتفاق النووي ورفع العقوبات)
عنوانه : مزيد من دعم محورالممانعة ، وتعزيز وضع الأقليات الشيعية في العالم العربي : وجهة نظر إيرانية
خاضت إيران – حسب تعبيرها – مفاوضات صعبة مع الدول العظمی فی العالم، التي حاولت انتزاع التنازلات من إيران ، علی غرار التنازلات التی كانوا ینتزعونها بسهولة فی مفاوضاتهم مع دول العالم الثالث، إلا أن النموذج الإیرانی، لم یکن کغیره من الدول، حیث استطاعت إیران أن تفرض نفسها کقوة إقلیمیة عظمی لها تأثیرها فی إحدی أهم المناطق حیویة فی العالم، وهی تفاوض من منطلق قوة، ولیس من منطلق ضعف، من أجل الأمر الذی دفع دول الـ ٥+١ للتمدید تلو التمدید للمفاوضات، إشارة منهم إلى رغبة غربیة من أجل إتمام الاتفاق، و هي لا تقل طبعاً عن الرغبة الإيرانية لتحقيق أهدافها ، والتي يأتي في مقدمتها تعزيز قوتها للتفرغ لقيادة الاقليم .
تقول طهران أن جميع الدول السبع خرجت راضية من المفاوضات، وكان الاتفاق عادلاً إلى حد كبير. وإذا كان المحور الرابح فيه هو المحورالروسي الصيني الإيراني، وإن الدولة الأكثر ربحاً هي إيران ؛ فإن المحور الغربي لم يكن خاسراً، ويعتقد إنه خرج بمكاسب على مستوى الأمن العالمي والشرق أوسطي؛ فضلاً عن المكاسب الاقتصادية. أما المحور الذي يعد نفسه خاسراً في هذا الإتفاق العالمي؛ فهو المحور العنصري الطائفي الذي يعادي إيران من منطلقات ايديولوجية؛ والذي تقوده إسرائيل والسعوديه حسب قولهم !!!
و السؤال ما هي العوامل التي دفعت الدول الست للوصول للاتفاق النووي حسب ما تطرحه إيران؟ الجواب البدیهی عن هذا السؤال، یکمن فی البدیل للاتفاق، أی الحرب، وهو الخیار الذی لا یرغبه أحد، حیث تعي دول الـ ٥+١ وعلی رأسها أمریکا مغبة أية مواجهة مسلحة مع إیران، ولو أنها کانت قادرة علی شن أية حملة عسکریة لتدمیر المنشآت النوویة لکانت أقدمت علی ذلک بالفعل کما فعلت فی العراق وأفغانستان، لکن القوة الدفاعیة الإیرانیة، کانت الحائل أمام استبعاد الخیار العسکری، بالرغم من التلویح به عدة مرات، حیث تمتلک إیران القدرة علی ضرب المصالح الأمریکیة الحیویة فی المنطقة، کما أن الکیان الاسرائیلی الحلیف الاستراتیجی لأمریکا لن یکون بمنأی عن الانتقام الإیرانی.ومن مصادر القوة التی أسهمت فی صمود إیران فی المفاوضات النوویة، هو أن منشآتها النوویة قد تأسست بتقنیة محلیة غیر مستوردة، وبأیدی علماء نوویین ایرانیین، الأمر الذی فرض أمراً واقعاً علی الدول الغربیة فی تعاملها مع الملف النووی الإیرانی، إذ أن تدمیر المنشآت النوویة فی -حال وقوعه- لن یدمر المشروع النووی الإیرانی، بل سیؤخره فحسب.
ومن ناحیة أخری فإن المکانة التی تتبوؤها ایران علی الساحة الاقلیمیة والدولیة ووقوفها فی مصاف الدول صاحبة التأثیر والنفوذ فی حل قضایا المنطقة، یجبر القوی العالمیة علی التفاوض معها من موقع الند، ویجعل من الصعب علی هذه الدول املاء الشروط، علی دولة إقلیمیة عظمی تلعب دوراً مؤثراً فی إحدی أهم المناطق حیویة فی العالم.ویشهد علی الدور البارز لإیران فی حل قضایا المنطقة وتأمین استقرارها، وقوفها فی وجه تمدد الارهاب فی منطقة الشرق الأوسط، حیث تعترف المصادر الغربیة بأن الدور الإیرانی فی تشکیل القوات الشعبیة فی العراق وسوریا وتدریب وتقدیم الدعم الاستشاری لهذه القوات، هو الذی منع تنظیم داعش الإرهابی من الوصول إلی بغداد وتهدید الدول الأخری.
ينطوي على هذا الاتفاق – حسب ما تدعيه إيران – إحداث تحولات أساسية في المسارات السياسية الشرق أوسطية والعالمية؛ حيث تروج طهران أن هذا الاتفاق قد حقق الاعتراف بها كقوةً سياسيةً عالمية؛ إلى جانب القوى الست الكبرى: أميركا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والمانيا. وهو اعتراف لم يقدم لإيران هدية على طبق من ذهب؛ بل انتزعته إيران إنتزاعاً بمقاومتها وصبرها وحنكتها وقدراتها الذاتية. وسيترتب على هذا الاعتراف تكريس وجود إيران شريكاً متكافئاً مع روسيا والصين في محور شنغهاي من جهة، وإعادة توزيع مناطق النفوذ بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران من جهة أخرى؛ إذ سيكون هناك نوع من التفاهم المتبادل بشأن الصراعات بين الطرفين في الشرق الأوسط، والحضور الإيراني في آسيا الوسطى وأفريقيا وأميركا اللاتينية؛ مما سيساهم بقوة في تخفيف بؤر التوتر؛ ولا سيما في النقاط الملتهبة في منطقة المشرق العربي؛ كأفغانستان والعراق والبحرين وسوريا ولبنان واليمن.
وتبشر طهران بأن الإعتراف بها قوةً نووية وعلمية وتكنولوجية عالمية؛ ومايترتب عليه من تعاون دولي شامل على هذا الصعيد؛ سيحقق لإيران قفزات علمية إضافية كبيرة في جميع المجالات؛ بالنظر لدخول التكنولوجيا النووية في معظم مجالات الحياة. كذلك سيسهم هذا الاتفاق في عملية التحول في اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وأوربا وشرق آسيا وروسيا؛ إذ أن رفع الحظر عن إيران؛ سيؤدي الى مداخيل إضافية لإيران لا تقل عن مائة مليار دولار سنويا، وانتعاش غير مسبوق للاقتصاد والصناعة والتكنولوجيا في إيران، وتحولها إلى مركز لحراك اقتصادي عالمي جديد وتعاون صناعي وتكنولوجي يمتد من شرق آسيا روسيا الى أوروبا عبر إيران؛ ما يؤدي الى انتعاش لاقتصاديات كل هذا المحور. ومن هنا ظلت روسيا والصين وفرنسا والمانيا تسقط مصالحها الاقتصادية مع إيران في المفاوضات وفي إعلان الإتفاق؛ لأنها تطمح الى تعاون صناعي وتجاري مميز مع إيران. كذلك سيؤدي إلى عودة المحور الشرقي عبر منظمة شنغهاي التي تضم روسيا والصين وإيران ودول أخرى؛ الى قوة عالمية سياسية واقتصادية وعسكرية؛ مقابل المحور الغربي الذي تقوده أميركا؛ مما سيحد من الهيمنة الأميركية على القرار العالمي، ويفرض التكافؤ في القوة بين المحورين. وهذا مايفسر دعم روسيا والصين لحليفتهما إيران في المفاوضات؛ لأن خروج إيران منتصرة نسبياً من المفاوضات؛ سيقوي محور شنغهاي؛ وسيحقق لروسيا والصين أيضاً نفوذاً إضافياً على كل الصعد.
أما الأمر المثير الذي بشرتنا به طهران حول نتائج هذا الاتفاق ، فهو أنه سُيسهم في انتعاش محور الممانعة والمقاومة في الشرق الأوسط، وتقويته سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً وتوسعته جغرافيا وإجتماعياً؛ والإذعان بوجوده في إطار المركزية الإيرانية؛ مما يعطي لحماية إيران لحلقات هذا المحور في العراق واليمن وسوريا ولبنان وفلسطين؛ مشروعية سياسية إقليمية ودولية.وبه تزف إيران بشرى سطوع نجم الشيعة العرب ،حيث صرحت بأن إحدى ثمرات هذا الاتفاق ستنعكس على محور الممانعة الذي تقوده إيران وعلى شيعة المشرق العربي؛ ولاسيما شيعة العراق والسعودية والبحرين واليمن ولبنان، وستخفف عنهم الضغوطات الطائفية؛ الاجتماعية والثقافية والإعلامية والسياسية والإرهابية تدريجياً؛ ولا سيما من الدول والجماعات التي تستهدف الواقع الشيعي؛ كالسعودية وقطر وتركيا والأردن والقاعدة والنصرة وداعش والبعث.
إذاً هو تدشين لاستئناف رحلة الأمل مع إيران ، والتي لطالما بشر آياتها ومراجعها العظام مقولة نبؤة قرب ظهور إمام الزمان ، وهو يحمل الراية السوداء ومخطوط عليها ويل للعرب … من شر إيران الذي إقترب ،،،،،
د. نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أميه للبحوث والدراسات الاستراتيجية