الترعة وأخواتها

في الأول من يوليو الماضي كتبت على صفحتي على الفيسبوك عن المعلومات والصور التي وردتني من داخل الهيئة الهندسية عما يسمى بمدينة الاسماعيلية الجديدة وهي عملية نصب جديدة ترتكبها عصابة العسكر في حق المصريين، فلا يوجد مدينة ولا يحزنون وإن هي الا مجموعة من الأساسات التي تم بناءها والتي ستنضم إلى باقي أخواتها من الكفتة العلاجية والمليون وحدة سكنية والمؤتمر الاقتصادي وغيرها، ولكن أخطر ما لفت نظري في البيانات التي قمت بنشرها بعد ذلك مدعومة بالصور والمستندات، كان العمق الذي وصل إليه الحفر في ترعة الدفرسوار والذي لم يبلغ وقتها سوى مترين في بعض المناطق وستة أمتار في مناطق أخرى، وعلى الفور ردت صحف الانقلاب فيما يبدو للقاريء كشف حساب عما ((انجزوه)) في المشروع الوهمي، فنشرت كل الصحف التابعة للانقلاب في وقت واحد تقريباً أن الحفر وصل لعمق 24 قدماً وهو بيان خادع يستخدم وحدة قياس يندر استخدامها في مصر وهي القدم، بحيث يصبح على القاريء أن يحول الرقم إلى أمتار فيكتشف أن العمق 7.5 متراً فقط (حسب أرقامهم) أو أن يعتبر الرقم قريبا من المتر أو يخلط بينه وبين المتر على طريقة (مشي حالك).

وبغض النظر عن أن صحف الانقلاب عادت بعد أقل من شهرين لتقول أن الحفر وصل لعمق 24 متراً وهو أمر مستحيل في شهرين، الا أن الحرص على حفر تلك الترعة لم يبد لي بريئاً أبداً، فدراستي خلال العامين الماضيين لخدعة حرب أكتوبر التي نفذها السادات على الشعب المصري بإخراج من كيسنجر وبالاشتراك مع ديان، بالإضافة إلى ما تقوم به ميليشيات الانقلاب من إجرام في سيناء ووقاحة شاويش الانقلاب في إخلاء الشريط الحدودي في سيناء من المصريين، لفتا نظري إلى احتمال آخر شديد الخطورة وهي أن الترعة على قصرها تقع في مواجهة منتصف القناة تقريباً (من الكيلو 60 إلى الكيلو 95) وهو ما يعني انشاء مانع مزدوج بمسافة 35 كيلومتراً تقع في منتصفه جزيرة صناعية ناشئة عن الحفر يستطيع العدو الصهيوني بامكانياته التكنولوجية التحكم فيها وهو ما يعني بالتالي أن تلك الترعة ستفصل بين أي قوات مستقبلية تحاول تحرير سيناء في حالة احتلالها من قبل العدو الصهيوني، ويصبح أي جيش مستقبلي (بالطبع لا اتحدث عن عصابات الكفتة الحالية)، مقسوماً إلى نصفين لا يحمي بعضهما البعض، ويصبح كل نصف مكشوفاً أمام نيران العدو، وهو ما يعني أن حفر تلك الترعة قد يكون غرضه في الأساس انشاء منطقة ثغرة صناعية بين أي قوات مستقبلية وجعل مهمة تحرير سيناء من أي احتلال مستقبلي مهمة مستحيلة خاصة مع التفوق التكنولوجي الكامل للعدو الصهيوني على جيش الكفتة الذي تم تدميره فعلياً بعد جره ليصبح أداة عدوان على الشعب.

الترعة التي سيفتتحها الشاويش الاسبوع القادم على يخت المحروسة الخاص بالملك فاروق لتعويض عقد النقص عنده، هي عملية نصب مزدوجة، يصر الشاويش على تسميتها "قناة" لينصب على المغفلين الذين تعرضوا لعملية نصب دفعوا فيها 65 مليار جنيه، وهي فنكوش جديد سيحتل مكاناً بارزاً بجانب الكفتة والمليون وحدة سكنية والمؤتمر الاقتصادي والعاصمة سعاد سيتي، بالإضافة إلى أنها لا تعتبر انجازاً على المستوى الهندسي فقد حفرت العديد من التفريعات من قبل بل حُفرت ترع يزيد طولها عن ضعف طول ترعة الدفرسوار ولكن التاريخ سيسجل لمصر أنها انجبت الكثير من عينة "مبروك أبو مبروك" الذي اشترى العتبة الخضرا في الفيلم الشهير، ولكنها أيضاً أكبر خيانة تعرضت لها مصر منذ 200 عاماً هم عمر الاحتلال بالوكالة، فباكتمال تلك الترعة يحقق الكيان الصهيوني نصراً عظيماً، فيكون قد عزل سيناء وبنقود المغفلين الذين دفعوا تحويشة العمر في تلك الترعة طمعاً في الفوائد التي يبدو وبشدة أنهم لن يحصلوا عليها مع تردي الحالة الاقتصادية وخلو خزانة الدولة وانقطاع (رز) الخليج.

وسوم: العدد 627