العدلُ والسلامُ
العدلُ والإحسانُ والظلمُ والعدوانُ..قيمٌ متضادةٌ متناقضةٌ..العـــدلُ:فضيلةٌ والظـلمُ:رذيلةٌ..والصراعُ لا يزالُ قائماً ومحتدماً بينَهما منذُ بدءِ الخليقةِ..فَمعَ العدلِ تَكونُ الرحمةُ وتُصانُ كرامةُ الإنسانِ..ويَعمُ الأمنُ والسلامُ..ومعَ الظلمِ يكونُ القهرُ وتُهـانُ كرامـةُ الإنسانِ..ويَعمُ الفسادُ والدمارُ وتُسعَّرُ الحروبُ..ولكن منْ هُم أهلُ الظلمِ وأنصارُه..؟ وهلْ أحدٌ منَ البشرِ يَدعي الظلمَ ويَحملُ رايتَه..؟ لا..ليسَ هناكَ أحدٌ ينسبُ الظلمَ إلى نفسه..فَالنَّاسُ جميعاً يُعلنون كراهيتَهم ورفضَهم للظلمِ والظالمين..بلْ ويُعلنون حربَهم علَى الظُلمِ وأهلِه..إذاً منْ المسؤولُ عنِ الظلمِ يا تُرى..؟ ومنْ ذا الذي يُمارسُه ويَحملُ أوزارَه..؟ والجوابُ المحيِّرُ علَى لسانِ حالِ كُلِّ جهةٍ في الأرضِ:المسؤولُ جهةٌ مَا في الأرضِ! أمَّا منْ هَذه الجهةِ ..؟ومَا هي هُويتُها ومَا هُو دينُها وثقافتُها..؟ فَالكُلُّ يَتهِمُ الكُلَّ..والكُلُّ برئٌّ والكُلُّ مُتَهَمٌ..فنحنُ أمامَ لغزٍ يَحتاجُ لمنَ يَفكَ طلاسمَه..ومنْ ذا الذي يستطيعُ..؟ وكيف..؟ فبعدَ تأملٍ ومراجعةٍ بَدا لي أنَّ جوهرَ هَذه المُعضلةِ يَكمُنُ:في اضطرابِ معاييرِ العدلِ والظلمِ بينَ النَّاسِ..فَما هُو منَ الظلمِ عندَ قومٍ..هُو مينَ العدلِ عندَ آخرين..هَذه حقيقةٌ مرةٌ وواقع مؤلمٌ..تُعاني منْه المجتمعاتُ البشريِّةُ اليومَ ومنْ قَبل..وبعدُ مَا العملُ ..؟وهلْ منْ سبيلٍ للخروجِ منْ هَذا المأزقِ العالميِّ الخطيرِ..؟ أحسبُ أنَّ التوافقَ علَى كُليِّاتٍ إنسانيِّةٍ عُليا لمعاييرِ العدلِ هُو السبيلُ المنشودُ..وهُنا أرشحُ ثلاثَ كُليِّاتٍ عُليا لتكونَ مِعياراً للعدلِ..قُدسيِّةُ حياةِ الإنسانِ فمنْ صانَها فَهُو عادلٌ..خزائن الأرض وثرواتها للجميعِ فَمنْ التزمَ ذلك فَهُو عادلٌ..كرامةُ الإنسانِ مطلقةٌ فَمنْ أجلَّهَا فهو عادلٌ..والخروجُ علَى هَذه الكُليِّاتِ وما يلحق بها من تفاصيل وانتهاكُها..فَهُو الظُلمُ والبَغيُّ والعُدوانُ.
وسوم: العدد 630