دلالة استهداف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إعلاميا في هذا الظرف بالذات
من المعلوم أن موقع هسبريس لا يألو جهدا في نشر كل ما ينال من شخص السيد عبد الإله بنكيران منذ تعيينه على رأس الحكومة . وفي ظرف الحملات الانتخابية زادت وتيرة استهداف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عن المألوف على هذا الموقع . وآخر ما نشر هذا الموقع مقالا تحت عنوان : " عزرائيل يتقفى خطى بنكيران هل يتحرك الرميد في الواقعة ؟ " لصاحبه المدعو نور الدين اليزيد . وصاحب هذا المقال ينكر على السيد بنكيران قوله في مهرجان خطابي بتطوان بأنه يشعر بالخطر على حياته . وراح صاحب المقال يحلل هذا القول تحليل متهم ويرى أنه ليس من حق السيد عبد الإله بنكيران بصفته رئيس الحكومة أن يفوه بمثل هذا الكلام الذي يعطي انطباعا بأن البلد غير آمن، ذلك أنه إذا كان رئيس الحكومة يشعر بخطر على حياته ، فماذا يكون شعور المواطن العادي ؟ ويفهم من كلام صاحب المقال أن السيد بنكيران إنما يستعمل مثل هذا الكلام من أجل تسويق حملته الانتخابية ، وأن الذي دفعه إلى ذلك شعوره بهزيمة حزبه في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة . ومعلوم أن مثل هذا الخطاب يدخل ضمن الحملات الانتخابية ، ولا شك أن صاحبه مستأجر أو يدين بالولاء لحزب من الأحزاب الخصمة لحزب العدالة والتنمية والتي لم تدخر جهدا في النيل منه ومن أمينه العام منذ أول يوم من فوزه في الانتخابات السابقة . ولقد ألف المغاربة منذ أول يوم تولى فيه السيد عبد الإله بنكيران رئاسة الحكومة سماع تجريحه من طرف خصومه، ونقده والقدح فيه وفي ما يصدر عنه من كلام ومن قرارات حتى أنه بلغ الأمر بأحد خصومه حد تمني له نفس مصير الرئيس المصري محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا، والذي أطيح به عن طريق انقلاب عسكري أعاد مصر إلى فترة الاستبداد المقيت بعد أن تنفست الصعداء في ثورة يناير التي سقط فيها مئات الشهداء . وتمني نفس مصير الرئيس مرسي للسيد بنكيران يعكس مدى الحقد على حزب ذنبه أنه يصرح بمرجعيته الدينية ، وهي مرجعية صارت مقلقة للغرب ولكل من هم على هواه من علمانيين وأشباه العلمانيين من المنافقين المدعين للتدين بأفواههم والذين تكذب أفعالهم أقوالهم . وإذا كان صاحب مقال هسبريس ينكر مقولة رئيس الحكومة ويعتبرها مزايدة سياسوية فالسؤال الذي يواجهه ويتعين عليه الجواب عنه : هل تعتقد أن شخصا في حجم رئيس الحكومة سواء كان السيد بنكيران أو غيره لا يكون مستهدفا في حياته ؟ وإذا كان الجواب بلا ، فلماذا توجد حراسة مشددة على كل رؤساء الحكومات في العالم ؟ وهل تعتقد أن خصومه السياسيين لو وجدوا طريقا لتصفيته سيترددون في ذلك، وقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ؟ وإذا كان بنكيران يشعر بخطر يهدد حياته، فذلك لا يعني أنه يتهم المغرب بانعدام أمنه كما فهم صاحب المقال أو تعمد سوء الفهم لحاجة في نفس يعقوب أوكما يريد موقع هسبريس الذي يتعمد النيل منه باستمرار . ومن المثير للسخرية أن يؤول صاحب المقال قول السيد بنكيران بأنه يطلب الشهادة على أنه استغلال للدين في حملته الانتخابية ، وهذا يعني أن حزب العدالة والتنمية يجب على مرشحيه أن يعلنوا ردتهم وخروجهم من الإسلام خلال فترة الحملة الانتخابية تجنبا لاتهامهم باستغلال الدين من أجل الفوز في الانتخابات، كما أنهم يجب عليهم أن يتركوا الصلاة ويعلقوا أداءها بل ويرتادوا الخمارات حتى يطمئن خصومهم، ويكون ذلك دليلا ملموسا على عدم استغلالهم للدين عند خصومهم ومنافسيهم في الانتخابات.
وحتى لا يبخس السيد بنكيران حقه وجب على خصومه الاعتراف بأنه وفريق حزبه في حكومته لم يختلسوا أموال الشعب ، وأنه كشف حقيقة وضع البلاد الاقتصادي حيث كانت الحكومات السابقة لا تجرؤ على إطلاع الشعب على هذه الحقيقة الصادمة لعقود ، وأنه اتخذ قرارات صعبة لمواجهة هذه الوضعية المزرية ، وأنه حمل مسؤولية ما تسببت فيه حكومات متعاقبة وقد تملصت كلها من هذه المسؤولية . فصندوق التقاعد على سبيل المثال لا الحصر لم يسط عليه السيد بنكيران ،وإنما سطا عليه عفاريت وتماسيح لا أحد يستطيع مواجهتها مع أن الكل يعرفها حق المعرفة، ومع ذلك يسأل السيد بنكيران وحده عنها ويراد له أن يدخل معها وحده في صراع للتفرج عليه والتشفي فيه والشماتة به حين يتم البطش به والعفاريت والتماسيح لا تعدم التهم الجاهزة على قده ومقاسه . وأخيرا لا يجب أن ينسى أن السيد بنكيران تسلم رئاسة الحكومة بعد حراك فبراير، وكان بالإمكان أن يكون هذا الحراك لا قدر الله على شاكلة حركات شعوب عربية تمزقها اليوم الحروب الأهلية الطاحنة لولا حكمة جلالة الملك، و حكمة الشعب المغربي وتعلقه ووفائه لملكه ووطنه ، وحبه للسلم والسلام والأمن والأمان . ولقد أدار السيد بنكيران شؤون الحكومة في فترة جد حساسة ولو لم يحسب له سوى المحافظة على أمن البلاد واستقرارها في فترة عصيبة لكفاه ذلك شرفا وفخرا ولحسب ذلك من حسناته . ولقد قاد سفينة الوطن لحظة هيجان بحر الفتن، وحق له أن يفخر بذلك . وبعد هدوء العاصفة عاد الذين رفع الشعب ضدهم شعارات الإسقاط بسبب فسادهم ليعلنوا أنفسهم أوصياء عليه، وليعودوا عودة الورم الخبيث وليدخلوا البلاد من جديد في حلقة جديدة من حلقات الفساد ، وهؤلاء هم الذين يريدون السيد بنكيران كبش فداء ، لأنه كشف فسادهم بنزاهته ونظافة يده والتي لا ينكرها إلا جاحد أو منكر . ولا شك أن الذين يبالغون في انتقاد رئيس الحكومة اليوم سواء كانوا من خصومه أم من الذين انطلت عليهم حيل هؤلاء الخصوم عن طريق الأكاذيب والأراجيف سيعضون على ذهابه أنامل الندم ويتأكدون بعد رحيله أنهم أضاعوا فتى، وأي فتى أضاعوا ، وأنهم سيفتقدونه كما يفتقد البدر في الليلة الظلماء . وأخيرا ليس من الموضوعية ولا من المروءة أن يقدح في رئيس الحكومة وفي حزبه في ظرف الحملة الانتخابية طمعا في ترجيح كفة خصومه فقد تجري رياح القدح بما لا تشتهي سفن القادحين .
وسوم: العدد 631