عماد البيت.... إمرأة

سأزرع فى رياضك أمنياتي       وأكتب من عيونك فلسفاتي

وأنشد غنوة بحروف شعرى       وعلى نغم الزهور اليانعات

سَمعَتْ كلماتي فرمتني بمنديل لطيف كان في يدها أصاب وجهي، فانتبهت، وأنا أقول ، هذا سحر المرأة كما لمسته وكما ترك أثره..إلا أن هذا السحر في نفسها، استـدعى غضبها ! ولمَ الغضب ؟

غضبت.. حين تذكرت حالها وما آلت إليه، تذكرت حالها وعلاقتها مع ساكن بيتها "زوجها" الذي حرمها الحب وبلسم الحياة بأهماله... حياتها أصبحت.؟؟؟

 لكنني حاورتها حتى تبدل حالها.....

 وقالت لقد حرّرت فكري من الأسر..وأخرجتني من بيت هم دخلته ، وأبدلتني عن حالة العسر باليســـر...فقلت لها....لاتحزني وتصبري قليلاً...فقالت.. جزاك الله عني محمدا ً بخير جزاء.. فقلتُ ..اللهم صلي وسلم على محمد وعلى آله أجمعين.

هذا الأمر جعلني أتسأل واطرح السؤال التالي: كيف نتعامل مع المرأة..كيف نحبها ونحترمها...

ففي الواقع أرى المرأة، نفسُ شاعرة من هذه النفوس العجيبة التي يمكن أن تصل إليها وتبلغ رضاها بكلمة حلوة، بإحساس صادق، بمعاملة راقية تـليـق بأنثوتهـا....فالدنيا في خيالها كسماء ألبسها الليل بكنوزها ومُلئت بالنجوم المضيئة الخافتة... أنها " المرأة "هي بلا شك عماد البيت وعطره ونسيمه .

وكيف لنا نحن الرجال أو كثير منا، ألا ندرك هذا النجم الذي بيننا! كيف لنا نحن الرجال ألا نحس بها! كيف يغيب عنا إنها بسمو حبها وهياج عاطفتها تبقى وستبقى أسمى الفكر في بلاغته وأجمل عشق في معانيه.. وأكثر دراية ووعي بواجباتها ومسؤولياتها.

علينا أن ندرك يقينا ًبأن وجودها بيننا هو في حد ذاته سعادة ، وأي سعادة، هي سعادة العقل والروح تبثها فينا ناهيك عن الذكاء.. فالذكاء في عقـلها فهم، وفي روحها فتنة، وفي جسمها حركة الفعل تعلو وتنزل وتتراقص بحيوية العمل وصدقه تجاه بيتها وأهلها..حركة نبض وحركة حياة دون مزايدة .

قد يسأل الناقض ويقول ماذا تريد أن تقول بالضبط؟

أقول وأحب أن أقول بما أن القضية نسبية ويختلف تقديرها من إنسان الى آخر، تجد كثير من الرجال يعتقدون أنهم يقــــدرون المرأة ويعطونها كامل حقها، لكنهم في حقيقة الأمر عكس ذلك في كثير من تصرفاتهم وتعاملهم وطريقة تفكيرهم، خاصة ًعندما يتعلق الأمر بالخطاب والتعامل.. وهذا محور قضيتنا وهذا ما نلاحظه في واقع حياتنا سواء كان في بيوتنا أو بيوت أخوة لنا أو بيوت أبناء عمومة أو جيران، ولا ننسى شكوى أخواتنا عندما يأتين وعلى وجوههن الحزن من أزواجهن... وهذا ما نبهنا عليه ووصى به الرسول الكريم حين قال " رفقاً بالقوارير ".

إذن دعونا نتحدث بصراحة ....فلنتحدث ونتأمل الصورة ونتشارك الرؤى.....

لماذا نرى المرأة متضررة أو مهمومة حزينة ومتشائمة لدرجة، تظنها ستــزيد الكون هماً ليس فيه.. مع العلم أنك تراها جميلة قد اكتملت لها الصورة التي تخلق الحب والأسرار التي تبعث الفتنة والسحر الذي يميز وجهها الفاتن.

لماذا هي نظرة الرجل إليها في كثير من احسايسيه الداخلية وهي أكثر من الظاهرية على أنها...لا تساوي شيئاً أو هي مجرد خادم في البيت أو جسم يملأ الفراش .. ناهيك عن عدم إدراكه أو تجاهله للأعباء الثقيلة والمسؤولية الجسيمة الملقاة عليها إتجاهه  أو إتجاه  البيت والأولاد...وإذا كان الاولاد في حالة مرض و حرارة .. فحدث ولاحرج.

هل يا ترى هي الطبيعة بجبروتها وعسفها وتعنتها ؟؟؟ أم هو تكبر الرجل وجنونه كالذي يرى الحسناء أمام مرآتها فيقول لها اذهبي أنت وستبقى لي هذه التي في المرآة ؟؟؟

أم أن..... الإنسان كائن معقد متعدد الوجوه والشخصيات ويتجلى هذا في الرجل بنسبة كبيرة فتجده قادراً على التعامل مع عدد كبير من الناس في الأسرة القريبة والبعيدة وفي العمل وفي انماط الحياة المختلفة ، إلا أن البعض غير قادر على منح المرأة التي يعيش معها هذا الحيز المهم.

وفي هذا السياق تذكرت حديث وصراحة الدكتور سلمان العوده، حين صرح بقصوره إتجاه بيته في برنامج سواعد الإخاء في جمع من العلماء والمفكرين...وهذه صراحة كانت ظريفة وجرئية ولفتة طيبة ، يشكر عليها. وهذه حقيقة اجتماعية لا اظن الدكتور ينكر صحتها..ولذلك قالها بكل حب. وليست كل الحالات متشابهة للعلم.

إذن ماذا نقول ما اصعب الحياة على المرأة حين تشعر بالتقصير والاهمال بسبب أو بدون ممن تحب .

 أدعوك يا أخي أن تنظر الى المرأة كإنسانة.. انظر اليها بعين المسؤولية.. انظر اليها وأنت تمازحها بروحك وروحها.. انظر إليها كعماد البيت.. انظر اليها في طبيعتها الروحانية الكاملة بالحب والعاطفة والحنان والرقة وأنامل الأداء. انظر اليها دائما كأنها تراها أول مرة.

 اذا كنت زوج فالمسها لمسة حب ساحرة وجالسها جلسة ضياء مغطى ومكتسي بجمالها، كن معها روح لروح كتوأم روح .. كن معها في صالون العشق والخواطر ، تأملها كي تجعل كل شيء منها ومن حولها يتكلم في نفسك، استشعر وجودها كأن الحياة قد فاضت وازدحمت في ذلك الوضع والموضع الذي تجلس فيه.. اجعلها تبتسم ويغمرُها ضِحك العين ، والوجه ، والفم ، وضحك الجسم كأنّما يحاكي بعضه بعضا.

 ( حينها فقط ) ستشعر بكل شيء يتحرك من حولك كأنه حب يرتعش.. حينها فقط سوف تتحول الكلمات الى هواء تتنفسه كأنه نسيم الفجر في سحره .. حينها فقط تكون قد اكتملت بهجة الحياة في توافقكم واكتملت النفس الطاهرة بينكم فتقول.. حتى لو التمستُ في محاسنها عيباً.. قلتُ مع  الشاعر  " اذا عِبْتُــــها شبّهـتـــها بالبـــدر طـــالعــــــــاً ".

وستبقى كذلك ما دمت تنظر اليها بهذه النظرة الخلاقة الجميلة فكن إنسان، لأن فيك من نبيك محمد عليه الصلاة والسلام، الشهامة والأخلاق، الإنسانية السمحاة ، الرأفة والمحبة المعطاء، والإبتسامة منك وإليها هي نور وجهك ونور الحياة.

وهكذا تكون قد اكتملت الصورة النهائية ( الإنسانية والشاعرية ) بتتويج  عماد البيت ...إمراة ، وقود الحياة ..إمراة ، سعادة الإنسان..إمرأة.

 والشكر والثناء لله أن أوجد في حياة الرجل إمرأة.

وسوم: العدد 632