من إرادة القول إلى إرادة الفعل

د. حامد بن أحمد الرفاعي

اتصل بي اليوم مراسل أحد الصحف يسأل:ما ذا عمل الحوار والمسلمون يذبحون شر ذبحة في أفريقيا..؟قلت:ولماذا لا تقول ماذا عمل الحوار والعالم كله غارق في الدماء..؟وظهرُ الأرض وأحشاؤها مثقلةٌ بكل وسائل الدمار والهلاك الذكي منها والغبي..والمجتمعاتُ تعاني من الموت جوعاً وإبادة..وما قيمةُ إرادةِ القولِ مع غياب إرادة الفعل..؟وإليك الجواب:الحوار قطع شوطاً معقولاً في التعارف بين الثقافات والحضارات..وبلّور كثيراً من القيم والمبادئ المشتركة بين أتباع الأديان والثقافات..ولكن المشكلة الكبرى تكمن في غياب أو ضعف الإرادات السياسية الوطنيِّة والإقليميِّة والدوليَّة المعنية بتفعل ما أنجز الحوار..قال:ما هي علة غياب الإرادة السياسية في تفعيل ما حقق التعارف بين الثقافات..؟قلت:مثل هذا السؤال يوجه للقيادات المعنية بالإرادات السياسية..فأنا وأمثالي لا نملك إلا إرادة القول والفكر والتوصية فحسب..والكرة الآن في ملعب أصحاب الإرادات السياسية..فأين الأمم المتحدة..؟وأين مجالس حقوق الإنسان..؟أين مجلس الأمن..؟أين المنظمات الدولية المعنية..؟أين منظمة العناية بالطفل..؟أين منظمة الاتحاد الإفريقي..؟أين المجلس الأوروبي..؟أين منظمة الحياد الإيجابي..؟أين الفرونكوفونية..؟أين اليونسكو..؟أين الإيسسكو..؟أين منظمة التعاون الإسلامي..؟أين الفاتيكان..؟فهو دولة وكنيسة فهو معني بإرادة القول والفعل معاً..قال:ماذا تقترح لتفعيل الإرادات السياسية..؟قلت:لقد اقترحت من قبل وغيري من قيادات لفكريِّة على الأمين العام للأمم المتحدة المستر كوفي أنان بشأن هذه المسألة الجوهرية:أن يجري مراجعة شاملة لحالة النظام العالمي..وإعادة النظر في آليات ومؤسسات الأمم المتحدة..وإنشاء جمعية عمومية مشتركة من أصحاب الإرادات الفكرية والثقافية وأصحاب الإرادات السياسية..فإرادة القول وإرادة الفعل.هما الجناحان اللذان بهما تقلع الأمم المتحدة من ساحات ركودها..وبهما تحلق في آفاق آمال الشعوب بالعدل والأمن والسلام  والاستقرار والتنمية الراشدة.

وسوم: العدد 632