كان مدخناً !؟

يحيى بشير حاج يحيى

كان لي صاحب وزميل يدخن ما بين المغرب والعشاء ثماني سجائر ، وإذاكنا في سفر ، وصلينا في الفندق يدخن اثنتين ما بين السنة والفرض إذا سبقني  للوضوء وجلس ينتظرني !؟ 

قلت له يوماً ، على استحياء : ياأبا فلان ، قرأت في مجلة أن المدخن يفاجئه الموت دون إنذار !؟ 

فقال : ياسلام ياسلام ! ميتة بدون مرض وعذاب !؟ 

بقي سنوات طويلة لا يسافر إلى سورية ، وقد سأله بعض زملائه عن السبب ؟ 

قال : متهم بالانتماء للإخوان المسلمين ! فتعجبوا !؟ 

فأقسم إنه طول عمره خطب الجمعة مرة !؟ وحضر بمناسبة المولد النبوي مرتين !؟ 

توسط له بعض معارفه بالنزول إلى سورية عن طريق ضابط مخابرات ، فلما وصل لم يجد الضابط ، فأدخله أحد العناصر إلى زنزانة منفردة لينتظره ريثما يعود ! 

فحضر الضابط في اليوم التالي وسأله لماذا لم تأتِ يوم أمس ، فأخبره أنه بات في الزنزانة !؟ فقال : لاتؤاخذني نسيت أن أخبرهم أنك من معارفي !؟ ( وقد ذكرت هذه الحادثة في روايتي : خميس في بلاد العجائب ) 

ثم استقر سنوات في بلده ، يترقب المنية أو الاعتقال !؟ وسأله صديق لنا ، ماذا تفعل في يومك ؟ 

فقال : أقضي وقتي بقراءة جريدة تافهة ، وأدخن ، وأتقاتل مع زوجتي وأخرج من البيت ! 

رحمه الله كان له قلب كقلب طفل ! وقد ترك ديوناً له على أشخاص وسافر ، فارهقني في تحصيلها ، وأوصاني أن آشتكي عليهم إذا لم يدفعوا !؟ 

فصارت مثلا ًبعد مغادرته ، لدى الزملاء : أبو فلان يقرض من يعرف ومن لايعرف ، وفلان يُحصل !؟ 

رحمه الله ! كلما خرجت من المنزل باتجاه المسجد ، ووقعت عيني على طرف الحوض المزروع حيث كان يجلس وهو يدخن ، ينتظرني ! دعوت له بالرحمة وأن يغفر الله لمن جاوره في قبره من المدخنين و غير المدخنين !

وسوم: العدد 632