الخوف من الإسلام... لا من الإسلاميين
م. عز الدين سلامة
إن من يتابع الهجمة الشرسة على كل ما يمت للإسلاميين بصلة من قبل الغرب وإعلامه وأدواته قد يظن للوهلة الأولى أن الخلل يكمن في هؤلاء الإسلاميين الذين لم يعكسوا الصورة الحقيقية للإسلام وقاموا بتشويه صورته الناصعة البياض من خلال سلوكياتهم، فما بين متشدد يمثل الصورة الراديكالية للمسلم الذي يحمل السيف ويضع العمامة ويقاتل الأعداء بشراسة وبين وسطي يحاول الوصول للحكم عبر الوسائل الديمقراطية الحديثة من أجل الإنقلاب عليها في حال وصوله للحكم ، هكذا يصور الغرب ومن لف لفيفهم من "المستغربين والعلمانيين" الإسلاميين ، فالإسلامي الذي يسعى للحكم في دائرة الإتهام دوماً سواءً كان متشدداً أو متساهلاً ، وما حدث في فلسطين وأفغانستان ومصر وما يحدث في سوريا والعراق وليبيا وتونس وفي كل بقعة من بقاع الأرض شاهد على ذلك ، ففي فلسطين لم تعجبهم حماس قبل دخولها الإنتخابات وبعد دخولها وعملوا بشتى الطرق على حصارها وإفشالها وتم تصويرها بأنها تعمل على إقامة إمارة ظلامية وأنها ستعيد فلسطين للعصور الغابرة وخارج إطار الحضارة وقالوا فيها ما لم يقله مالك في الخمر، وما أن فاز الإخوان في مصر حتى قامت الدنيا ولم تقعد وانبرت المؤسسات الغربية والمحلية التابعة لها بالتحذير من الإخوان وأخونة الدولة والخوف على الأقباط وأن المسيحين في مصر سيبادون عن بكرة أبيهم ، وقامت اسرائيل ومن خلفها أمريكا وجميع دول الغرب بالعمل على الإطاحة بهم سراً من خلال المؤامرات التي حيكت بليل، حتى نجحوا بعمل انقلاب عليهم وقتلهم وزجهم في السجون وإصدار أحكام الإعدام لهم وهم من قالوا " سلميتنا اقوى من الرصاص" ، حتى النموذج التركي والذي يكاد يتماهى مع الديمقراطية الغربية لا تعجبهم ويحاولون بشتى الطرق إفشالها.
تحدثت عن نماذج من الإسلاميين الوسطيين وأترك أمثلة الرعب والخوف من الأمثلة الأكثر قتامة لأنها تتحدث عن نفسها فالصورة التي باتت مطبوعة في أذهان العالم عن المسلم الإرهابي أو الإرهابي المسلم باتت متلازمة وذلك عندما نتحدث عن تنظيم القاعدة أو داعش أو جبهة النصرة وغيرها من الحركات الجهادية أو السلفية الجهادية ، إذن الإسلامي متهم وغير مقبول سواءً كان متشدداً أو متساهلاً ، حتى في النظرة للعلماء فهم غير مقبولين عندهم من أكثرهم تشدداً لأكثرهم تساهلاً وما العلامة القرضاوي عنا ببعيد فهو العالم المنفتح المتساهل والذي يدعو دائماً إلى الإسلام الوسطي فهو أيضاً لدى هؤلاء متطرف وغير مقبول . وساذهب إلى ابعد من ذلك حتى شيوخ الأزهر وشيوخ السلاطين المقبولين لدى الغرب ووكلائهم فهم مقبولين ما يفتون ضد الإسلاميين ويفصلون فتاويهم على مقاس الحاكم بأمر الله الطاغية ولو قدر لهؤلاء ان يجتمعوا ليفتوا بضرورة الحكم بالإسلام لأصبحوا منبوذين كغيرهم ، ويأتي السؤال الهام ، لماذا كل هذا الكره والعداء لكل من يحاول الوصول للحكم من الإسلاميين على اختلاف تشددهم وتساهلهم ؟ والجواب واضح أن هذا العداء لا يكمن فيهم وإنما يكمن في الخوف من الإسلام نفسه بما يحمله من عقيدة وشريعة تنهي حكم الطواغيت وأعوانهم ، وتنهي مصالح الدول المستعمرة التي تتغذى على خيرات ودماء المسلمين، ولكن لن يقولوها صراحةً خوف ظهور عورتهم والتي هي بادية للعيان ولكن للأسف هناك أبواق كثيرة تعمل ليل نهار لإخفائها، ولمعرفة حقيقة هؤلاء عليك بمتابعة الفضائيات المصرية والعربية التي أخذت توكيلاً حصرياً للهجوم على كل ما يمت للإسلاميين بصلة.