دامَ الشِّعْرُ بهيّاً يا مدينةَ القمر!
دامَ الشِّعْرُ بهيّاً يا مدينةَ القمر!
فراس حج محمد /فلسطين
توجهت القلوب والعقول والضمائر إلى مدينة القمر، أريحا العراقة والتاريخ، ليصدح الشعر بالنشيد عاليا، تأكيدا على إنسانية الأرض الفلسطينية وكرامة الإنسان الفلسطيني الرافض لكل أشكال الاحتلال ومسمياته من نكبة ونكسة واعتقال وحصار!!
كان موعدنا مع الأصدقاء والزملاء الذين أبوا إلا الحضور رغما عن كل مشاغلهم، أتوا ليشاركوا الشعراء، حيث حضر سبعة من فرسان القصيدة المقاومة، ليفتحوا جرحا نازفا ألما يوميا، وغصبا عن ذلك الألم فقد استقام الشعر قصائد زاهية لكل من: الشاعر شهاب محمد والدكتور جمال سلسع وجميل لدادوة وأحمد الأعرج والدكتور خليل قطناني والدكتور مأمون مباركة، وكنتُ آخر من ألقى من الشعراء المدعوين قبل أن يختم الدكتور جمال سلسع (منسق الأمسية والداعي لها) اللقاء بقصيدة مسك الختام.
أحببت أن أحيي زملائي الشعراء بقصيدة للشعراء بعنوان "معشر الأدباء"، مستشعرا رهبة اللحظة ومكانها لذلك الكم من الشعر الذي زها وازدهي ونبع ونبغ فتبجس عينا من عيون السلطان!
أحببتُ أن أحيي في الزملاء شرف الانتساب للكلمة الهادرة القوية في زمن الصمت والخنوع والذل، وأستنشق عبيرهم من جمال الفن والصياغة في قصائدهم المعطرة بعبق فلسطين الآسرة المأسورة، فقد كانت قصائد الشعراء أنقى وأصفى من ماء ترقرقت حُبيباته بين أعشاب أريحا القمر والتاريخ!!
كأنها أريحا هي الشاعرة، المرأة الوحيدة الحاضرة شعرا هناك، إذ غابت الشاعرات، لتفسح المجال لمدينة تجلو مفاتنها لتحلو، وهي الجميلة، في عيون الشعر والنغم، كانت تتبرج بالقصيدة واللحن والأغنية، وترفل بالعزة والشموخ، وتتيه بمن حضر من الشخصيات الاعتبارية المهمة في محافظة أريحا من رئيس البلدية والأخ أبو العلاء عضو المجلس الثوري، وهو شاعر يكتب القصيدة الشعبية باقتدار وسلاسة، والدكتور صائب عريقات الذي ألقى كلمة ترحيبية بالشعراء القادمين من مدن فلسطين، معبرا عن سعادته لوجوده بين جمهور الشعر والشعراء، فقد حضر كما قال من أجل أن يستمتع ويستفيد، وقد أبدى حماسه واندماجه مع القصائد الفارهة التي كشفت عن مفاتن زهوتها في فضاء أريحا الخالدة!!
صدح الغناء وطرب النشيد وتماوجت أعطاف الشجر، وأرهفت السمعَ كل الكائنات، فأنت في أريحا، وليس في أريحا وحسب، بل إنك اليوم في حضرة الشعر في مدينة التاريخ العريق الضارب جذرا لن يكون إلا في أعمق أعماق أرضنا، مغروسين منغرسين لن ترحل لنا شمس، وكيف ترحل، ونحن نكتب بالضياء اسم فلسطين على جبينها الذهبي اللامع، شمسا للحرية، وعناقا للمطلق من بدائع الحضور في بلد الشعر والموسيقى والحضارة والأغنيات؟!
دام الشعر بهيا يا بهية الملامح يا أريحا!