الاختطاف.. الهواية المفضلة للأمريكان
الاختطاف.. الهواية المفضلة للأمريكان
معمر حبار
نقلت فضائية BBC، البريطانية، والناطقة باللغة العربية، نقلا عن الناطقة الرسمية للبيت الأبيض، خبرا مفاده، أن قوة أمريكية خاصة، وبأمر من الرئيس الأمريكي، أوباما، اختطفت ليبيا، وسيحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية، عوض معتق غوانتناموا.
وأضافت قائلة، أن عملية الاختطاف، تمّ التحضير لها منذ أشهر، ولم يصاب فيها جندي أمريكي واحد.
وتوعدت، بأنها ستلقي القبض على كل من شارك في اغتيال السفير الأمريكي بليبيا، ولن يهدأ للولايات المتحدة بال، إلا إذا قدّمتهم للمحاكمة، ليقتص منهم القضاء الأمريكي والشعب الأمريكي.
بعد قراءة هذه الأسطر، يمكن للمتتبع، أن يقف على جملة من الملاحظات السريعة، التي تساعده في فهم السلوك الغربي من جهة، والسلوك العربي من جهة أخرى ..
الأمن القومي للغرب عموما، والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا، يتعدى الأمن الوطني، المحصور في حدود الدولة المتعارف عليها، إلى أمن عالمي. فهو في كل بقعة من بقاع العالم، وحيث يوجد أيّ أمريكي. وبالتالي، فكل أمريكي يصاب في أيّ منطقة من الكرة الأرضية، فهو يندرج ضمن الأمن القومي الأمريكي، الذي يتطلب الحماية والتدخل.
الأمن القومي الأمريكي، مرتبط بالمصالح. فحيثما وجدت مصلحة الولايات المتحدة، في أيّ بقعة من بقاع العالم، استوجب التدخل الأمريكي، وبالقوة النارية، لتثبيتها والدفاع عنها، إذا تعرضت للخطر.
الفرد في الغرب مقدّس، وتستنفر لأجله كافة الوسائل، بما فيها التصفية الجسدية، والاختطاف.
القائد في المجتمعات المتقدمة، سيبقى قائدا، مادام يعيد الحقّ لأفراد المجتمع، ويقتص ممن مسّ شعرة من أبناءه، وإلا سيخرج من أضيق الأبواب، ولن يذكره مجتمعه مع الكبار والعظماء.
حين يتعلّق الأمر بأمريكي، توضع الأخلاق جانبا، وتجمّد حقوق الإنسان. فالأمريكي في نظر الأمريكيين، فوق هذا وذاك !.
طلبت من أحد الليبيين، أن يزودني بالجديد حول اختطاف الليبي، لأثري به المقال، باعتباره صاحب الأرض، وهو أدرى من غيره، فأجابني قائلا..
أن الجماعات هناك، تتقاذف التهم فيما بينها، وكل يتّهم الآخر بالخيانة ومساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، في خطف الليبي.
فقلت .. هذا الوضع، أخطر بكثير من الاختطاف، بحد ذاته.
إن الولايات المتحدة الأمريكية، مدركة تمام الإدراك، أنه لن يصيبها مكروه من جرّاء اختطاف الليبي أو غيره، بل لن توجّه لها تهمة الاختطاف، إما لضعف بيّن، أو تواطىء غير معلن.
للمرة الثانية على التوالي، وفي بضع أشهر، يُختطفُ الليبي الثاني من حضن ليبيا وصدرها ، دون أن تثير عملية الاختطاف أدنى استنكار، حتّى أني تابعت الموضوع بالصدفة، ولمرة واحدة فقط، دون الإعادة.
واضح جدا، أن الولايات المتحدة الأمريكية، لن تتوقف عن الاختطاف، فتلك هوايتها المفضلة، مادامت لاتسمع تنديدا، ولا ترى استنكارا، فضلا عن المواجهة والردع.
أثبتت الأيام، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تنتهك حرمات أصقاءها، حين يتعلّق الأمر بمصالحها، والمسّ برعاياها، مابالك من تعتبرهم أعداءها، خاصة إذا توفّر فيهم الضعف والولاء المطلق من أجل الحفاظ على الكرسي.
وقد سبق للولايات المتحدة الأمريكية، أن وضعت أصدقاءها الغربيين تحت التنصت، بما فيهم ملوك ورؤساء الدول الغربية، المقرّبين لديها.
إن اللّص لايلام، حين يجد الباب مفتوحا، ومن يعينه على تسلّق الجدر، فتلك طبيعته. لكنه يلام صاحب البيت على مافرّط، وتهاون في الغلق والتحكم.
إن هذه الأسطر، تدعو لاحترام السفير، فإن له عهدا وذمة. وتذم كل من ألحق الضرر بالضيف والزائر والسفير. لكن سيظل صاحب الأسطر، يتحدّث عن جرم الاختطاف، وفضاعة من يسكت عنه، أو يساعده في اختطاف بني جلدته.