نجم الدّين الحمروني رجل من رجال المرحلة كألف رجل، له خصائص القائد الإستراتيجي
ما إن تمّ الإعلان عن تسمية السيّد نجم االدّين الحمروني كمستشار لدى رئيس الحكومة التونسية السيد الحبيب الصيد في تشكيلتها الجديدة مكلفا باليقظة والاستشراف، حتّى تعالت الأصوات مشكّكة في جد وى هذه الخطّة ومرجّحين إستحداثها فقط إلى ترضية السيد نجم الدين الحمروني ومن ورائه حركة النهضة لاعتبارين إثنين. أوّلهما انّه كان يشغل خطّة كاتب دولة قبل التحوير الوزاري، وثانيهما أّنّ السيد الحبيب الصيد قرّر، رغبة في تقليص عدد الوزراء، حذف هذه الخطّة في التشكيلة الجديدة.
ونسى أو تناسى هؤلاء المشكّكين، الذين سمح لهم غباؤهم السياسي والمعرفي بالتهكّم حتّى على تسمية الخطّة "اليقظة والإستشراف" وهي تسمية مختصرة لخطّة "اليقظة الإستراتيجيّة والإستشراف" التي كان شغلها السيد نجم الدين الحمروني طوال فترة تولّي السيد المهدي جمعة رئاسة الحكومة المؤقّتة. ومعلوم أن الإستشراف هو نظام عمل دقيق ومبرمج للاستجابة للأحداث والتطورات الرئيسية داخل إطار من التخطيط المستقبلي للدولة ، وذلك بهدف تحقيق النجاح في المستقبل..وقد أشرف السيد نجم الدين الحمروني في السابق في صلب رئاسة الحكومة على فريق عمل إشتمل على ثلّة نيّرة ومستنيرة من ذوي الفكر الإستراتيجي والخبراء في مجال الإستراتيجيات والمستقبليات أعدّ دراسات تستشرف المستقبل بعد أن تحدّد الإشكالات والقضايا ذات العلاقة بالحاضر لفهمه بهدف صنع المستقبل كما تريده الحكومة، أو على الأقل السعى للمشاركة بفعالية فى صنعه. وقد عملت مجموعة السيد نجم الدين الحمروني كخليّة نحل، بالليل والنهار، رغم الصعوبات التي كانت تعوقها لوجستيّا، وغربة بعض افرادها عن عائلاتهم المستقرّة في المهجر وخاصّة في فرنسا والمغرب بمن فيهم هو نفسه الذي ترك عائلته بفرنسا. ويجدر التذكير في نهاية هذه العجالة إلى أنّ السيد مهدي جمعة كان قد سلّم السيد الحبيب الصيد عددا من التقارير تتعلق بمجالات مختلفة سياسية واقتصادية و حتى أمنية بهدف تيسير عملها المستقبلي ومنها وثيقة استراتيجية لمكافحة الارهاب . وهي الوثيقة التي تحدّث الإعلام عن إختفائها مطوّلا بمناسبة العمليّات الإرهابيّة التي جدّت في بلادنا أثناء حكومة الصيد الأولى. وكلّ هذه التقارير البالغة الأهمّية إنّما كانت من بين أعمال فريق الخبراء الذي كان يشرف عليه السيد نجم الدين الحمروني في عهد المهدي جمعة. مربط الفرس إذن هو أنّ هذا الرجل هو من رجال المرحلة وهو كألف رجل لأنّه يتمتّع بخصائص ومهارات القائد الإستراتيجي. ومعلوم في هذا الصدد أنّ الدول الضعيفة هى الدول الغافلة عما يحدث حولها وهي الدول التي تترك مستقبلها للمصادفات أو لأطماع الآخرين. لأنها لا تمتلك الإستراتيجيا المناسبة لمواجهة المستقبل بأدوات التخطيط وفق خريطة واضحة المعالم والتضاريس لهذا العالم المعقّد و المتحوّل. ذلك أنّه في صورة عدم مبادرة الدولة إلى صنع مستقبلها، فإنّه يحدث بالضرورة فراغ يملؤه ويستغلّه أصحاب المصالح فيصنعون لتلك الدولة مستقبلها الذي لا يكون بالتأكيد إلّا مطابقا لمصالحهم هم بالذات وليس مطابقا لمصلحة الدولة. وإنّ هذا التمشّي وفق الفكر الإستراتيجي هو من صلب خطّة السيد نجم الدين الحمروني الذي هو جدير بها بالتأكيد، لا بل إنّه أكبر من خطّته ولكن لا ينظر إلى ذلك ويدركه من كان به حول لا يجعله يميّز بين الرجال ولا يقدّر إبداعهم ولا يمنحهم المقام الذي هم به جديرون.
وسوم: العدد 650