أنواع الوحدة في القصيدة العربية في العهد العثماني
مخطط بحث
أنواع الوحدة في القصيدة العربية
في العهد العثماني
مقدمة
تمهيد :
1- تعريف الوحدة العضوية في القصيدة .
2- مواقف النقاد المعاصرين من قضية الوحدة في القصيدة العربية .
أنواع الوحدة في القصيدة العربية في العهد العثماني
أولا : القصيدة ذات البيت المستقل في الشكل المجرد .
ثانيا :القصيدة ذات الوحدة المنطقية التسلسلية .
ثالثا : القصيدة ذات الوحدة الموضوعية .
رابعا : القصيدة ذات الوحدة العضوية .
- يدرس نموذجان ، قصيدتان لكل نوع من الأنواع الأربعة .
خاتمة
أنواع الوحدة في القصيدة العربية
في العهد العثماني
مقدمة :
هناك أنواع متعددة للوحدة في القصيدة العربية بدءاً من وحدة البيت واستقلاليته في الشكل المجرد ، وانتقالا إلى وحدة التسلسل المنطقي الذي يقوم على تلاحم الأجزاء في القصيدة بعضها مع بعض ، ثم الوحدة الموضوعية التي تقوم على وحدة الموضوع ، ويكثر هذا في المدائح النبوية والمراثي والملاحم والقصص الشعرية ، كما يتوافر في القصائد التي يجمعها بين أجزائها شعور نفسي واحد، وهناك قصائد يتحقق فيها الانسجام بين العناصر الشعرية من فكرة وصورة ولغة وموسيقى في بناء فني محكم ومتنام معا ، وهي القصائد التي تتوافر فيها الوحدة العضوية .
وسأدرس هذه الأنواع الأربعة في القصيدة العربية في العهد العثماني من خلال تحليل نموذجين لكل نوع من هذه الأنواع .
التمهيد :
1- تعريف الوحدة العضوية :
العمل الشعري فنيا: هو بناء تتآزر فيه العناصر الفكرية والشعورية والتصويرية واللغوية فضلا عن الموسيقية ، بحيث يكون كل عنصر فيه موظفا لأداء فكرة أو التعبير عن شعور، وعاملا في نمو القصيدة ، وهذا الانسجام والتنامي يؤدي إلى التحام البناء الفني، ومن ثم إلى تحقيق الوحدة العضوية .
2- موقف النقاد المعاصرين من قضية الوحدة في القصيدة :
بحث النقاد المعاصرون قضية الوحدة العضوية في القصيدة العربية، واختلفت آراؤهم حولها ، فهناك من أنكر وجودها في قصائد أدبنا العربي القديم ، ومن أكد تحققها، ومن وقف موقفا وسطا :
أ- فممن أنكر وجودها في أدبنا العربي القديم د. شوقي ضيف ، إذ رأى([1]) أن القصيدة القديمة تضم بين ثناياها موضوعات متفككة ، وتقوم على وحدة البيت واستقلاليته، فهي لذلك أشبه بفضاء واسع يسكنه العربي، وتتجاور أبياتها كما تتجاور خيام الحي في الصحراء الواسعة. وإلى هذا أيضا ذهب د. محمد غنيمي هلال الذي رأى أن القصيدة القديمة فقدت وحدتها بسبب موضوعاتها المتباينة، ونظام استقلالية البيت فيها ، وأن لاصلة بين أجزائها إلا في الوزن والقافية([2]). ويقول د. السعافين بعد أن أنكر وجودها في شعرنا العربي القديم : " إن القدامى لم يخطر في بالهم مفهوم الوحدة العضوية فكيف نطالبهم بها([3]) " .
ب- وهناك من رأى أن القصيدة العربية جاءت في وشيج واحد يربط بين أجزائها ويعتمد على العامل النفسي الذي يجمع بين فكرها ، ومن هؤلاء د. طه حسين ، إذ رد على من قال بتفكك القصيدة العربية وأن لا وحدة فيها إلا في الوزن والقافية مبينا أن هذا ادعاء سببه أسطورة نشأت في العصر الحديث، ونمت وسيطرت على العقول ، قال بها من افتتن بالأدب الأوربي الحديث ، ثم قال : " إن الذين ينكرون الوحدة المعنوية للقصيدة العربية القديمة إنما يدفعهم إلى هذا الإنكار تقصيرهم في دراسة الشعر القديم وعدم تذوقهم له، وعدم تعمق أسراره ومعانيه ، وأنهم لم يتبصروا ما نقله الرواة وما أضاعوا منه وخلطوا " ، ثم بين أن الشعر العربي قد استوفى حظه من الوحدة المعنوية وجاءت قصائده ملتئمة الأجزاء قد نسقت أحسن تنسيق وأجمله وأشده ، فجمعت بين جمال اللفظ والمعنى والوزن والقافية([4]) .
كما أكد د.محمد نايل وجود الوحدة العضوية في القصيدة العربية ، وفسر هذه الوحدة بوحدة الفكرة والشعور والصياغة، وأنها بعد ذلك لايهمها تعدد موضوعاتها واستقلالية أبياتها، لأن هذه الموضوعات جاءت محكمة الربط بما قبلها وما بعدها، وهي في ذلك أشبه بالحياة اليومية التي يجتمع فيها الحب واليأس والأمل والفرح([5]) .
ج- وهناك من وقف موقفا وسطا فرأى أن في القصيدة العربية وحدة ، ولكن هذه الوحدة متنوعة ، ومن هؤلاء د.بسام قطوس، إذ ميز بين وحدة البيت واستقلاليته، ووحدة التسلسل المنطقي للموضوعات المتعددة في القصيدة الواحدة ، ثم الوحدة الموضوعية،وأخيرا الوحدة العضوية في قصيدة تتآزر فيها العناصر الشعرية من فكرة وشعور نفسي وصورة ولغة، بحيث تؤدى هذه العناصر في بناء فني محكم ومتنام حتى آخر القصيدة. ولم ينكر وجود النوع الأخير في أدبنا العربي القديم،بل ذكر أن المبدعين قد حققوا هذا وتخطوا السائد المألوف([6]).
وقد رأيت من خلال استقرائي لقصائد الشعراء في العهد العثماني أن قصائد العصر بدت فيها هذه الألوان من الوحدة ، فكان منها :
أولا : القصيدة ذات البيت المستقل في الشكل المجرد .
ثانيا : القصيدة ذات الوحدة المنطقية التسلسلية
ثالثا : القصيدة ذات الوحدة الموضوعية
رابعا : القصيدة ذات الوحدة العضوية
وسأتعرض لهذه الألوان من خلال النماذج الشعرية في العصر العثماني :
أولا : القصيدة ذات البيت المستقل في الشكل المجرد :
خط النقاد القدامى بنية القصيدة العربية بدءا من الطلل والنسيب ، وانتقالا إلى الرحلة والفخر بالنفس أو الشكوى ، وانتهاء بالمديح الذي يوجه إلى عظيم يستطيع أن يخلص الشاعر من معاناته. وقد يطول عنصر ما دون آخر، وقد يحسن الشاعر انتقاله من غرض إلى آخر فيجمع الأجزاء المتفرقة ، أو يتكلف ذلك في تخطيه من الغرض إلى مابعده، وكانت نظرتهم إلى القصيدة تستند إلى قول النقاد القدامى ، فابن سلام الجمحي مثلا رأى أن استقلالية البيت شرط لجودة القصيدة([7])، وابن رشيق القيرواني استحسن أن يكون البيت بأسره كأنه لفظة واحدة لخفته، وعد التضمين([8]) عيبا من عيوب القصيدة لأن البيت لايكتمل معناه بانتهاء شطره الثاني ، ويقول المرزوقي: " ومبنى الشعر يقوم على أوزان مقدرة وحدود مقسمة ، وقواف يساق ماقبلها إليها مهيأة، وعلى أن يقوم كل بيت بنفسه غير مفتقر إلى غيره إلا مايكون مضمنا بأخيه وهو عيب فيه([9]) " .
كما أن النقاد نظروا إلى بنية القصيدة العربية القديمة نظرة احترام وطالبوا الشعراء بسلوك سبيلها وإلا فإن شعرهم لن يلقى رواجا ، يقول ابن قتيبة : " فالشاعر المجيد من سلك هذه الأساليب وعدل بين هذه الأقسام فلم يجعل واحدا منها أغلب على الشعر ، وليس لمتأخر الشعراء أن يخرج عن مذهب المتقدمين في هذه الأقسام([10]) ."
كما عاب ابن رشيق أن يهجم الشعراء على موضوعهم مباشرة دون أن يمهدوا له بالغزل أو النسيب، وسمى قصائدهم " البتراء " ذلك لأن النسيب يعطف القلوب ويستدعي القبول لما في الطبائع من ميل إليه([11]) .
وقد نهج شعراء العصر العثماني نهج من سبقهم فاعتمدوا القصيدة ذات الموضوعات المتعددة والبيت المستقل،لكن بعض القصائد جاءت غير محكمة النسج، وبلغ التفكك في بعضها أن ختمت بالتأريخ الشعري للحدث([12]) في صنعة متكلفة ، على نحو قول الشاعر محمد العرضي ([13]) في تأريخ لفتح مدينة ينوة علي يد الوزير العثماني محمد الكوبرلي
فلله فتحٌ مبينٌ إذاً وما هو إلا من اللهِ منحُ
لذا أنشأ الحالُ تاريخَه لَنصرٌ من الله حُمَّ وفتح ([14])
وهذا مايشير إلى سيادة النقد القديم على أذهان بعض الشعراء حتى إنهم ألغوا ذاتهم وقلدوا تقليدا أعمى .
وممن نهج هذا النهج الشاعر حسين بن الجزري([15])، وقد لقي شعره رواجا عند الممدوحين من آل جانبولاذ وآل سيفا على الرغم من عداوتهما لبعضهما ، بل إن مديحه اجتاز الشام إلى الحجاز ليثني به على أشرافه ، وكان معظم قصائده يقوم على وحدة البيت، والتصنع المتكلف دون أن يتحقق التلاحم المنشود بين أجزاء القصيدة وموضوعاتها، ولنأخذ مثلا على ذلك قصيدته في مديح الوالي محمد العلبي([16]) :
دراسة القصيدة :
استهل الشاعر مدحته على عادة أبناء العصر وأذواق نقاده بالغزل ووصف مايلاقيه من آلام البعاد، وتمنى وصال صاحبته ذات الوجه المنير كالبدر في غير أيام كسوفه ونقصانه، وقد بين لها شدة وجده وصبره على مجافاتها ، وعلل ذلك بأنه معجب بالحسناوات ذوات العيون السود، والقدود الرشيقة التي تفتك به بضربات هي أمضى من السيف القاطع والرمح الطاعن ، يقول في ذلك :
ماعشتُ من ألمِ الفراقِ لو لم أطِلْ زمنَ التلاقي
فأظلُّ كالملسوعِ من أفعى النوى، ورجايَ باقِ
ياثالثَ القمرَيْن إلا في الكسوف وفي المَحاق([17])
حتامَ دمعي فيك لا يرقى، وروحي في التراقي؟
أعضاءُ صبٍّ ماله إلاكِ من عينيك واق
فالبيضُ سودُ عيونُِها أمضى من البيض الرِّقاق
وقدودُهن رواشقٌ في الطعنِ كالسُّمر الرِّشاق([18])
وإذا بُليتَ بحبِّهن - بُليت بالدمعِ المراق([19])
فالشاعر كما أرى متكلف في حبه ، وما ذكره من الدمع والألم المشابه لألم الملسوع جاء في صورة تقليدية ، وقد أفصح عن ذلك التكلف بعبارات لايفوه بها محب مخلص لمن أحب ، فهو معجب بالحسناوات كل الحسناوات ذوات العيون الحوراء والقوام الرشيق ، ولايخلص لواحدة منهن ،فضلا عن أنه يعد الحب ابتلاء يسبب له البكاء ، وهذا برأيي برود عاطفي لأن المحب لايدع لعقله أن يعمل ويفكر ولو إلى حين ، ولو بشكل غير مباشر بعد أن طغى عليه الوجد فقتله أو كاد .
وينتقل الشاعر بعد هذا النسيب إلى المديح انتقالا يبدو فيه التعمل أيضا، مستخدما أداة الشرط إذا معطوفة بالواو على إذا في البيت السابق :
وإذا نزلتَ بمصطفى الـ آمال والرحبِ الرواق
فانزلْ وأنت رقيقَه لتعود للعلياءِ راق([20])
والعطف والشرط وحدهما غير كافيين لأن يحققا الترابط المنشود بين جزأي القصيدة ، ولهذا كان هناك تباعد بينهما شابه الاقتضاب([21]) .
وفي قوله : ( رقيقه ) إشارة إلى نوعية العلاقة بين الشاعر وممدوحه ، إنها علاقة سيد بمسود، وليست الصلة صلة مودة بين محب أوصديق أوممدوح ، فهو لاينال منه مأمله إلا بأن يصير عبدا رقا له !!... وهذا مايدعو إلى القول بأن القصيدة لاتحوي وحدة ما إلا وحدة البيت واستقلاليته لأن أهم عنصر يحقق الوحدة هو صدق الشعور والإحساس ، وهذا ماتفتقده هذه القصيدة .
ثم إن التكلف واضح حتى في وصف الممدوح ، فالممدوح هو :
الأمجدُ البَرُّ العفيـ ـفُ الذيلِ زهدا والنطاق([22])
والعالِم العلَم الشهيـ ـر بعلمه بالاتفاق
الأوحدُ العلبي من يسمو على السبعِ الطباق([23])
فالصفات التي أضفاها على ممدوحه لاتميزه عن أي ممدوح آخر، إنها صفات مستمدة من محفوظه الذهني ، وكانت المبالغة فيها غير مستحبة إذ جعله يسمو على السبع الطباق !!...
وفي انتقاله إلى نعت قومه نراه يصفهم بالسمو بحيث لايمكن أن يصل إليهم أحد ، وقد جاء بثلاثة تشبيهات للدلالة على سبقهم في تشبيه مفروق([24])، فالذي يبتغي اللحاق بهم لن يستطيع ذلك ولو كانت سرعته كالسهم عند انطلاقته ، أو كالناقة العتاق ، أو كان يحاول الصعود إلى السماء ، ولايتمكن من ذلك أحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم . ثم يبين أنه محسود وحاسده لا نصيب له في الآخرة !!...، يقول في قوم الشاعر :
والسابقُ ابنُ السابقيـ ـنَ إلى العلا حدَّ السباق
لايدركون بغايةٍ في المجد من ماضٍ وباق
ولكم كبا في إثرِهم راجي اللحاق عن اللحاق
ولو أنه في عزمه كالسهم عندَ الانطلاق
ومتى تنال العيرُ شأ وَ الأعوجيات العتاق؟([25])
مثلا كمن يرقى، ولا يرقى السماء كذي البراق
وكأن الشاعر أولع بالمبالغات، ولهذا نراه يصف حاسديه بعد ذلك بأنهم( مالهم يوم القيامة من خلاق!!.. ) وعندما يصل إلى هذه المبالغة غير المستحبة أيضا ينتقل إلى الخاتمة انتقالا مفاجئا ، إذ يقدم قصيدته للممدوح حسناء فتية لم يرها أحد من قبل ، ولم يقدم مثلها لأحد إلا لممدوحه هذا ، وكانت ذات معان مدحية منسجمة ، وقد جملتها صفات ممدوحه لا الصنعة التي فيها ، ولذلك فإن النفس تسر بها :
وإليكَها عذراءَ يغنيها الـ ـصديقُ عن الصداق
ما أمهرتْها فكرتي لسواكَ إلا بالطلاق
ولقد تناسق درُّ حمـ ـدك ضمنَها أيَّ اتساق
فحلت وما افتقرت لتحـ ـليتَيْ جناس واشتقاق
بمدائح ٍ أشهى إلى الـ أرواحِ من راحٍ وساق([26])
وهنا نرى أن المحسنات البديعية شاركت في إظهار التكلف ولا سيما بالألفاظ الفقهية كالصداق والمهر والطلاق ، ومصطلحات البديع كالجناس والاشتقاق .
والشاعر بعد ذلك ينتقل إلى الدعاء وكأنه لازمة لاغنى عنها إذ " ليس لمتأخر الشعراء أن يخرج عن مذهب المتقدمين في هذه الأقسام " كما قال ابن قتيبة حتى يعد من الشعراء المجيدين .
وهذه قصيدة أخرى للشاعر الأمين المحبي([27]) تقوم على وحدة البيت واستقلاليته في بناء لاتلاحم فيه بين العاطفة والصور، وكانت الأحاسيس متذبذبة لاتسير على وتيرة واحدة .
دراسة القصيدة :
كتب الشاعر إلى صديق له قصيدة إخوانية استهلها بالحديث عن الحب وعذاباته والوجد ومعاناته، ولكن القارئ يصطدم بعد ذلك بفتور العاطفة، وبكثرة المبالغات التي أطلت بوجهها، مقبولة كانت أم غير مقبولة ، يقول في مستهلها :
كتمْتُ هوائي لو يفيدُ التكتُّمُ وكيف ؟ ودمعُ العينِ عنه يترجِمُ
لكَ الله قلبي، كم تقاسي لواعجا لها في الحشا نارٌ من العشق تَضْرَمُ
بُلِيْتُ بقاسٍ لايزال يُذيقُني من الصدِّ مالم يلقَهُ قبلُ مُغرَمُ
فسلمْتُ قلبي طائعا غير أنني أُؤَخِّرُ رِجْلا في الهوى وأُقَدِّمُ
وما كنتُ أدري أن للعشقِ فتنةً وأن اجتنابَ الشرِّ للحُرِّ أَسْلَمُ
فلما رأى وَجْدي عليه تغيَّرَتْ خلائقُه ثم انْثَنَى يتحكَّمُ
وصدَّ وجازاني على الصدِّ بالقلا وأعرضَ عني وهو بالحالِ يعلم
عفا اللهُ عنه من بخيلٍ بقربِه وسامحه من ظالمٍ ليس يرحم([28])
فالشاعر يعبر عن حبه لمن ذاق منها الهجران ، ويصف معاناته وفتنة الحب ، ومع ذلك نراه يسلم قلبه لها ، ثم فجأة يجفو كلامه فيقول غير أنني ، وهذا الاستثناء يقلل من العاطفة لأنه يشير إلى أن الشاعر أعمل عقله فراح يؤخر رجلا عن الحب ويقدم ، وجاء التأخير قبل التقديم ليوحي بالتنكر لهذا الحب، ثم يأتي بعد ذلك قوله إن اجتناب الشر للحر أسلم لئلا يقع في فتنة العشق ، ومثل هذا التعقل والرشاد لايصدر عن محب سلم قلبه لمن يحب حبا، بل عشقا لم يحس به أحد من قبل ،وهنا تتجلى المبالغة والتكلف في تصوير العواطف، وهذا مما يقلل من حدة التوتر الانفعالي ، ومن ثم الصدق العاطفي الذي هو أهم عوامل الوحدة الشعورية في القصيدة .
وينتقل الشاعر بعد ذلك إلى المديح انتقالا غير محكم فيقول :
أبيت أعاني الوَجْدَ ليلة لم أكنْ بغير ثنا فردِ الورى أترنَّمُ
فهو يعاني الوجد في ليلة لم يشغل فيها إلا بالثناء على صديقه الممدوح الذي فضله على الناس طرا ، فهل شغل قلبه الحب أم الثناء ؟ وهل كان يترنم بحبها أم بحبه ؟ !! ...
ثم يقول بعد ذلك :
عنيت السيدَ السنَدَ الذي غدا مثلَ بسمِ اللهِ فهو مُقَدَّمُ
وحيدٌ له من الأفضالِ طبعٌ وشِيْمَةٌ وفيه انتهى جودُ الورى والتَّكَرُّمُ
وناديه روضٌ بالفضائلِ مُزْهِرٌ لساني فيه البلبلُ المترنِّم
وإيراد البسملة هنا جاء في غير مجاله لما فيه من تكلف ظاهر ، ولاسيما أنه أتبعها بمبالغة في وصف الكرم حين ذكر أن جود الورى انتهى عند ممدوحه الذي يترنم بشمائله .
ولا تطول أبيات المديح إذ سرعان مايصل الشاعر إلى الخاتمة ليقدم لصديقه قصيدته التي كانت عقدا لآلئُه من ثنائه ، وقد فاقت بفصاحتها بلاغة قس ، وكانت الكوكب المنير في الظلمات ، وهو لايريد منه إلا أن يسلم ، وحسبه عظمة هذا المديح .
مولاي أنت الناسُ يافوقَ فوقِهم لأنك للطلابِ رزقٌ مُقسَّم
ولي في علاك الباهرِ المجدِ في الورى عقودُ كلامٍ بالثناءِ تُنَظَّمُ
قوافٍ إذا ما أنشدتْ بين أسرةٍ فقَسٌّ لديها بالفصاحةِ أبكَمُ
وما هي إلا الزاهراتُ فلو بدتْ لقامت مقامَ الزُّهْرِ والليلُ مظلم
تمتَّعْ بها من مادحٍ ليس يرتجي من الدهرِ شيئا غير أنك تسلم
وحسبُك شكري مابقيتَ على المدى وقلبي وأعضائي تصدِّقُ والفم
ولو نظرنا إلى كلمة ( فوق فوقهم ) لرأينا التكلف باديا، وأسوأ منه قوله حسبك الآن شكري ، وشكره هذا جاء في بضعة أبيات فحسب ، فهل تكفي هذه الأبيات القليلة مديحا لمن انتهى إليه جود الورى، وكانت فصاحة قس لاتساوي شيئا إذا ماقيست بفصاحته ؟ !! .. وهل يقول صديق أنا قلبي وأعضائي وفمي يصدق شكري ، أليس في هذا تصنع واضح ، ومن هنا كانت هذه القصيدة تعد من النظم لاالشعر الذي ينم عن إحساس عاطفي صادق .
ومثل هذه القصائد لايمكن أن يحقق الوحدة الفنية أو العضوية، فأبياتها فضلا عن استقلاليتها لاترتبط بخيط نفسي أوشعوري ، ولم تك لغتها وتصويرها وموسيقاها موظفة لأداء الفكرة والإحساس العاطفي، بل جاءت متناثرة متنافرة أحيانا، فالغزل في الأولى يائس متشائم ، وفي الثانية متكلف بارد، والممدوح صُفَّتْ صفاته بعضها إلى بعض بألفاظ وصور مختزنة من محفوظ الشاعر وليست وليدة أحاسيسه ومشاعره، والمقدمة في الثانية بادية التكلف والمعاني لاتميز هذا الممدوح عن غيره ، والخاتمة معهودة .
ونقدنا العربي وإن دعا إلى وحدة البيت لايقبل مثل هذا لأنه شرَط - كما سنرى في الوحدة المنطقية - أن تتسلسل القصيدة، وأن تتحد أجزاؤها ومشاعرها حتى تكون كالجسد الواحد وتلقى القبول ، وهذا يوصلنا إلى الوحدة المنطقية :
ثانيا : القصيدة ذات الوحدة المنطقية التسلسلية :
لم تمنع استقلالية البيت بعض الشعراء المتفوقين في العهد العثماني من أن يحققوا لقصائدهم بعض الوحدة ، وإن لم تصل إلى درجة الوحدة العضوية ، والشعراء عادة تبع للنقاد ينقحون قصائدهم ويعاودونها لتكون طبقا لذوق العصر حتى تنال الإعجاب ، ولذلك كان لابد من أن تستهل مدائحهم بمقدمة مناسبة ، وقد رأوا - كما ذكر ابن قتيبة وابن رشيق والقرطاجني- أن الغزل أنشط للنفس وأدعى إلى الاستماع لما في النفوس من ميل إليه ، فكأنه وسيلة تتفتح بها ملكة الشاعر وألباب المستمع، أو كأنه منطلق الروح وموقد الوجد([29])، ولكن ميزة بعض شعراء العصر بدت في تسلسل القصيدة تسلسلا منطقيا في بناء متماسك محكم يجمع العناصر المتباعدة ويربط الأجزاء، وإن كان الكثيرون قصروا عن الوصول إلى الوحدة بمفهومها العضوي المتنامي، الناجم عن نمو داخلي في القصيدة .
لقد دعا ابن حازم القرطاجني إلى شعر يحقق الانسجام بين العناصر المتباعدة ، فالشاعر يقف على الطلل ويبكي أو يستبكي ويخاطب الديار ، ويقارن بين ماضيها العامر وحاضرها الغابر، ثم يشكو همه وأرقه وبعده عمن أحبها لصفاتها المادية والمعنوية، ثم يركب الطريق ليتسلى به عن محبوبته وليصل إلى محبوب آخر هو ممدوحه ليضفي عليه من ثنائه فيكتسب منه مايخلصه من معاناته و... ،وهذه الموضوعات المتعددة تقوم على وحدة التسلسل ، فالموضوع الأول يفضي إلى الثاني ، وهذا يؤدي إلى الثالث وهكذا ...، ولهذا عنوا بحسن التخلص والانتقال من غرض إلى آخر انتقالا يتحقق به الانسجام والترابط وهذا ماعناه الحاتمي من قوله : " من حكم النسيب الذي يفتتح به الشاعر كلامه أن يكون ممزوجا بما بعده من مدح أو ذم أو غيرهما متصلا به غير منفصل عنه ، فإن القصيدة مثلها مثل خلق الإنسان في اتصال بعض أجزائه ببعض ، فمتى انفصل واحد عن الآخر وباينه في صحة التركيب غادر بالجسم عاهة تتخون محاسنه "([30])
فالحاتمي يتحدث عن وحدة في القصيدة لكنها وحدة تقوم على اتصال أجزائها وتناسب صدورها وأعجازها ، ويقول د. بسام قطوس معلقا على هذا : " وهذا يعني أنه لم يدرك الوحدة على أنها تؤدي معنى النمو الداخلي كما فهمها النقد الحديث([31])"، وهذا مارآه أيضا د.محمد غنيمي هلال ود. يوسف بكار .
وأصحاب هذا الاتجاه المنطقي التسلسلي تجاوزوا في وحدتهم مفهوم البيت المستقل، وتقدموا خطوة في طريق الوحدة العضوية إلا أنهم لم يصلوا إلى الحديث عن تنامي القصيدة من داخلها([32]) .
وكان بعض شعراء العرب في العصر العثماني من اتصل بالتراث وحفظ منه الكثير من الأساليب والصور، فسرت دماؤه في عروقهم،ثم راحوا يقلدونه في صوره وأساليبه، لكنهم تمكنوا بمهارة من جعل القصيدة مترابطة في بناء متماسك متلاحم، ومن هؤلاء الشاعران حسين البقاعي([33]) وسليمان السواري([34]) ، ولنأخذ للأول قصيدة مدح بها أبا الوفاء العرضي([35])،وتقع في أربعين بيتا. وللثاني إخوانية أرسلها إلى صديقه وتقع في أربع وخمسين بيتا، وهما – كما أرى - من أجود قصائد العصر التي يربطها بناء منطقي متسلسل:
دراسة قصيدة البقاعي :
كعادة شعراء العصر استهل البقاعي قصيدته بالغزل يسبقه بيتان يقف بهما على الطلل وهما :
إلى كم وقوفُ العيسِ في دارس الرسم؟ وحتامَ أستروي من الدمع ما يظمي؟
لقد كان لي عما تجشَّمته غنى ولكنما الأقدارُ تمضي على حتم([36])
فهو يقلد القدامى في الوقفة الطللية لكنه يأتي بها في بيتين فحسب، وكان في الثاني يعمل عقله فيرى أن الحب تعب كله ، ولكنه يسلم أمره إلى القضاء والقدر الذي أوصله إلى التعلق بفتاة في مقتبل العمر. وبهذا دخل في النسيب، ثم راح يصف هذه الفتاة فإذا هي بهية الطلعة ، قد أنحلت جسده، وجلبت له الأمراض، وإنه ليفديها بنفسه، وهو لايستطيع سلوها، وإن لامه اللائمون ، يقول في ذلك :
طحا بفؤادي حبُّ عذراءَ كاعبٍ تفوق ضياءَ الشمسِ والبدر في التمِ([37])
أحنُّ لسقمي إذ بها كان أصلُه وحسبُك من صبٍّ يحنُّ إلى سقمِ
فماذا يرومُ العاذلون وإنما عليَّ سفاهي في الغرامِ ولي حلمي
يعُزُّ على الواشين تمثيلُ صورتي ولكنما المرئيُّ نوعٌ من الوهم
وهل يخطرُ السلوانُ يوما بخاطري وما لاح في فكري، ولا جال في فهمي
فديتُك لاتستنكري ما ألمَّ بي فرُبَّ نحيفٍ فاز بالسؤدُدِ الضخم
وفي الشطر الثاني من البيت الأخير تخلص حسن، ومنطلق موفق إلى موضوع الفخر بالنفس ، وهو الموضوع الثالث إذا عددنا الوقفة الطللية ، وعلى أي حال فإن الشاعر يروح يعدد صفاته التي يفخر بها ، فهو عظيم الشأن وإن كان نحيل الجسم ، وهو صبور يقتحم الموارد الصعبة ، خبير بالحياة وعشرة أهلها ، يصمت عن حلم ، وينطق بعلم ولايتحمل الضيم أبدا ، فإن أحس به ركب مطيته الشهباء ، وسعى إلى من ينقذه من شقائه، وإن كان بعيد الشقة ، إذ له من ممدوحه خير من يعينه في حياته لأنه جواد كريم . يقول في ذلك :
فديتك لاتستنكري ما ألم بي فرب نحيف فاز بالسؤدد الضخم
وإني صبورٌ ما تقحَّمْتُ موردا فأعذبته حتى أمرَّ له طعمي
خبيرٌ بما يرضي الخليطَ مرامُه فأصمُتُ عن حِلْمٍ وأنطقُ عن علم([38])
إذا سامني خسفاً من الأرض منزلٌ أحثحِثُ عنه الدُّهْمَ والشهبُ في الدهم([39])
وأسعى لما يرضى به المجدُ والعلا وأسمو إلى السامي من الرُّتَبِ الشُّم
عسى العيسُ تدنيني وإن شطَّتِ النوى جنابَ وفا العرضي ذي النائل الجَمِّ
وفي هذه النقلة تخلص حسن إلى الموضوع الرئيس " المديح " وفق الشاعر إليه، وإن كان مألوفا في شعرنا العربي، لكنه تمكن به من أن يربط بين الموضوعين بإحكام . ويجعل الشاعر يواصل الثناء على ممدوحه .
والشاعر يصفه بما وصف به الأقدمون : بالكرم والحلم والعلم الذي يجعله يحل المسائل الفقهية العويصة ، ويفوق أقرانه في مناظراته العلمية ، وبالرأي السديد الذي ينير به الظلمات ، وبالعزيمة القوية والفعال الحسنة التي تشابه الرياض المزهرة وتعبق بأطيب الروائح . يقول في ذلك :
ولم لا ؟ وقد وافيْتُ أكرمَ ماجدٍ أناملُه تستهلكُ البحرَ إذ تَهمي
تنيرُ دياجي الخطبِ أنوارُ رأيِه وتشرقُ منها غُرَّةُ الزمنِ الجهم
تضيءُ به الدنيا إذا الشمسُ لم تُنِرْ من الحِلْمِ والرأيِ المُسَدَّدِ والحزمِ
له الحسبُ الوضَّاحُ تزهو رياضُه كأن رياضَ الخِيْفِ باكَرَها الوَسْمي
إذا ناضل الأضدادَ آب بفضلِه ظهيراً وباؤوا بالمذلة والرغم
ثم ينتقل الشاعر إلى ختام القصيدة فيوجه ثناءه للممدوح شعرا أشبه بالعروس تفوح روائحها العبقة التي تشابه عطر دارين ، وقد فضلت على مثيلاتها لشرفها ، وبما أكسبها الممدوح من خلاله الحميدة . يقول :
أبا المجدِ والجودِ المُؤَثَّلِ بالندى وجاني ثمارَ الفضلِ والحِلْمِ والعلم
أتتك عروساً عطرَ الكونُ نشرها كنافحة الذراري مفضوضةِ الختْم
لها حسبٌ في الآخَرين وإنما بفضلك يامولاي فاقتْ على القدم
ويعد هذا النوع من أكثر أنواع الشعر العربي في العهد العثماني ولاسيما في مواطن المديح ، فهو وإن تعددت موضوعاته بين طلل ونسيب وفخر وثناء، إلا أن أثر حياة الشاعر ومجتمعه وفنه بادية عليه ، فالحياة لم تعد قائمة على الترحال إلا قليلا ولهذا لم يجد الشاعر حاجة للإطالة في وصف الطلل فانتقل إلى النسيب ، وأرى أن هذا النسيب وما لحقه من فخر كان رمزا لحرمان الشاعر ومعاناته وإحساسه بالفقر والذل ولكنه إحساس يدع الشاعر يعيش بين الألم والأمل ، وما فقده للسعادة مع المرأة إلا إشارة إلى فقدان سعادته في مجتمع لايرحم ويجعل صاحبه يتحول عنه إلى موطن أفضل .
وهذا الجو العام للقصيدة يكسبها نوعا من الوحدة المنطقية التسلسلية القائمة على ترادف الأفكار بعضها وراء بعض في إطار محكم ، وهذا مايدعونا إلى القول بأن الشاعر ذو مقدرة على ربط أجزاء القصيدة وموضوعاتها ، ولكن هذه الأجزاء تفتقد النمو الداخلي وتظل في إطار المحفوظ الذهني للصور والأسلوب ، فالآراء نور والكرم بحر والرياض والمطر والوابل والدر والشهد والسم كلها مشبهات ومشبهات بها لها دلالاتها المعروفة في شعرنا العربي القديم، ولذلك لم تشارك في البناء الفني للنص الأدبي مشاركة قوية
دراسة قصيدة السواري :
وقصيدة الشاعر سليمان السواري ترتبط أجزاؤها برباط منطقي أيضا ، والشاعر لم يستهلها بالطلل والغزل، وإنما باستفهامات متعددة يستخبر فيها عن قصيدة صديقه التي يرد عليها ، أهي ندى تساقط على زهور الربيع في الرياض المخضرة ؟ أم هي فم مبتسم ذو أسنان لؤلئية ؟ أم غناء مطرب لشحرور حمله نسيم يعبق بالروائح الطيبة ؟ أم أنها حديث ساحر؟ وإن من البيان لسحرا . يقول في ذلك :
أسَقِيْطُ طَلٍّ جال في زَهرِ الرياض السندسيهْ
أم ثغرُ وضّاحِ المبا سم ذي الثنايا اللؤلئيهْ
أم نسمةٌ شِحْرِيَّةٌ نفحت، فجاءتْ عنبريَّهْ
أم ذاك نفثث السحرِ من مولاي أرسله هديهْ([40])
وبالبيت الأخير يتخلص إلى ممدوحه تخلصا موفقا ينم عن إعجابه به، فهو صاحب الفضل العميم والفصاحة والبلاغة، والخلق الرفيع،والنسب العظيم الذي ينتمي إلى أفضل العالمين، وقصيدته المرسَلَة تتراءى له فتاة ذات نسب عريق، وقد تزينت بأجمل الثياب لتروي أحاديث الفضلاء وسقيت بماء المكارم ، فجاءت بأسلوب عذب جميل ، يقول في ذلك :
حاوي الفصاحةِ والبلا غة والصفاتِ الألمعيهْ
ساد الورى بشمائل عنوانُها النفسُ الزكيهْ
فرعٌ زكيٌّ أصلُه خيرُ الخلائقِ والبَرِيَّهْ
لله درُّ عَقيلةٍ ألبستَها الحُلَلَ السنيهْ
وبعثتَها تروي أحا ديثَ الكرامِ الأريَحِيّهْ
أدبٌ كأزهار الرُّبى سُقِيَتْ بأخلاقً رَوِيَّهْ
ويمضي الشاعر مع أربعة عشر بيتا في الثناء عليه، والتعبير عن إعجابه بقصيدته المرسلَة إليه ، ثم يروح يعاتبه على هجرانه، وعلى ذكره مناطق الأزبكية والتقليل من شأن متنزهات دمشق ذات الرياض البديعة، والأنهار السبعة والقصور البديعة، والزهور العبقة.
أوَما كفى بفراقِ طلْـ عتكَ البهيَّة لي بلِيَّهْ
حتى نسيتَ عهود ود ي بعد إخلاص الطويهْ
ثم انثنيتَ فهِجْتَ لي شجَناً بذكر الأزْبكِيَّهْ
وسكَوْتَ عن وادي دمشـ ـقَ وما حوى والصالحيهْ([41])
ذاتِ المنازِه والجَوا سقِ والرياضِ الأريضيهْ([42])
والسبعةِ الأنهارِ تجـ ـري في البقاعِ الأقدسيهْ
ثم ينتقل إلى وصف النساء اللواتي يتنزهن في ربوع هذه البساتين ،لقد كن كالآرام، وهن نيرات الوجوه، فاتنات الطرف، رشيقات القوام وطويلات كالرماح :
ومسارحُ الآرام في أرجائِها وقتَ العشيَّهْ
من كلِّ أغيدَ مشرقٍ أبهى من الشمس المُضِيَّهْ
ولحاظُه فعلتْ بنا أضعافَ فعلِ المَشرَفيَّهْ
لدنُ المعاطفِ قدُّهُ قدُّ الرماحِ السمهريهْ
هذه محاسنُ جِلِّق الـ فيحاءِ تفديك البريهْ
فبأي عذرٍ مِلْتَ عن رؤيا محاسنِها الشهيهْ
وأنهى الشاعر قصيدته بإهدائه التحية له ، ثم طلب منه أن يستمر في مودته، فهو محب له بل عبد وفيٌّ يدعو له بدوام السعادة ، ثم قدم له قصيدته كعادة شعراء العصر فتاة تحمل صدق المحبة ، وأخيرا طلب منه أن يستر عيوبه برداء النقاء ، كما دعا له أن تدوم صفاته الحميدة مادام في الوجود حمائم تطرب في الرياض الخضرة :
حيا الإلهُ جمالَ وجـ هِك بالرضا أسنى تحيهْ
مولاي هل من نظرةٍ صدقُ الوِداد لها مَزيَّهْ
أنا عبدُك الخلُّ الوفيُّ - وليس حالاتي خفيهْ
فاسلم فديتُك حيث كنـ تَ ودُمْ بعيشتِك الرخيهْ
وإليكها رُعبوبةٌ تنبيك عن حُسْنِ الطويهْ
فاسبلْ عليها من جميـ ل السترِ أرديةً نقيهْ
لازلت ممدوحَ الصفا تِ الغُرِّ محمودَ السجيهْ
ماغردت ورقُ الحما ئم في الرياضِ السندسيهْ
هذه القصيدة تتلاحم أجزاؤها بعضها مع بعض برباط منطقي ، فهي تبدأ بوصف رسالة صديقه، وتبيان الإعجاب بها وبصاحبها الذي ينعته بنعوت معهودة للعلماء كالفصاحة والنسب، ثم ينتقل إلى عتابه على ذكر الأزبكية وتناسيه رياض الشام البديعة، ويروح يتحدث عن هذه الرياض ونسائها، ثم يختم بالتعبير عن حبه له وتقديمه قصيدته له على عادة العصر فتاة حسناء ، وأخيرا يدعو للأخ الحبيب بالسعادة مدى الدهر .
ويبدو أثر البيئة على الشاعر في وصف دمشق وبساتينها ، ولكن أبيات المديح لاتتعدى ربع القصيدة ، وهذه عادة الشعراء القدامى لأنهم يشغلون أنفسهم بموضوعات جانبية قد لاتخدم مضمون القصيدة كوصف دمشق وربوعها .
ولعل ذوق العصر كان يستدعي هذا التعدد في الموضوعات، وإلا فلم ذكر الرياض الدمشقية وأطال بذكرها، وهذا ينم عن أن الشاعر في العصر العثماني ظل مكبلا بقيود النقد القديم، وإن اهتم بربط أجزاء القصيدة وإحكامها . يقول ابن طباطبا : " يجب أن تكون القصيدة ككلمة واحدة في اشتباه أولها بآخرها نسجا وحسنا وفصاحة ، وجزالة ألفاظ ودقة معان ، وصواب تأليف ، ويكون خروج الشاعر من كل معنى يصنعه إلى غيره من المعاني تقتضي كل كلمة مابعدها ويكون مابعدها متعلقا بها مفتقرا إليه([43])" .
فابن طباطبا يقرر التناسب المنطقي الذي يجعل الشاعر يؤلف بين الأجزاء ، و "إن اللحظة الزمانية التي كان الشاعر واقعا فيها تحت تأثير الشعور المسيطر هي التي أسعفته في تجميع تلك العناصر المختلفة([44]) . فوحدة القصيدة هنا تقوم على ترابط الأجزاء وحرارة المشاعر وتجانس الصياغة إلى حد كبير، ولكن الوصف فيها كان خارجيا ، ولذلك فهي تفتقد إلى النمو الداخلي فيها .
ثالثا : القصيدة ذات الوحدة الموضوعية :
وتكمن وحدة هذا النوع في وحدة موضوع القصيدة ، ومن هنا يتحقق الترابط بين أبياتها، ويكثر هذا النوع في القصص والحكايات الشعرية ، وفي الملاحم، والمراثي([45])، وفي القصائد الدينية كبعض المدائح النبوية،إذ يركز الشاعر غالبا على وصف الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يستهل بالغزل الرمزي الذي يعبر به عن حبه للرسول صلى الله عليه وسلم وأرض الحرمين مقتديا في ذلك بالبوصيري([46])، وكذلك في القصائد التي تهتم بالحروب والثورات، وقد أوضح ابن الأثير أن استهلال قصائد الثورات بالغزل إطالة لاتقبل لأن السامع يتشوف إلى سماع الخبر لاإلى سماع الغزل([47]) .
وسأدرس نموذجين لهذا النوع من القصيد : مدحة نبوية للشاعر محمد العمادي([48])، وأخرى في المديح الرسمي للشاعر عبد الرحمن بن عيسى المرشدي([49]) قالها في تهنئة الشريف حسن بن نمي وابنه أبي طالب حينما ظفرا بقبيلة شمر .
1- دراسة قصيدة العمادي النبوية :
استهل الشاعر نبويته بالغزل الرمزي إذ راح يناجي البرق القادم من رامة ( مكة المكرمة ) ويطلب منه أن يسأل كراما نازلين بطيبة عن قلب مُعنَّى أسره حب من نزل فيها ، وقد تشوق الشاعر إلى ديارطيبة وإلى شم عبيرها ورؤيا بروقها ، وكم حاول أن يكتم حبه خوف الشامتين ولكن دموعه أفصحت عما أكنَّه قلبه ، يقول في ذلك :
أيا بارقا من نحو رامةَ أبرقا حيِّ العوالي واللِّوى والأَبْرَقا
واسأل كراما نازلين بطيبةٍ عن قلب مُضنىً في حماهم أُوْبِقا([50])
ركِبَ النجائبَ حين أمَّ رحالَها صحِبَ الفؤادَ وقادَه متشوِّقا
كم أنتشي ريحَ الصبا من نحوها وأشمُّ فيها بارقا متألِّقا
وإذا كتمتُ الوجدَ خِيفةَ شامتٍ آلتْ جفوني حِلْفَةً أن تنطقا([51])
فالشاعر هنا يستهل قصيدته بالغزل العذري إذ يعبر عن حبه للرسول صلى الله عليه وسلم ويرمز له بالأماكن المقدسة التي تعود شعراء المديح النبوي أن يذكروها في قصائدهم على نحو رامة وطيبة ...
ويتابع الشاعر نبويته فيذكر الأماكن التي يرتادها الحجاج من مثل خيْف ومِنى والجمرات والإحرام ، ثم يعود إلى ذكر طيبة وساكنها الشفيع عليه السلام ليهديه سلامه ، كيف لا وهو الذي خدمه جبريل عليه السلام يوم الإسراء والمعراج ، يقول في ذلك :
يامَن سعى بالقلب ثم رمى به جمرَ التفرُّق مُحرِما عيني اللِّقا
وقضى بخيفِ مِنى نهاياتِ المنى هلا ذكرتَ مُتيَّما مُتحرِّقا
يارائدا للخيرِ يقصدُ طيبة متشوِّقا في سيرِه متأنِّقا
يمِّمْ حِمى هذا الشفيعِ المُرتجى واسألْ أناملَه الغمامَ المُغدِقا([52])
واقْرِ السلامَ مع الصلاةِ على الذي جبريلُ كان خديمَه لما رقى
ثم يروح يعدد شمائله ويذكر منها كرمه الفياض ، ورحمته للضعفاء ، ويطلب منه الشفاعة بعد أن كبلته الذنوب ، وهو يستغيث به ليخلصه من ذنوبه يوم القيامة ، ويقسم له أنه المحب الصادق ، وكم تمنى زيارته وود أن يلثم ترابه وأن يشتم عبير مثواه، وجداً به وشوقا ، ذلك لأن حبه قد سكن سويداء قلبه ، يقول :
مَن أخجلَ الكرماءَ لما جاءَهم متحدِّيا بمفاخرٍ لن تُسبقا([53])
ياراحمَ الضعفاءِ نِـَظرةَ رحمةٍ لمعذَّبٍ مُضنى الفؤادِ تشوُّقا
يرجوك فضلا أن تمُنَّ ترَحُّما بشفاعةٍ تمحو ذنوبا سُبَّقا
فالعبدُ في سجن الأثامِ مقيدٌ إن الكريمَ إذا تفضل أَطلقا
أنجدْ لعبدك قد تملَّـك قلبَه حبُّ الجنابِ وعمرَه ما أُعْـتِـقا
ماحالَ يوما عن غرامٍ صادق لا والذي قِدما تفرَّد بالبقا
فاشفعْ لعبدك كي يزورَك سيدي ويرى ضريحا بالرسالة مُشرقا
من لي بلثمِ ذياك الحِمى أو أن أكونَ لعرفه مُتَنَشِّقا
مثوى حبيبٍ قد ثوى في مهجتي ومقامُ ذي الشرفِ الرفيعِ المنتقى
ويتابع الشاعر مديحه للرسول صلى الله عليه وسلم فيذكر أنه الذي يغيث الناس يوم القيامة حينما تدلهم الخطوب بالمرء ، وقد جاء بالقرآن الكريم نورا وهدى فأنار الكون بعد الظلام،وعلم الناس الصلاح وسلوك السبيل القويم في حياتهم ، كما رحم الضعفاء والمساكين، وكانت شريعته الغراء هي المنقذة للعالم مما يتخبط فيه ، ولذلك فهو أهل لأن يستغاث به يوم القيامة . يقول :
هو غيثُنا وغياثُنا بل غوثُنا من كل خطبٍ في القيامة أحدقا
من جاء بالفرقانِ نورا ساطعا وغدا الوجودُ بهديه مُتألِّقا
ياهاديا أوفى بأوضحِ منهجٍ لولاك ماعُرف السبيلُ إلى التقى
ياملجأَ المسكينِ عند كُروبِه يامُنجِيا من هولِ ذنب أقلقا
العبدُ من خوف الجناية مشفقٌ وبذيلِ جاهِك ياشفيعُ تعلقا
وفي ختام القصيدة يصلي الشاعر على الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الخلفاء الأربعة الكرام وذلك في قوله :
صلى عليك الله ماركبٌ سرى نحو الحجاز وقاصدا أرضَ النقا
والآلِ والصحبِ الذين بحبهم يُرجى النجاةُ بهول يوم أَوْبَقا
وعلى الخصوص السيدُ الصديق من أضحى به نورُ الهداية مشرقا
ورفيقُه الليثُ الغضنفر غوثُنا من رأيُه نصَّ التلاوة وافقا
والصهرُ عثمانُ بنُ عفانَ الذي حاز الحِباءَ مع المهابةِ والتقى
والشهمُ حيدرةُ الحروبِ مدينةُ الـ ـعلمِ الذي حاز السناء الأسبقا
فعليهم مني السلامُ محلقا نحو الحجاز وبالعبير مُخَلَّقا([54])
ماسارت الركبانُ نحو تهامة يحدو بها حادي الغرامِ مُشوَّقا
هذه القصيدة كما نرى تتضمن موضوعا واحدا هو الثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتبيان حبه الجم والاستشفاع به يوم القيامة ، ولئن استهلها الشاعر بالحديث عن الحب الصادق الذي ودَّ صاحبه كتمانه ففضحته دموعه ، فإنه حب رمزي أو مايسمى بالغزل الرمزي، جاء تعبيرا عن شدة وجد الشاعر بصاحب الرسالة ، ساكن الحجاز ، وربما كان لتأثير النقد العربي على الشاعر أثره في هذا التعبير، إذ الحديث عن الحب كما قال ابن رشيق القيرواني([55]) ينشط القائل والسامع ويجعل القصيدة أعلق بالنفس، وكذلك ذكر أماكن الحجاز المقدسة الحبيبة إلى النفس مثل رامة وطيبة ومنى والخيف، ولهذا يكثر ورود هذه الأسماء في الغزل الرمزي في المدائح النبوية .
والشاعر بعد ذلك يتابع التعبير عن إعجابه بالرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم يختم قصيدته بالصلاة عليه ، وبذلك حقق الوحدة الموضوعية في القصيدة ، ودفع ماقيل عن تفكك القصيدة العربية القديمة وعدم تماسكها إلا بالوزن والقافية .
ولكن هذه الوحدة توافرت أيضا في كثير من المدائح الرسمية وهذا يوصلني إلى دراسة قصيدة المرشدي :
2- دراسة قصيدة المرشدي في المديح الرسمي :
استهل الشاعر مدحته بعقد مقارنة بين أمرين لهما وجودهما البارز في حياة العربي هما المرأة والفروسية ، ثم راح يبين أن قومه يفضلون غبار المعارك وصليل السيوف ولمعانها ولبس الدروع، وامتطاء صهوات الخيول على رائحة العنبر، ونغمات المرأة، وإشراقة وجهها، وفاخر ثيابها، وعلى جلساتها المريحة ، يقول في ذلك :
نقعُ العجاجِ لدى هياجِ العِثْيَر أذكى لدينا من دخانِ العنبر([56])
وصليلُ تجريد الحسامِ ووقعِه في الهام أشدى نغمةً من جؤذر([57])
وسنا الأسنةِ لامعا في قسطلٍ أسنى وأسمى من محَيَّا مُسْفِرِ([58])
وتسربلٌ في سابغاتِ مزرَّدٍ أبهى علينا من قَباءٍ عبقري([59])
وكذاك صهوةُ سابحٍ ومُطَهَّمٍ أشهى إلينا من أريكةِ أحور([60])
ولقا الكميِّ مدرَّعا في مِغْفَرٍ كلقا الغريرِ بمقنعٍ وبمُخمر([61])
أستطيع أن أقول:إن الشاعر لم يستطع أن ينعتق نهائيا مما ألفه من شعر الغزل، ولذلك نراه يذكره في معرض المقارنة ليكون وسيلته لتفضيل الحرب على المرأة، أو على كل محبوب في الحياة، وبذلك تعد هذه المقدمة استهلالا موفقا ، وللاستهلال أهميته، فالكلمة فيه هي الروح الدافعة ، وبه تزرع البذرة التي ستنمو عبر النص الأدبي([62]) .
والشاعر بعد هذه المقدمة يواصل الحديث عن حب قومه للحرب، فيبين أنهم ألفوها ، وقد هجرت سيوفهم أغمادها شوقا للقاء الأبطال الميامين والملوك الجبابرة ، وكان صهيل خيولهم كالرعد المزمجر في جو عاصف ممطر، أخذت فيه المياه تتدفق والدماء تسيل كسيل جارف ، يقول :
ألِفَتْ أسنتُنا الورودَ بمنهل علقت به علَقَ النجيعِ الأحمر([63])
وسيوفُنا هجرتْ جوارَ غمودِها شوقاً لهامةِ كل أصيدَ أصعرِ([64])
وصهيلُ جُرْدِ الخيل خِيْل كأنه رعدٌ يزمجر في الجَدى المُثْعَنْجِر([65])
ودمُ العدا متقاطرًا متدفقاً كالوبلِ كالسيل الجِراف الجُـِوَّر([66])
ورؤوسُهم تجري به كجنادل قذفت به موجُ السيول الهُمَّر([67])
وينتقل من هذه الألفة للمعارك إلى الحديث عن المعركة التي انتصر فيها الشريف حسن بن نمي على عدوه . لقد نشبت خلافات بينه وبين أعدائه فكانت الحرب مبيرة للعدو ، وقد أوردته موارد التهلكة، وغادرت فرسانه جثثا هامدة في صحراء مقفرة، حتى إنه ليخيل للقارئ أن هذا الممدوح قد أولم وليمة للوحوش ليطعموا من لحومهم ، وبذلك صارت بطونها قبورهم ، وسيحشرون منها في يوم القيامة. وقد خلت ديارهم من ساكنيها ، أما من هرب فترك وشأنه ليحدث بما رآه من أهوال، وبما حل بقومه من قتل وسفك للدماء، وكان الملك مع جيشه المعتمِد عليه يشابه الأسود في بأسه، ولكنه لايقتل الهارب ولا العبيد،ولاالغلمان والضعفاء ، لأنه هو وجيشه قد تعودوا الطعان في الحرب ولذلك فهم يتقدمون إليها باسمين تحت قيادته ، يقول في ذلك :
غشِيتْهمُ في العام منا فرقةٌ تركت فريقَهم كسبسبِ مقفر([68])
أودتهمُ قتلا وأجلتْهمْ إلى أن حطمَ الهنديُّ ظهرَ المُدبِر
تركت صحاراهم موائدَ ضمِّنَتْ أشلاءَ كل مسوَّدٍ وغضَنْفَرِ
ودعت ضيوفَ الوحش تقريها بما أفنى المهندُ والوشيجُ السمهري([69])
فأجابها من كل غِيْلٍ زمرةٌ تحدو منار عَمَلَّس أو قَسْوَر([70])
فبراثنُ الآسادِ تضنبُ في الكلى ومخالبُ العِقبانِ تنشب في المري
فغدتْ قبورُهُم بطونَ الوحش منـ ها يبعثون إذا دُعوا للمحشر
وخلت ديارُهم وأقوى ربعُهم وسرى السَّرِيُّ مشمِّرا عن شمر([71])
أنفتْ من استقصاءِ قتلِ شريدِهم كيما يخبرَ قائلا عن مخبر
فثنت أعنةُ خيلنا أجيادَنا عن قتل كلِّ مُزنَّدٍ وخرور([72])
مَـلأ تتوق إلى الكفاح نفوسُهم توَقانَها للقا الرداحِ المعصر([73])
يغشون أبطال الوطيسِ بواسما كالليث إن يلقَ الفريسةَ يكشر
جيشٌ طلائعُه الأوابد إن تصخْ لوجيبه من قيد شهرٍ تنفرِ([74])
يقتاده الملكُ المُشيحُ كأنه بين العوالي ضيغمٌ في مِزْأَر([75])
هنا نرى مشهدا كليا للحرب يبدأ بسبب الخلاف بين القبيلتين المتعاديتين، ثم يتنامى تدريجيا في مشاهد جزئية تضم صورا جزئية متعددة تعرف بها شجاعة هذا الملك وجيشه ، وقد وظف الشاعر كل عبارة لتخدم الفكرة ، فالفرقة أدت إلى الحرب ، وللحرب نتائجها الوخمة : قتلى في الفيافي تنهش الوحوش أجسامهم ، وما أقوى صورة مائدة الضيافة في الصحراء المقفرة حيث الوحوش تطعم من جثث الأعداء وتكون بطونها قبورهم ...
و تنمو الفكرة بمشهد آخر فهناك هاربون من المعركة جبناء، والملك يدعهم وشأنهم ليحكوا عن صور بطولته وما ذاقوه على يديه ، وقد وظف الشاعر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر " ليتخذه وسيلة لتصوير بطولة الشريف الذي ينتسب إليه ، وكان هذا الشريف يشابه الأسود في عرينها .هذا التناص وهذه الصور أعطيا تناميا للحدث أوصل الشاعر إلى ممدوحه في تخلص حسن، ذلك لأن الملك هو القائد في هذه المعركة،وهنا نراه يعمد إلى تكرار لفظ الملك ست مرات ليؤكد إعجابه به،وليضفي على النص نغمة موسيقية تضاف إلى نغمة البحر الكامل القوية فتكسب المعنى قوة إضافة إلى قوته ، ولا سيما أنه أنهى الحديث عنه بانتسابه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكرم بها من نسبة نبوية يفخر بها الممدوح ، يقول :
ملك تدرَّع بالبسالة فاغتنى يومَ الوغى عن سابِغٍ وسنور([76])
ملك تتوَّج بالمهابة فاكتفى عند الطعانِ لقرنه عن مغفر([77])
ملك إذا ماجال يومَ كريهة لم تلقَ غيرَ مجدَّل ومعفَّر([78])
ملك يجهز من جحافلِ رأيه قبل الوقيعةِ جحفلا لم ينظر
ملك تسنَّم ذروةَ المجد التي من دونِها المريخُ بل والمشتري
أعظمْ بها من نسبةٍ نبوية علَوية تُنمى لأصلٍ أطهر
وعندما ترسخ هذه الصفات في نفس القارئ ينتقل بنا إلى الخاتمة ليدعو فيها للممدوح وابنه أن يدوم عزهما، وأن يظلا متمسكين بهدي جدهما المصطفى صلى الله عليه وسلم . ويختم بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،مادام في الوجود أبطال يخوضون غمرات الوغى،ويستنشقون غبار المعارك .
هذه القصيدة تحوي موضوعا واحدا هو موضوع الحرب وإن كانت هناك إشارات في المقدمة إلى المرأة جاءت في سياق المقارنة والمفاضلة بين وصلها أوخوض غمرات الحرب، ثم تفضيل الأمر الثاني عليها. وكذلك كانت الخاتمة في ظاهرها بعيدة عن النص لكن الممدوح كان ممن ينتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك لم يعد هناك حرج من إنهاء القصيدة بالصلاة عليه، وفيما سوى ذلك كان الحديث عن حب الحرب، والانتصار في المعركة، والإشادة بالملك قائدها وبجيشه المغاوير. وهكذا تبدو القصيدة متماسكة الأجزاء تماسكا قويا بحيث كانت كل فقرة تؤدي إلى مابعدها ، وتتنامى القصيدة لتشكل وحدة موضوعية ومعنوية معا .
ولئن كان في القصيدة تنوع وتناقض ظاهري بين موقف الشاعر من المرأة والحرب فإن الخيط النفسي والموضوعي يوحدانها ويصبغانها بلون واحد ويقدمانها في بناء فني يقترب كثيرا من الوحدة العضوية .
رابعا : القصيدة العربية ذات الوحدة العضوية :
وهي قصيدة تتحقق بها درجة أقوى من التماسك إذ تفضي كل كلمة وكل صورة وكل بيت إلى مابعده، ويرتبط بما قبله برباط وثيق فيما يشبه الوحدة القصصية ، إضافة إلى أنه يجمع بينها وحدة الشعور ، وهذه الوحدة تنسحب على جميع العناصر الفنية والفكرية فاللفظة تؤدي وظيفتها في الدلالة والإيحاء ، والصورة تنمي الفكرة وتعمق الإحساس وتكون عاملا من عوامل التكوين النفسي للتجربة الشعرية ، و الشعور النفسي يسيطر على أجواء القصيدة فيشع بالعواطف والرؤى ويجعل القصيدة تنمو من داخلها وتتطور ليس بفعل خارجي عنها([79]) .
وقد يبدو في الكلام تناقض ولكنه تناقض ظاهري لايفقد القصيدة تلاحمها لأنه يندرج في إطار الوحدة العميقة الوثيقة .
وقد يقول قائل فما الفرق بين الوحدة الموضوعية والعضوية ؟ فأقول إن الثانية أشد تماسكا وعناصرها اللغوية والتصويرية تتآزر فتكون الصورة دالة على المعنى ومشاركة في تنميته، بحيث تفضي إلى أمر جديد، وفكرة جديدة ولا تبقى في حدود الزينة والتجميل الأسلوبي .
ولقد عدَّ د.طه حسين النوع الثالث مما تتوافر فيه الوحدة العضوية([80]) ولكن دراسة قصيدة فتح الله بن النحاس([81])، وقصيدة الأمير محمد بن منجك([82]) تكشفان عن الفرق في التعبير الفني والتماسك البنائي بين النوعين .
دراسة قصيدة ابن النحاس
هذه القصيدة قالها الشاعر فتح الله بن النحاس في مديح صديقه منجك بن محمد بن منجك ، الذي كان والده أميرا من أمراء الشام ، وربي الابن في أحضان أبيه على الجود والعطاء، فلما توفي الأب استمر الابن على سيرته في الكرم فافتقر ، فأشير عليه أن يذهب إلى بلاد الروم عله يحظى هناك بالقبول ولكنه أخفق في مسعاه، وعاد يجر أذيال الخيبة .
وهنا كان لابد للصديق من أن يسدي نصائحه إليه، وأن يقدم له عصارة خبرته في الحياة مشيرا إلى أن حياة الدعة والكسل مع إخوان الكساد لاتجدي شيئا ولابد للمرء من السعي، وليس في العمل عار على صاحبه، ولاسيما إن عرف صاحبه بخلاله الحميدة .
ولكن كيف سيقدم الشاعر لصديقه هذه النصيحة ؟ وكيف سيقنع أميرا بضرورة الانخراط في المجتمع والعيش واحدا من أبنائه العاملين ؟ هنا تكمن مهارة الشاعر المرهف الأحاسيس وحذقه الفني .
لم يستهل الشاعر ابن النحاس قصيدته بالغزل ، ولم يصف جمال المرأة كالذي وصف شعراء العصر، وإنما راح يفكر في الحياة ومعطياتها ، وإذا الزمن يسعفه ، إنه فصل الربيع فصل الجد والنشاط الذي تنثر وروده هنا وهناك فتعبق بالروائح العطرة، ويكسو الأرض بحلته السندسية وتتحرك فيه الدنيا ناسها ونباتها وكل شيء فيها حتى الجماد ، وهنا يصل الشاعر إلى مبتغاه فكأن الطبيعة غدت لديه رمز الحياة عامة ، إنها تقوم على النشاط ولن يتوقف هذا النشاط والحيوية ولذلك استغل الشاعر هذا الفصل ليستهل قصيدته بالحديث عن حركته وعمارة الأرض، فكأنه يقول لصاحبه: إن كنت ذا إحساس بالحياة فتحرك كما يتحرك الناس والجماد ، فالطبيعة أنبتت أزهارها بإذن مولاها، فهل يكون الإنسان الذي يرغب في عيش أفضل أقل شأنا منها ؟
نثرَ الربيعُ ذخائرَ الـ نوَّار من جيبِ الغوادي([83])
وكسا الرُّبى حللا فوا ضلُها تجر على الوِهاد([84])
وكأن أنفاسَ الجنا نِ تنفستْ عنها البوادي
والزيزفونُ يفتُّ غا لية مضمَّخةً بجادي([85])
هاج النفوسَ ولم يفتْـ ـه غير تهييجِ الجماد([86])
الزمن في القصيدة إذا هو محور النص ومرتكزه ، وهو المعبر عن رؤية الشاعر وانفعالاته ، إنه يعيش مع ولادة الطبيعة المتجددة في الربيع ، وهذه الروح المنبثقة هي المحركة ، والدافعة للإنسان نحو السعي إلى الأفضل بعد أن ينفض عنه غبار الكسل ، فكأنها دعوة للمرء لئلا يتوقف عند ركام اليأس والإحباط بل أن يسعى ليتجاوز الفقر الذي يعاني منه، ولهذا راح الشاعر يقول لصاحبه بعد ذلك متابعا حديثه عن الربيع ومازجا بينه وبين حياة صديقه :
والوردُ مخضوبُ البنا ن مضرَّجُ الوجَنات فادي
حرستْه شوكةُ حسنِه من أن تمدَّ له الأيادي
والعندليبُ أمامه بفصيحِ نغمتِه ينادي
فامسحْ بأذيالِ الصبا عن مقلتَيْكَ صدا الرقاد
وابن منجك بنظرة الشاعر الرمزية هو الورد مضرج الوجنات الذي يستحيي من العمل ، وهو الذي يتمتع بالخلال الحميدة التي تحرسه من نقد الآخرين إن سعى للكسب، إذ ليس في السعي عار، فالعندليب يترنم، ورياح الصبا تهب،فعليه أن يتخذها وسيلة للنشاط ليمسح بها صدأ الرقاد .
لقد استطاع الشاعر أن يسمع ممدوحه سريان الحياة في الطبيعة ليتفجر نشاطا كما تتفجر الزهور، ليعيش حياة ناعمة جميلة كنغمات العندليب , ولذلك غدا الربيع فصل الجمال والرقة في نظر ابن النحاس قوة محركة لتحقيق رؤية الشاعر في الحياة ، وهي ضرورة أن يمسح الأمير صدأ الرقاد عن مقلتيه ، وأن ينتفض حيوية فيكون كمن بعث من جديد ، وينطلق في هذه الدنيا من خلال ثنائية أحس بها في مرحلتي حياته الفقر والغنى .
ولايتوقف الشاعر عند هذا بل يروح يقول له مفصلا وموضحا دون أن يجرح كرامة أخيه المنكوب :
وانهضْ لكسبِ جديدِ عمـ ـرٍ من بكورِك مستفادِ
واقنع بظلِّك أو بظل الـ ـدوحِ عن ظلِّ العباد
ماراج مَن طلب المعيـ ـشةَ بين إخوانِ الكساد
فالشاعر يطلب من صاحبه أن ينهض وأن يعمل وأن يدع الكسل والرخاء وإخوان الكساد ، فالعمل عمر جديد ينقذه من الحاجة إلى الآخرين، وليس في اللهو مع الأصدقاء الطامعين خير .
إن قضية الزمن غدت محورا أساسا وجوهريا فالماضي كان بين ( إخوان الكساد ) الذين يأكلون الخيرات، إن له تأثيره وإشعاعه،ولكن المستقبل أيضا له تأثيره وإشعاعه فعلى صاحبه أن يغتنمه ليعيش بظل جهده وعمله لابظل العباد،وبذلك يكون العمل المبكر مفتاح النجاة .
وفي غمرة التصريح والتلميح يتوزع الشاعر بين عاطفتين هما حبه لصديقه وحياؤه من المواجهة ، ولكن الأخوة تستدعي النصح لينقذ الصديق مما يتخبط فيه ، وإلا بقي يعاني ولهذا نراه يقول له :
لايعجبنَّك لينُ مَنْ أبصرته سهلَ القياد
وأبيك مالانتْ لغيـ ـر الطعنِ ألسنةُ الصعاد
فالحياة الرخية فيما مضى كانت عاملا في شقائه اليوم، إنها كالرمح اللين يقتل به ...
ثم يروح بعد ذلك يعتذر له بطريق غير مباشرة مبينا له حبه الجم، معلنا له أن مكانته السامية محفوظة في نفسه :
مولاي قد جاءتْكَ من خفَر الملاحة في تهادي
قفَّيْتُها آثار خلْـ ـقك في الطلاقةِ والسداد
هذي العلاقةُ بيننا ظهرتْ تبثُّ جوى البعاد
نفسي الفداءُ لمنجك المستعزُّ بالانفراد
وإذا كان ابن منجك المنكوب يرى في العزلة عزا له فإن ابن النحاس يصحح له هذا المفهوم الخاطئ ضمن الحديث عن فضائله ، فهو أديب ومجلسه مجلس مودة يجتني الحاضرون من ثمار آدابه وسحائب علمه الكثير ، ولئن افتقر فإن له من أخلاقه ما يعوض ، وغنى الكريم بشمائله لابماله ،والمال عارية يروح وينفد ، والدهر يحارب الكريم دائما،ويمنعه خيره ويذيقه من بأسه، ولكن الكريم يبسط يديه بالعطاء دائما :
نفسي الفداءُ لمَنْجَك المستعزِّ بالانفراد
لايُجتنَى إلا بمجـ ـلسِ فضلِه ثمرُ الوداد
أدب كرَيّانِ الحدا ئق في سجايا كالغوادي
مُتكثِّرٌ بغنى الشما ئلِ لابعاجلةِ النفاد
شيمُ الجوادِ هي الغنى لاماحوتْه يدُ الجواد
ومتى الجوادُ يبيت من جَورِ الزمان على وساد ؟
الدهرُ مقبوضُ اليدين وذاك مبسوطُ الأيادي
من ههنا جُبِلَ الزما نُ مع الكرامِ على العناد
إن الدارس حينما يتأمل حركة القصيدة ونموها يلحظ أنها جاءت في وحدة عضوية تامة إذ كانت تتدفق بموجات متلاحقة من الانفعال النفسي الذي تمثل في صور أسلوبية متعددة وليست الوحدة هنا مجرد تناسب وإحكام بين المطلع والموضوع،أو بين المقدمة والعرض والخاتمة بل هي أقوى من ذلك بكثير،إنها وحدة تامة بين أجزاء القصيدة موضوعا ولفظا ومشاعر وصورا ، فالجو النفسي أو الشعوري واحد وهو نابع من حزن الشاعر على ماآل إليه صاحبه،وقد هيمن هذا الشعور العاطفي فصبغ القصيدة موضوعها وألفاظها وصورها بصبغة واحدة وإن بدا فيها بعض التناقض كالحديث عن حراسة شوكة حسنه ، فالحراسة تكون لدفع الضرر ولكن الضرر جاء من كرمه، ومن حسن فعاله ، فالشعور الذي طغى واحد وهو الذي جعل المعنى رمزا للممدوح وصفاته المعهودة عند الآخرين ، والظواهر الطبيعية ليست مجرد ظواهر ذات وجود موضوعي محدد وإنما اختلطت بروح الشاعر وصارت رمزا للقضية لاغير ، وبهذا غدا الوصف جزءا لايتجزأ من التعبير عما يجول في نفس الشاعر وليس تقليدا متبعا كما هو الحال في النوع الشكلي المجرد ،ولا رسماً لمشهد خارجي عناصره من التراث المحفوظ كما هو الحال في النوعين الثاني والثالث وإنما هو رمز وهو المحرك للمعنى المنمي له .
لقد كانت الأوصاف التي أضفاها الشاعر على ممدوحه من غير محفوظه الذهني فهو لم يقل له أنت تقي نقي عادل كريم... ولكن تحدث عن الطبيعة وجعلها وسيلة للمقارنة بين نهضتها ورقاده ، ثم قال له أنت افتقرت بعد غناك لشدة جودك، ولا عيب فيما فعلت فشيم الجواد هي الغنى، ولكن الدهر ينكب الكريم ، ثم خاطبه بـ ( مولاي ) ليحفظ له مكانته ، ثم قدم إليه شعره فتاة حيية ليرمز بها إلى استحيائه من تدخله في أموره الخاصة ، ولولا إخلاصه وحسن ( العلاقة ) لما ذكر له ماذكر .
وقد شاركت الصور في الدلالة على الحالة النفسية ، فالجنان تنفست وظهرت روائحها العبقة في البوادي مما أهاج النفوس - إلا نفوس الكسالى - فجعلها تنشط في هذا الفصل ، والورد حرسته شوكة حسنه من أن تمد له الأيادي ، وشوكة الحسن هي كرم الشاعر، وهو سبب نكبته ، ولكنه أيضا حرسه من النقد اللاذع الذي كان سيوجه إليه ، وهذا التناقض بين الشوكة والحسن جاء ليخدم الفكرة ، والرقاد صدأ جاء في تشبيه بليغ إضافي وهو يمسح بأذيال رياح الصبا فتعود النفس نشطة ، وابن منجك عليه أن ينهض مبكرا ليستفيد عمرا جديدا بالعمل فيعيش في ظله لاتحت ظل العباد، والفرق بين (ماراج... والكساد) يظهر الواقع الذي كان ابن منجك يعيشه مع صحب كسالى ، وصحبة هؤلاء تضره ، وإن بدت صداقتهم لينة فالرمح لين ولكنه قاتل في آن واحد ، وفي هذا التضاد الخفي بين لين الرمح وطعنه الذي جاء في تشبيه ضمني يصل المعنى إلى درجة عالية من النمو الذي تتحرك به المشاعر ...
وهكذا تبدو الصور مشاركة في أداء المعنى وليست للزينة وزخرف القول .
أما أسلوب الشاعر في النص فكان الخبر يطغى عليه لأن الشاعر كان حزينا على صاحبه وهو يقدم له نصائحه وذلك ليرسخ النصيحة في نفسه فيتحقق التأثير المنشود ، ولكن هذا لايمنع من وجود دلائل تشير إلى القلق على الممدوح وقد بدا هذا في القسم والاستفهام في :
وأبيكَ مالانَتْ لغيـ ـر الطعن ألسنةُ الصعاد
ومتى الجواد يبيت من جور الزمان على وساد ؟
فهو قلق على صاحبه من أصدقاء يلينون له ليوقعوه في فخ الحياة ، والجواد لايهدأ له قرار وهذه الصور التقابلية بأسلوبي القسم والاستفهام صبغت النص بالمشاعر الحزينة .
ولكن الشاعر عندما عرض الصفات جاء بالجمل الاسمية لأن صفات ممدوحه استقرت في ذهنه وجعلته يستخدم ألفاظا وعبارات تكشف عن مجاهل أعماق الشاعر .
ويمكننا أن نلاحظ حقلين رئيسين يمثلان ثنائية القوة والضعف مع ملاحظة أن حقل القوة أبرز وأعلى صوتا في هذه القصيدة ولعل ذلك يعطي الدليل على العلاقة بين الشاعر والممدوح البعيدة عن التقليدية تماما :
الحقل الأول : الطبيعة وقد بان في ألفاظ وتراكيب من مثل : ( الربيع ، النوار، الربى ، الوهاد ، أنفاس الجنان ، البوادي ، الزيزفون ، غالية ، بجاد ، تهييج الجماد ، الورد ، مخضوب البنان ، مضرج الوجنات ، شوكة حسنه ، العندليب ، نغمته )
ومن الزمن : الدهر مقبوض اليدين ، جبل الزمان مع الكرام على العناد
الحقل الثاني : خطاب الممدوح : امسح ، مقلتيك ، صدا الرقاد ، انهض لكسب جديد عمر ، ظل العباد ، المعيشة ، نفسي الفداء ، المستعز بالانفراد ، مجلس فضله ، ثمر الوداد ، أدب كريان الحدائق ، شيم الجواد ، خفر الملاحة ، آثار خلقك في الطلاقة والسداد ، العلاقة بيننا ، إخوان الكساد ، لايعجبنك لين من أبصرته سهل القياد ، وجع الفؤاد ، مضى زمان الاتحاد .
وإذا تأملنا هذه الحقول الدلالية نجد أن عناصر الممدوح تتوزع بين ثلاثة أمور هي : الدعوة إلى العمل والثناء عليه ، وتبيان أخطار إخوان الكساد ، وإذا أضفنا إلى ذلك عنصر الطبيعة المحرك تبين لنا أن عوامل القوة هي المحركة لأن الحياة نشاط وعمل وقوة وبعث واستشراف نحو الأفضل .
ولقد شاركت العناصر الموسيقية في أداء الفكرة فالأبيات أكثرها مدور إذ جاء واحد وعشرون بيتا مدورا في القصيدة المؤلفة من أربعة وثلاثين بيتا وهذا ما يؤكد شدة التلاحم بين شطري البيت.كما جاءت القافية مردوفة لتمد في صفات الممدوح ، وموقف الشاعر القوي جعله يختار حرف الروي الدال ، وهذا يعني أن تجربة الشاعر قد مست شغاف قلبه وجعلته يذكر ماضي صاحبه وحاضره، ويوائم بين تجربته وقدراته الفنية، فلم ينقل الواقع كما هو وإنما جاء به ممتزجا بأحاسيسه ، والفن هو إفضاء مافي النفس وما في الحقيقة كما هي في خواطر الشاعر وتفكيره لأن صدق الوجدان هو الصدق المطلوب في التجربة الفنية([87])
ولقد تعاونت الصور والموسيقى واللغة على أداء المعنى في بنية حية، في قصيدة لايمكن لصاحبها أن ينقلها إلى ممدوح آخر كما هو الحال في بعض القصائد المدحية التقليدية لأن كل مافيها جاء يخدم الفكرة والمشاعر، وينبع من ظروف الممدوح وعلاقته به، فكأنها موجة إثر موجة حتى يكتمل البناء الفني لهذه القصيدة الغنائية التي تقوم على تداعي الأفكار وتوالي المشاعر والأحاسيس حتى تصل إلى قرارها النهائي الذي كان نهاية حتمية لما سبقه من عرض وبهذا ساعدت الجزئيات في إبراز الشعور والإحساس الذي يهدف الشاعر إلى التعبير عنه .
وإذا أضفنا إلى هذا أن قيمة النص الأدبي تكون بما يحمله من خصوصيات الشاعر، وبمقدار مافيه من صلة بين الكون والحياة ، ثم الصدق أو صحة الشعور([88]) أدركنا قيمة هذا النص التعبيرية والشعورية، ومدى أثرهما في تحقيق الوحدة العضوية.
2- دراسة قصيدة منجك :
وهي قصيدة قالها في رثاء ابنه ، وتتحقق فيها الوحدة العضوية لالأنها من المراثي ، فوحدة الموضوع ليست كافية لتحقيق الوحدة العضوية كما رأينا ، ولكن لأن الشاعر راح يعبر عن مكنونات فؤاده الكسير تعبيرا صادقا كل الصدق ، وجاءت الصور واللغة تحملان أحاسيس الشاعر وانفعاله القوي وتنميان هذه العاطفة. يقول :
أحمدُ ابني إليك طالَ اشتياقي وزفيري قد جدَّ في إحراقي
أُتْبعُ الكتْبَ بعضَها إثرَ بعضٍ فلعلي أشفي بها أحداقي
أنتَ لي نَشْأَةُ الحياة فما بعـ دَك عيشٌ يُلفَى شهيَّ المَذاق([89])
ملِئَتْ حسرةً عليك يدُ الوَجْـ ـد وفاضت مدامعُ الأشواق
أحمق ُالسعيِ كنتُ بل أحمقُ الرأ يِ إذ سرْتُ مُجِدا في إقلاق
جبتُ كلَّ البلاد أحسب أن الـ حظ شيءٌ يباع في الأسواق
غبرَتْ في وجوهِ سعيي الليالي ورمتْ بدر طالعي بالمحاق([90])
لقد اغترب الشاعر ليؤمن لقمة العيش ، وكان يظن أن السعي تجارة من قام به ربح ، فجد في المسعى وتنقل في البلدان ، وهو غافل عن نكبات الدهر،إلى أن رمي ابنه بسهم الموت، فأحس حينذاك بحرقة الفراق ، وأرسل الرسالة تلو الرسالة يذرف عليها الدموع الغزار عله يطفئ بها لوعة صدره حتى امتلأ حسرة ..
ولو نظرنا إلى هذه الصور مجتمعة حتى نصل إلى قوله :" ملئت حسرة عليك يد الوجد " لراينا إيحاء قويا يبرز في كلمة يد ، لقد كانت يده المبسوطة سبب نكبته ،وسبب بعده عن ولده وأهله ، لقد أغدق المال على الصحاب وهاهي الآن تدفع الثمن فتغدق الحسرات، وتفيض عيناه بالدموع ، ويعترف أنه كان أحمق السعي وأحمق الرأي ، وتكرار الكناية عن النسبة ، إذ نسب الحمق إلى السعي والرأي لاإليه مباشرة، يشير إلى إحساسه بالذنب الشديد حينما ترك أسرته واغترب ففقد ابنه في هذا الاغتراب ، وتصوير الشاعر هذه المفارقة في حياته بين سعيه الذي جد فيه والخسارة التي لحقته من هذا السعي هو سبب الجمال التعبيري والتصويري، لأنه حمل المشاعر الصادقة الدفاقة .
ويتابع الشاعر معبرا عن عواطفه الجياشة أصدق تعبير فيقول :
من مُقيلٌ من الزمانِ عِثاري من مُزيحٌ يديه من أطواقي
وهنا نراه يكرر لفظ اليد ثالثة ، ولكنها ليست يد الكرم ولا يد الوجد ، إنها الآن يد ضاغطة خانقة ، قد طوقت عنقه ، إنها يد الدهر ... ولهذا راح يستنجد عله يرى من ينقذه من هذا الضغط والخنق ، وفي هذا التصوير تعبير قوي عن الضيق الشديد الذي كان الشاعر يحس به في هذه الحياة المليئة بالآهات والحسرات .
ولا يجد الشاعر بعد هذه التنهدات إلا الله تعالى ... فيروح يبسط إليه أكف الضراعة ، فهو وحده الذي يستطيع أن ينقذه من مصابه ، ولهذا راح يقول :
قمْ بنا نفتحُ الأكفَّ ونرجو نعمةً من مَواهبِ الخلاق
وبهذا اللجوء إلى المولى تعالى تستريح نفس الشاعر، وتهدأ روحه ...
وتنتهي قصيدته من مطافها ، ويكل الشاعر أمره إلى الخلاق المنعم الوهاب .
إن عدم إدراك القدامى لمفهوم الوحدة العضوية لايعني عدم وجودها في أدبنا العربي ، فهناك قصائد كهذه وسابقتها أخرجتهما قوة الانفعال،فتناسقت أجزاؤهما في نسق عضوي . وتقول إليزابيث درو : " ليس الفن هو الحياة كما نعيشها ونحياها، ولكنه الحياة كما نشاهدها خلال لحظات التأمل، وقد خلقت خلقا جديدا تحت ظلال قوة ذات فعالية جديدة تتمثل في عملية التذكر والتأليف وبعث الحياة، وذلك بتنظيمها معا في نسق عضوي([91]) " . ويقول د. حسين بكار : " الوحدة العضوية هي وحدة المشاعر التي يثيرها الموضوع وما يستلزم ذلك من ترتيب الصور والأفكار،ترتيبا به تتقدم القصيدة شيئا فشيئا حتى تنتهي إلى خاتمة يستلزمها ترتيب الأفكار والصور، على أن تكون أجزاء القصيدة كالبنية الحية لكل جزء وظيفته فيها ويؤدي بعضها إلى بعض عن طريق التسلسل في التفكير والمشاعر([92]) .
وهذه القصيدة وسابقتها تألفتا من عدة وثبات لامن عدة أبيات، والشاعر فيهما يظل يندفع لإكمالهما حتى النهاية التي هي نهاية التوتر النفسي الذي أفضى به .
وهكذا نرى أنه قد وجد في شعرنا العربي في العصر العثماني قصائد ذات بنية إيقاعية ووحدة عضوية متنامية،وظفت فيها الألفاظ والصور لخدمة الفكرة وتنميتها،وهذا هو الإبداع الفني المعبر عن التجربة الشعورية .
الخاتمة
رأى بعض الدارسين المعاصرين أن القصيدة العربية القديمة مفككة الأوصال لايجمعها إلا الوزن والقافية ، وهذا الرأي نجم كما قال د. طه حسين من القصور عن تذوق الشعر العربي القديم ، وعدم التروي في دراسته ، ولهذا أحببت أن أدرس القصيدة العربية في العصر العثماني لأبين أنواع الوحدة في ذلك العصر ، وقد تبين لي أن الوحدة تعددت ألوانها ، فهناك القصيدة ذات الشكل المجرد والبيت المستقل ، ولكن هذا النموذج هو الأقل، وهو ينم عن ضعف قائله ، وهناك قصائد توافرت فيها الوحدة بشكل أو بآخر ، فإذا كانت الوحدة العضوية في القصيدة بمفهومها الحالي لم تعرف في أدبنا العربي القديم، فإن الوحدة المنطقية القائمة على التسلسل المنطقي وتلاحم أجزاء القصيدة وتماسكها حتى تغدو كالجسد الواحد هي الغالبة في أشعار العصر العثماني، لما فيها من تناسب يؤلف بين أجزائها ، وكذلك القصائد ذات الموضوع الواحد ولاسيما القصص الشعرية والملاحم، والقصائد الدينية والتي تتحدث عن الحروب والثورات ، إذ يجمعها فكرة واحدة وإحساس واحد .
على أن مفهوم الوحدة العضوية في شكله المعاصر - وإن لم يوجد في رأي نقدي صريح - إلا أن بعض الشعراء المبدعين سبقوا عصرهم بإبداعاتهم وتوافرت لدى قصائدهم هذه الوحدة العضوية ،وكانت العناصر الفنية في جل قصائدهم تتعاون وتتآزر لأداء الفكرة وتنميتها داخليا ، فكأنها دفقة إثر دفقة حتى يكتمل بناء القصيدة الفني ، وقد حملت أمثال هذه القصائد من خصوصيات أصحابها الشيء الكثير ، إذ قدمت لنا فيها تصورهم عن الكون والإنسان والحياة ، في صدق فني وعاطفي أدركنا من خلاله قيمة النص التعبيرية والشعورية، ومدى أثرهما في تحقيق الوحدة العضوية للقصيدة .
المصادر والمراجع
1- ابن الأثير ، ضياء الدين ، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ، تحقيق د. محمد أحمد الحوفي ، ود. بدوي طبانة ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ، القاهرة
2- بكار ، يوسف حسين ، بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث ، دار الأندلس ، بيروت لبنان ط2 س 1983م
3- البوصيري ، ديوان البوصيري ، تحقيق محمد سيد كيلاني / مطبعة البابي الحلبي ط 1955م
4- ابن تيمية ، أحمد ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد العاصمي النجدي ، مكتبة النهضة الحديثة ، مكة المكرمة ط 1404هـ
5- الجرجاني ، علي بن عبد العزيز ، الوساطة بين المتنبي وخصومه ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي ، منشورات المكتبة العصرية ، بيروت 1966م .
6- الجمحي ، محمد بن سلام ، طبقات الشعراء ، تحقيق د. عمر فاروق الطباع ، دار الأرقم بن أبي الأرقم ، بيروت 1418هـ 1997م
7- الحافظ ، محمد مطيع ، وأباظة ، نزار ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر للهجرة ،3 أجزاء ، دار الفكر ، دمشق ، ودار الفكر المعاصر ، بيروت ، ط2000م
8- حسين ، طه ، حديث الأربعاء ، دار المعارف بمصر ط 13 ، 1982م
9- الحصري القيرواني ، إبراهيم بن علي ، زهر الآداب وثمر الألباب ، تحقيق زكي مبارك ، 4 أجزاء في مجلدين ، دار الجيل بيروت ط4
10- الخفاجي ، أحمد بن محمد بن عمر ، ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا ، تحقيق محمد عبد الفتاح محمد الحلو / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه 1967م
11- خلوصي ، صفاء ، فن التقطيع الشعري والقافية ، منشورات مكتبة المثنى ، بغداد ، ط5 س 1977م
12- الدينوري ، ابن قتيبة ، الشعر والشعراء ، تحقيق عمر الطباع ، دار الأرقم ببيروت ، ط 1418هـ 1997م
13- الرباعي ، عبد القادر ، الصورة الفنية في شعر أبي تمام ، إربد الأردن نشر جامعة اليرموك 1400هـ 1980م
14- الصورة الفنية في النقد الشعري دراسة في النظرية والتطبيق دار العلوم للطباعة والنشر الرياض ط1984م
15- الزركلي ، خير الدين ، الأعلام قاموس لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ، دار العلم للملايين بيروت ط7 س1986م
16- السعافين ، إبراهيم ، مدرسة الإحياء والتراث دراسة في أثر الشعر العربي القديم على مدرسة الإحياء في مصر ، بيروت دار الأندلس للطباعة والنشر .
17- ضيف ، شوقي ، في النقد الأدبي ، دار المعارف بمصر ط 1962م
18- الطباخ ، محمد راغب ، إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، تحقيق محمد كمال ، منشورات دار القلم العربي حلب سوريا ط2 1988م
19- العقود الدرية في الدواوين الحلبية ، المطبعة العلمية حلب سوريا 1347هـ
20- ابن طباطبا ، محمد بن أحمد ، عيار الشعر ، تحقيق د. محمد زغلول سلام نشر منشأة المعارف بالإسكندرية ،ط3 ، 1977م
21- العرضي ، أبو الوفاء بن عمر ، معادن الذهب في الأعيان المشرفة بهم حلب ، تحقيق محمد ألتونجي ، دار الملاح للطباعة والنشر سوريا ط 1987م .
22- العمري ، عصام الدين عثمان بن علي ، الروض النضر في ترجمة أبناء العصر ـ تحقيق د. سليم النعيمي ، 3 أجزاء ن مطبعة المجمع العلمي العراقي 1974م
23- الغزي ، نجم الدين ، الكواكب السائرة في تراجم المئة العاشرة ، تحقيق جبرائيل سليمان جبور ، 3 أجزاء ، منشورات دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، لبنان ط2 س 1979م
24- غنيم ، كمال أحمد ، عناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطر ، مكتبة مدبولي القاهرة مصر ط 1998م
25- قرطاجني ، حازم ، منهاج البلغاء ، تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة دار الغرب الإسلامي ط3 1986م
26- قطب ، سيد ، النقد الأدبي أصوله ومناهجه بيروت دار الشروق ط5 1403هـ
27- قطوس ، بسام ، وحدة القصيدة في النقد العربي الحديث ، دراسة في تطور المفهوم واتجاهات النقاد المعاصرين ، إربد ، الأردن ، دار الكندي للنشر والتوزيع ط 1999م
28- القيرواني ، الحسن بن رشيق ، العمدة في محاسن الشعر ونقده تح محمد محيي الدين عبد الحميد دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة بيروت لبنان .
29- كحالة ، عمر رضا ، معجم المؤلفين ، تراجم مصنفي الكتب العربية 15 جزءا ، ومستدركه من جزأين ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ط 1985م
30- المحبي ، فضل الله بن محب الدين الحموي ، ديوان الأمير منجك باشا ، تحقيق الشيخ عبد القادر بن الشيخ عمر نبهان ، المطبعة الحنفية بدمشق ، 1301هـ .
31- المحبي ، محمد أمين بن فضل الله ، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ، 4 أجزاء ، القاهرة المطبعة الوهبية بمصر 1284هـ 1869م
32- نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ، تحقسق عبد الفتاح محمد الحلو ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، القاهرة ط 1967- 1969م
33- المراغي ، أحمد مصطفى ، علوم البلاغة ، البيان والمعاني والبديع دار الكتب العلمية بيروت لبنان ط2 1986م
34- المرادي ، محمد خليل ، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ، 4 أجزاء في مجلدين ، دار البشائر الإسلامية ودار ابن حزم ، بيروت ط3 ، 1408هـ 1988م
35- المرزوقي ، أحمد بن محمد ، شرح ديوان الحماسة ، تحقيق أحمد أمين وعبد السلام هارون ، مجلدان لأربعة أجزاء ، دار الجيل ، بيروت ، 1411هـ 1991م
36- ابن مشرف ، أحمد بن علي ، ديوان الإمام أحمد بن مشرف ، تحقيق عبد الله بن إبراهيم الأنصاري ، دار إحياء التراث الإسلامي ، قطر .
37- ابن معصوم ، أحمد نظام الدين ، سلافة العصر ، القاهرة ط 1324هـ
38- ابن منظور ، محمد بن مكرم ، لسان العرب ، دار صادر بيروت 1997م
39- موسى باشا ، عمر ، العصر العثماني ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، دار الفكر ، دمشق ط 1989م
40- نايل ، محمد ،اتجاهات وآراء في النقد الحديث ، مطبعة العاصمة بالقاهرة ، 1965م
41- النحاس ، فتح الله بن عبد الله ، ديوان فتح الله بن النحاس ، تحقيق محمد العيد الخطراوي مكتبة دار التراث ، المدينة المنورة 1991م
42- النصير ، ياسين ، الاستهلال فن البدايات في النص الأدبي ، بغداد دار الشؤون الثقافية العامة 1993م
43- هلال ، محمد غنيمي، النقد الأدبي الحديث ، دار العودة ،بيروت 1987م
([1] ) ضيف ، شوقي ، في النقد الأدبي دار المعارف بمصر ط 1962م ص 156
([2] ) هلال ، محمد غنيمي ، النقد الأدبي الحديث ، دار العودة ، بيروت ، 1987م ص 201 ، 205 ، 374 .
([3] ) السعافين ، إبراهيم ، مدرسة الإحياء والتراث دراسة في أثر الشعر العربي القديم على مدرسة الإحياء في مصر ، بيروت دار الأندلس للطباعة والنشر/ 103
([4] ) حسين ، طه ، حديث الأربعاء ، دار المعارف بمصر ، ط13 ، 1982،ج1 ص 31
([5] ) نايل ، محمد ، اتجاهات وآراء في النقد الحديث ، مطبعة العاصمة ، القاهرة ، 1965م ص 53-67
([6] ) قطوس ، بسام ، وحدة القصيدة في النقد العربي الحديث ، دراسة في تطور المفهوم واتجاهات النقاد، دار الكندي ، إربد ، الأردن ن ط1999م ص 161 ، 169
([7] ) الجمحي، ابن سلام، طبقات الشعراء، تحقيق عمر فاروق الطباع، دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت 1418هـ 1997م ص 305.
([8] ) التضمين هو ارتباط البيت بما قبله لفظا ومعنى إلا في التفريغ : بكار ، يوسف حسين ، بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث دار الأندلس ، بيروت لبنان ، ط2 س 1983م / 188 ، ويعد التضمين في النقد الحديث ظاهرة للدلالة على الإحساس بضرورة تماسك القصيدة : بناء القصيدة / 188.
([9] ) المرزوقي ، أحمد بن محمد بن الحسن،شرح ديوان الحماسة ، تحقيق أحمد أمين وعبد السلام هارون ، 4 أجزاء في مجلدين ، دار الجيل ، بيروت ، 1411هـ 1991م ، ج1/18 .
([10] )الدينوري،عبد الله بن مسلم بن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق د.عمر الطباع، دار الأرقم، بيروت،1418هـ10995م ص31-32
([11] ) القيرواني ، الحسن بن رشيق ،العمدة في محاسن الشعر ونقده ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحم يد دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة ، بيروت ، لبنان ج 2 / 117
([12] ) التأريخ الشعري هو ضبط واقعة ما بكلمة أو عبارة يكون مجموع حروفها بحساب الجُمَّـل مساويا للعام الهجري الذي جرت فيه تلك الواقعة ، على أن يقدم المؤرخ كلمة أرخ أو ما يفيد معنى التأريخ من غير فصل بينها وبين كلمات التأريخ ويكون الترقيم بهذا الحساب كالآتي : من 1-10 يبقى الترقيم كما هو ، ثم يصير بالعشرات : 20-30-40... وعند وصوله إلى المئة يصير الترقيم بالمئات : 200-300-400... 1000 ، وترتيب الحروف يكون على ترتيب عبارة أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ ، والحساب يكون على المنطوق لاالمرسوم: خلوصي ، صفاء ، فن التقطيع الشعري والقافية منشورات مكتبة المثنى ، بغداد ط5 1977م ص 373 ، وموسى باشا، عمر ، العصر العثماني ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، ودار الفكر ، دمشق ، ط1989م / 78
([13] ) ) محمد العرضي ( 1071هـ ) شاعر من حلب من أسرة علم ودين عاش زمنا في بلاد الروم ( تركيا حاليا ) : محمد راغب الطباخ ،إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، تحقيق محمد كمال ، 7 أجزاء ، دار القلم العربي ، حلب ، سوريا ، ط 1408هـ 1988م إعلام النبلاء 6 / 299
([14] ) إعلام النبلاء 6/ 304
([15] ) حسين بن الجزري ( ت 1032هـ ) شاعر من جزيرة ابن عمرو قرب الموصل ، استقر في حلب ومدح آل جانبولاذ فيها ، وأمراء طرابلس من آل سيفا وغيرهم : الخفاجي ، أحمد بن محمد بن عمر ، ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا ، تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ، جزءان ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ط 1967م ج 1/ 113 ، و الزركلي ، خير الدين ، الأعلام قاموس لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ، دار العلم للملايين ط 7 س 1986 ج1 ص 232
([16] ) محمد العلبي والي عزاز ( شمالي حلب في سوريا ) ، وكان ابن الجزري قد عين كاتبه : الطباخ ،إعلام النبلاء ج 6/ 209
([17] ) المحاق : النقصان ،ابن منظور ، محمد بن مكرم ، لسان العرب ، دار صادر بيروت 1997م ، مادة محق .
([18] ) الرشق : الرمي ، ورمينا رشقا واحدا : أي رمينا وجها واحدا ،ويقال للقوس ما أرشقها : أي ما أخفها و ما أسرع سهمها : لسان العرب مادة رشق .
([19] ) القصيدة كلها في : الطباخ ، محمد راغب ، العقود الدرية في الدواوين الحلبية ، المطبعة العلمية ، حلب ، سوريا 1347هـ / 120
([20] ) الصحيح راقيا ولكنه حذف الياء للمنقوص للضرورة الشعرية
([21] ) الاقتضاب هو انقطاع بين الموضوعين يعيبه النقاد : بناء القصيدة / 226
([22] ) النطاق : الإزار الذي يثنى ، وكل مايشد به الوسط : لسان العرب مادة نطق .
([23] ) محمد العلبي : ممدوح الشاعر ، وكان واليا من أسرة معروفة آنذاك : إعلام النبلاء 6 / 209
([24] ) التشبيه المفروق هو أن يأتي الشاعر بالمشبه والمشبه به معا ثم يتبعهما بتشبيه آخر وهكذا : المراغي ، أحمد مصطفى ، علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع ، دار الكتب العلمية بيروت ، ط2 س 1986م ص 219
([25] ) الأعوجيات : الضامرات من الإبل: لسان العرب مادة عوج ز
([26] ) بمدائح : صرفت للضرورة الشعرية
([27] ) محمد أمين بن فضل الله المحبي ( ت 1111هـ ) شاعر من دمشق له مؤلفات منها خلاصة الأثر ونفحة الريحانة : المرادي ، محمد خليل ، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ، 4 أجزاء في مجلدين ،دار البشائر الإسلامية ، ودار ابن حزم ، بيروت ط3 1408هـ 1988م ج 4 / 86
([28] ) القصيدة في سلك الدرر 3/ 71-72
([29] ) الدينوري ، الشعر والشعراء ص 31 ، والعمدة 2/117 ، و القرطاجني ،حازم ، منهاج البلغاء تح محمد الحبيب بن الخوجة ، دار الغرب الإسلامي ، ط3 1986م/ 249
([30] ) الحصري القيرواني ، إبراهيم بن علي ، زهر الآداب وثمر الألباب ، تحقيق زكي مبارك ، دار الجيل ، بيروت ط 4 ج 3/651 و الجرجاني ، علي بن عبد العزيز ، الوساطة بين المتنبي وخصومه ، تحقيق محمد أبو الفضل إ[راهيم وعلي البجاوي ، منشورات المكتبة العصرية ، بيروت 1966م / 33 والعمدة 2 / 124
([31] ) وحدة القصيدة / 161
([32] ) بناء القصيدة في النقد / 280
([33] ) حسين بن جاندار البقاعي ( ت 1076هـ ) شاعر من البقاع في لبنان هاجر إلى حلب واستوطنها مدة : العرضي ، أبو الوفاء ، معادن الذهب في الأعيان المشرفة بهم حلب ، تحقيق محمد ألتونجي، دار الملاح للطباعة والنشر 1987م ص/ 344 والطباخ ، إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 2/ 235
([34] ) سليمان بن نور الله الحموي المعروف بالسواري ( ت 1117هـ ) كاتب وشاعر من دمشق ، له مؤلفات كثيرة : ، محمد مطيع ، وأباظة ، نزار ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري ، دمشق ، دار الفكر ، وبيروت ، دار الفكر المعاصر ، ط 2000م ج 1/ 145
([35] ) أبو الوفاء العرضي ( ت 1071هـ ) عالم وشاعر من حلب : الغزي ، نجم الدين ، الكواكب السائرة في تراجم المئة العاشرة ، تحقيق جبرائيل سليمان جبور ، منشورات دار الآفاق الجديدة ، بيروت ط2 س 1979م / 176 ، و كحالة ، عمر رضا ، معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط 1957م ج 3 / 165
([36] ) القصيدة في معادن الذهب / 335
([37]) طحا به همه : ذهب به في مذهب بعيد : لسان العرب مادة طحا
([38] ) خليط القوم : مخالطهم كالنديم المنادم ، والقوم الذين أمرهم واحد : لسان العرب مادة خلط .
([39] ) حثحثه : حضه وولى سريعا، والحثحثة : الاضطراب ، وحثحاث : سريع لافتور فيه ، والحثحثة : الحركة المتَدارَكة : لسان العرب مادة حث . الشهب : غلبة البياض على السواد ، أو بياض يصدعه سواد في خلاله : لسان العرب ، مادة شهب .
([40] ) القصيدة كلها في علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري 1 / 150-152
([41] ) ساكاه : إذا ضيق عليه في المطالبة ، وسكا : صغر حجمه : لسان العرب مادة سكا
([42] ) الجوسق : الحصن ، وقيل هو شبيه بالحصن ( معرب )، وأصله كوشك بالفارسية . والجوسق : القصر أيضا : مادة جسق .
([43] ) ابن طباطبا ، محمد بن احمد ، عيار الشعر ، تحقيق محمد زغلول سلام ن نشر منشأة المعارف بالإسكندرية ط3 1977م ص 167 ، ووحدة القصيدة / 56
([44] ) الرباعي ، عبد القادر ، الصورة الفنية في شعر أبي تمام ، إربد ، الأردن ، نشر جامعة اليرموك 1400هـ 1980م/ 209
([45] ) لن اذكر قصيدة لكل نوع لضيق مجال البحث ولكني أحيل إلى المصادر الآتية: للقصص الشعرية : ابن مشرف، أحمد بن علي، ديوان الإمام أحمد بن علي بن مشرف، تحقيق عبد الله بن إبراهيم الأنصاري ، دار إحياء التراث الإسلامي ، قطر / 238 و241 و247 . وللملاحم الشعرية : ملحمة فتح الله المتولي التي تحدث فيها عن هجوم الأعاجم على بغداد في : العمري ، عصام الدين عثمان بن علي ، الروض النضر في ترجمة أبناء العصر ، تحقيق سليم النعيمي ، 3 أجزاء ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، 1974 ج 1/ 511 ، وللرثاء في سلك الدرر 1م 145 ، و2 / 3
([46] ) محمد بن سعيد البوصيري ( 608-697هـ ) شاعر من عصر الدول المتتابعة ( العصر المملوكي منه ) له مدائح نبوية قلدها الشعراء كالميمية والهمزية :البوصيري ، ديوان البوصيري تحقيق محمد سيد كيلاني ، مطبعة البابي الحلبي ط 1955م ص 5
([47] ) ابن الأثير ، ضياء الدين ، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ، تح محمد أحمد الحوفي ، و د بدوي طبانة ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ، القاهرة ج 2/236
([48] ) محمد بن إبراهيم العمادي ( 1075-1135هـ) شاعر ومفتي دمشق له ديوان شعر : ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري ج1 ص 464
([49] ) ) عبد الرحمن بن عيسى المرشدي ( 975-1037هـ ) شاعر من الحجاز كان مفتيا للحرم المكي : المحبي ، محمد أمين بن فضل الله ، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ، القاهرة ، المطبعة الوهبية ،ط 1284هـ 1869م ج 2 / 369 .
([50] ) طيبة ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث صرف للضرورة الشعرية . وأوبق العبد : هرب ، وتأبق : استتر واحتبس ، وتأبق : توارى : لسان العرب ، مادة أبق . ووبق الرجل : هلك ، وأوبقه : أهلكه ، وحبسه : لسان العرب مادة وبق .
[51]) ) القصيدة كلها في : علماء دمشق وعلماؤها في القرن الثاني عشر الهجري ج 1/464-466
([52] ) كرر الشاعر التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه لايجوز سؤال الميت شيئا ولو كان نبيا ، وقد عد ابن تيمية ذلك من الشرك : ينظر ابن تيمية أحمد، مجموع فتاوى ابن تيمية ، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد العاصمي النجدي ، مكتبة النهضة الحديثة في مكة المكرمة ط 1404هـ ج 1 / 350-355
([53] ) مفاخر ممنوعة من الصرف لأنها على صيغ منتهى الجموع ، وصرفت للضرورة الشعرية
([54] ) الخِلاق : ضرب من الطيب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ، وتغلب عليه الحمرة والصفرة : لسان العرب مادة خلق .
([55] ) العمدة 2/ 117
([56] ) التراب والعجاج الساطع يعني الغبار ، لسان العرب : مادة عثر
([57] ) جؤذُر بالضم والفتح : ولد البقرة الوحشية ، لسان العرب مادة جذر، في إشارة إلى المرأة التي تشبه بها
([58] ) قسطل : غبار ساطع : لسان العرب مادة قسط
([59] ) قباء نوع من الثياب ، اللسان مادة قبا ، وعبقري بساط فيه أصباغ ونقوش ، اللسان مادة عبقر
([60] ) مطهم : الحسن التام والبارع الجمال اللسان مادة طهم
([61] ) مقنع : المِقْـنع : ماتغطي به المرأة رأسها ، اللسان مادة قنع . ومخمر مغطى ، وتخمرت المرأة بالخمار : غطت رأسها : اللسان مادة خمر ، والقصيدة كلها في خلاصة الأثر 2/ 369 - 374
([62] ) النصير ، ياسين ، الاستهلال فن البدايات في النص الأدبي ، بغداد ، دار الشؤون الثقافية العامة 1993م ص 126
([63] ) النجيع : الدم ن وقيل هو دم الجوف خاصة ، وقيل هو الطري منه المصبوب : لسان العرب مادة نجع .
([64] ) اصيد : الذي يرفع راسه كبرا : لسان العرب ، مادة صيد . واصعر من الصعر وهو التكبر والميل في الخد خاصة ، وصعر خده : أماله من الكبر : لسان العرب مادة صعر .
([65] ) الجدا والجدى : المطر العام ، أو الذي لايعرف أقصاه : اللسان مادة جدا . والمثعنجر : السائل من الماء والدمع : اللسان مادة ثعجر
([66] ) الجراف : الذاهب بكل شيء : لسان العرب . والجـِوَّر : غزير كثير المطر وشديد صوت الرعد .
([67] ) جنادل : المكان الغليظ فيه حجارة : اللسان مادة جندل
([68] ) سبسب : مفازة : لسان العرب مادة سب
([69] ) الوشيج : شجر الرماح : اللسان مادة وشج ، و السمهري : الرمح الصلب المنسوب إلى سمهر وهو زوج ردينة وكانا مثقفين للرماح : اللسان مادة سمهر.
([70] ) ) غيل : الماء الجاري على وجه الأرض ، وكل واد فيه عيون والأجمة ، وبالكسر فحسب : الشجر الكثير الملتف اللسان مادة غيل ، وعملس : ذئب خبيث : اللسان مادة عملس ، و قسور : اسم للأسد ، اللسان مادة قسر
([71] ) السري : المختار من سروات القوم أي أشرافهم . لسان العرب
([72] ) مزند : دعي ، ولئيم سريع الغضب اللسان مادة زند خرور : مسترخ جبان : لسان العرب مادة خور
([73] ) ملأ : جماعة ، والأشراف والعلية والقوم ذوو الشارة : اللسان مادة ملأ . و الرداح :العجزاء ثقيلة الأوراك تامة الخلق : اللسان مادة ردح . والمعصر : المرأة بلغت شبابها وأدركت والكريمة :اللسان مادة عصر
([74] ) الأوابد ج آبد : الوحش : اللسان مادة أبد . والوجيب : صوت الشيء ، ووجيب القلب خفقانه واضطرابه اللسان : وجب
([75] ) المشيح : الجاد في الأمور ، الحذر : اللسان مادة شيح ، مزأر : اسم مكان من زأر وهو عرين الأسد : اللسان مادة زأر . والعوالي : من عول عليه : اتكل ، وعيال الرجل : من يتكفل بهم : لسان العرب مادة عيل
([76] ) سَنور : لبوس الحرب وجملة السلاح : اللسان مادة سنر
([77] ) المغفر : مايلبسه الدارع على رأسه من الزرد ونحوه : لسان العرب مادة غفر .
([78] ) مجدل من الجدل وهو شدة الفتل ، والصرع ، والمجدل : الملقى على الجدالة وهي الأرض لشدتها ، وقيل للصريع مجدل أي القتيل : لسان العرب مادة جدل . وعفره في التراب : مرغه فيه أو دسه .
([79] ) وحدة القصيدة / 205
([80] ) حديث الأربعاء 1 / 31
([81] ) فتح الله بن عبد الله النحاس ( ت 1052هـ) شاعر مطبوع من حلب ، ينظر له في : ابن معصوم أحمد نظام الدين الحسيني ، سلافة العصر القاهرة ط 1324هـ ج 2/ 284 و المحبي ، محمد أمين بن فضل الله ، نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ، تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة ط 1967-1969م ، ج 2 / 512
([82] ) محمد بن منجك ( 1007-1080هـ ) شاعر من دمشق كانت تربطه بابن النحاس رابطة صداقة قوية ، كان أميرا جوادا فقل ماله وعانى كثيرا فسافر إلى تركيا عله يرى هناك معينا ولكن دون جدوى ، فنظم قصائد سماها الروميات معارضا بها روميات أبي فراس الحمداني : خلاصة الأثر 4 / 409 ، وسلافة العصر / 284
([83] ) النوَّار : جمع مفرده النَّوْر والنورة : الزهر وقيل النورهو الأبيض ، والزهر : الأصفر : لسان العرب مادة نور
([84] ) الوهاد : المنخفضات والوهدة الهوة تكون في الأرض : لسان العرب مادة وهد
([85] ) الزيزفون : نبات في بلاد الشام ذو رائحة عطرة . الجادي : الزعفران لسان العرب
([86] ) القصيدة كلها في ديوان فتح الله بن النحاس / 109 و نفحة الريحانة 2/ 512
([87] ) غنيم ، كمال أحمد ،عناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطر ، مكتبة مدبولي القاهرة ، مصر ط 1998م/ 24
([88] ) قطب ، سيد ، النقد الأدبي أصوله ومناهجه ، بيروت ، دار الشروق ط 5 س 1403هـ / 34
([89] ) نشأة : حياة ، أنشأ : بدأ ، ونشأ الليل : ارتفع ، اللسان مادة نشأ
([90] ) المحبي،فضل الله بن محب الدين، ديوان الأمير منجك باشا، تحقيق الشيخ عمر نبهان ، المطبعة الحنفية بدمشق ، ط 1301 / 37
([91] ) الصورة الفنية في شعر أبي تمام / 190
([92] ) بناء القصيدة في النقد العربي / 282
وسوم: العدد 658