مقر المندوب السامي الروسي، "حميميم" يصادر دور القصر الجمهوري
من الجو إلى الأرض يطور المحتل الروسي لسورية دوره . وفي حين يرصد المتابعون المزيد من التناقضات أو التباينات الثنائية بين الأسدي والإيراني ، والأسدي والروسي ، والروسي والإيراني ؛ فإن المحتل الروسي يطور دوره ومهمته على الأرض السورية ، من إعلان سابق ينحصر في المشاركة العملية في حرب الإرهاب إلى مشروع الهيمنة المطلقة على الحياة العامة السورية في كل ميادينها العسكرية والسياسية والاجتماعية .
ليست الشكوى هذه المرة من (حرب شاملة ) يقودها المحتل الروسي ضد الهوية السائدة في سورية ، فتشارك طائراته في قصف كل القوى الثورية ، والتجمعات المدنية بما فيها المدارس والمساجد والمستشفيات والأسواق الشعبية والأحياء السكنية والتجمعات البشرية للاجئين والمشردين ؛ وإنما الحديث عن دور سياسي بات يلعبه مقر حميم الروسي على الأرض السورية ، يحار المرء في فهم كنه الموقف الأسدي منه ، وهو يحاول أن يتجاوز على مابقي لبشار الأسد وزمرته من دور ؛ ليتساءل المحلل الموضوعي : هل يقوم الروسي بهذا الدور المريب بالإرادة الأسدية الوالغة في الشر أو لعله يتم بعيدا عنها ، ورغم إرادتها ؟!
فبعد أن استقبل مركز حميميم ( مقر المندوب السامي الروسي ) الجديد في سورية منذ أيام ما يسمى ( وفد المصالحات الوطنية ) والذي يحاول الروس والأسديون من خلاله إحداث اختراق في المناطق المحررة والمحاصرة ، مستغلين الحالة الإنسانية للمواطنين المجوعين والمنهكين تحت تأثير الحصار هناك ؛ استقبل مركز المندوب السامي منذ يومين وفدا من مجموعة مكونة من أربعة وثلاثين شخصا يدعي كل منهم أنه (معارضة ووطنية ) ويريدون جميعا أن يشاركوا في حوار ( سوري – سوري ) لرسم مستقبل سورية .
الشخصيات ( الوطنية ) التي تزعم أنها ( معارضة ) تنسى أو تتناسى أن بشار الأسد وزمرته لم يكونوا يعترفون من قبل بأي شكل من أشكال المعارضة السياسية أو المجتمعية . وأن بشار الأسد نفسه قد سبق له أن أنكر وجود ( المجتمع المدني ) مصطلحا وواقعا ، واتهم العاملين في ميدان حقوق الإنسان بالعمالة وسجنهم وعذبهم ، فكيف يمكن أن تكون (معارضة وطنية ) في ظل حاكم يدعي أنه في الوطن الأول والآخر وما زال ...؟!
الشخصيات الوطنية السورية الأربعة والثلاثين تشكلت من حاملي سلاح يقاتلون تشبيحا عن بشار الأسد ومنتمين إلى عرقيات ومذاهب وطوائف يذكرنا بيانهم الذي تقدموا به إلى ( المندوب السامي الروسي ) في قاعدة حميميم ، بالمذكرة التاريخية التي سبق لأصحابها أن طالبوا المستعمر الفرنسي بالبقاء في سورية ليؤمن لهم الحماية فتكفل لهم حقا بالحماية التاريخية على النحو الذي رأينا وما زلنا نرى ...
كتبت ( الشخصيات الوطنية المعارضة ) في بيانها للمندوب السامي الروسي اليوم : ( إن الإرهابيين والمرتزقة الأجانب نكلوا كثيرا بالشعب السوري . واستشهد مئات الألوف من النساء والأطفال والشيوخ والشباب . وإن الاقتصاد السوري الذي بدأ بالازدهار أصبح في الحضيض . وإن الشعب تعب من الحرب . وإن الدولة أصبحت على حافة الانهيار .)
والمرجع في كل ذلك كما يرى هؤلاء اليوم حوار ( سوري – سوري ) يكونون طرفه الحقيقي . ودستور سوري جديد يكتبونه بالحبر الروسي . المطلوب من الروسي اليوم استكمال جميله عند هؤلاء بعد مشروع القتل والتدمير من الجو ، العودة إلى استئناف مهمة التدمير على الأرض ..
وسوم: العدد 659