قيمتك بمقياس ريجيني؟
تصور 321 عضوا مجلس شيوخ يجتمعوا من أجل شخص. والصحف تكتب والوزراء يطلقون التصريحات والغضب يملأ النفوس واللافتات تملأ الشوارع.
تصور أن هناك بلدا ما، لا تزدحم فيه برامج التوك شو بفقرات تأليه عسكري ما.
نعم هناك بلاد تفرد فيها برامج التوك شو مساحتها للحديث عن شاب قُتل في بلد آخر وتجعل منه قضية. العالم مازال يحوي الكثير مما لم تكتشفه شعوب الفجوة الزمنية الشرق الأوسطية.
نعم هناك خلف البحر الكبير تقطن شعوب تختار حكامها. وهناك حكام يقفون أمام الشعوب ليعطوا كشف حساب بما قدموا، هناك شعوب لا تغني تسلم الأيادي ولا تصحو من نومها لتنتظر هطول النعم من لدن الحاكم الجنرال. نعم هذا حقيقي وإن أدهشك.
صدّق أو لا تصدّق، هناك دول بها أحزاب لا يرتدي رؤساؤها تنورات من الريش حول وسطهم، ولا يطالبون رئيس الجمهورية المنتخب بإجراء انتخابات مبكرة.
نعم هناك دول تجتمع برلمانتها من أجل فرد، لا من أجل تعديل مواد دستورية تكفل بقاء الزعيم الجنرال في الحكم مدى الحياة. ربما لا تصدق هذا ولكن العالم مليء بالمفاجآت.
هناك بلاد في هذا العالم لا تحكمها طبقات الطفيليات العسكرية، هناك بلاد لم تتدخل المخابرات الأمريكية ولا البريطانية في اختيار حكامها. بلاد لم تقع بها انقلابات ولم تنشأ بها قطعان من مثقفي (ورق الجرايد) يسمون تلك الانقلابات ثورات.
فقط المخابرات الأمريكية تحترم شعوب هذه البلاد أكثر مما تحترمنا، لم تشأ أن تنتقم منها بهذه الطريقة، حتى ألمانيا واليابان، انتهت الحرب فانتهى كل شيء.
الحكومة الأمريكية انتقمت من اليابانيين وأسقطت قنبلتين نوويتين ومحت مئات الآلاف في لحظات.
وبرغم هذه البربرية يمكنهم دائما الادعاء بأنها كانت حربا، مهما كانت قذارة ووحشية جرائمهم. ولكن الحكومة الأمريكية ادخرت للمسلمين في العالم العربي مصيرا أكثر بشاعة.
قنبلة فضلات عسكرية ألقوها على دولنا، حتى صار الإنسان في بلادنا بربع جنيه !
اختاروا أخوَن البشر وأكثرهم شبقا للمال وأشدهم دونية وانسحاقا، حتى يتفانوا في خدمتهم، حتى وصلنا إلى مرحلة إزهاق آلاف الأرواح في يوم واحد، وحتى وصلنا إلى مرحلة اصطياد البشر بقنابل الطائرات وقذائف المدافع ورصاص البنادق في سيناء.
نعم يا من تُدمن التهليل والتطبيل للعسكر وتدعي أنهم يحمونك وأنك لولاهم لم تكن. أنت تعيش في خرابة صُنعت بمقاييس الحيوانات، لا قيمة لحياتك ولا لعرضك ولا لحريتك ولا لكرامتك، تأكل فضلات مغموسة في دمك وبقايا كرامتك.
لو كانت الصومال أقوى مما هي عليه الآن، لكان سادتُك الآن يرتعدون ويزحفون إلى مقديشو يقدمون أكفانهم لحكومة الصومال؛ اعتذارا عن قتل أسرة صومالية وسرقة أعضائها.
الصومال مثلنا، ليست دولة من الدول الواقعة خلف البحر الكبير ولا تنتخب حكامها، دولة صمموها لتكون مثل مصر وسوريا واليمن والعراق وكل دول المسلمين.
أتدري لماذا تستطيع إيطاليا إذلال عصاباتك العسكرية وجر جنرالاتك على أنوفهم من القاهرة إلى روما، واستعراضهم عرايا في الشوارع ولا تستطيع هذا دولة كالصومال؟
الإجابة هي: الإسلام
الصومال دولة مسلمة، فعينوا لها منذ البداية حكاما يرتدون أطنانا من الرتب النحاسية فوق أكتافهم، من نفس عينة عبد الناصر والسادات والمخلوع وحافظ الأسد وبشار وعبد الله صالح والقذافي.
ولم تذهب بعيدا؟
أثيوبيا دولة إفريقية ملاصقة للصومال. هل يستطيع جنرالاتك أن يوقفوا بناء السد الأثيوبي الذي يهدد حياة 90 مليون مصري؟
هل قرأت تصريحات المسؤولين الأثيوبيين التي قالوا فيها إن مصر أضعف من أن تواجههم عكسريا؟
ضابط الشرطة وطيار الإف 16 الذي يتعامل معك كنصف إله، لا يجرؤ على وضع حذائه على رأس مواطن أثيوبي كما يفعل في مصر.
تشعر بالحسرة من موقف إيطاليا وتتمنى لو كنا كذلك ؟
كنا بالفعل كذلك وأقوى، كتب التاريخ تحدثك عن امرأة استغاثت بالخليفة فحرك من أجلها جيشا استعادها وحررها.
بل كنا أقوى قبل أن يمتطي العكسر ظهور المشاركين في 30 جونيا، لينقلبوا على الرئيس المنتخب.
أتذكر صحفية أصر الرئيس مرسي على اصطحابها معه في طائرة الرئاسة حين اعتقلت في السودان؟
هل أدركت الآن لماذا تنتفض إيطاليا من أجل شاب، ولماذا تعيث عصابات الجيش المصرائيلي وميليشيات الداخلية في الأرض فسادا في مصر دون رادع؟
هل أدركت الآن قيمتك بمقياس ريجيني؟
وسوم: العدد 663