بيان الدكتور عبد الله سلقيني لملتقى البيت الحلبي

د. عبد الله محمد سلقيني

بيان الدكتور عبد الله سلقيني

لملتقى البيت الحلبي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

فقد أصاب سورية - من بلاد الشام - مثل الذي أصاب فلسطين من اليهود، فهُجِّرَ أهلُها من ديارهم في الداخل والخارج، كما هُجّر الفلسطينيون داخل فلسطين وخارجها؛ لكن الذي أخرج الفلسطينيين من ديارهم هم اليهود، والذي أخرجنا من ديارنا وأموالنا هم أذناب اليهود، وهم أخبث من اليهود وأشدّ فتكاً وتدميراً منهم؛ لأنّ الذنب أكثر نجاسة من الرأس.

وقد تغاضتْ دول العالم عن جرائم قتل الرجال والنساء والأطفال، فتمادى الظالم في طغيانه، ومُنِعَ عنا السلاح الذي ندافع به عن أنفسنا وأطفالنا وأعراضنا، بحجّة منع وقوع حرب أهلية، علماً بأن أحدث أنواع الأسلحة من الصواريخ والبراميل المتفجرة التي تخرب بيوتنا فوق رؤوس نسائنا وأطفالنا تصل إلى الطاغية الذي يقتلنا من روسيا وإيران والعراق وحزب الشيطان الذي تدخّل في شؤوننا واستباح دماءنا وأعراضنا.

وأصبح حالنا في بلاد الشام - قلب الشرق الأوسط - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”يوشك أن تداعَى عليكم الأمم كما تداعَى الأكلة إلى قصعتها“، قالوا: أمن قِلّة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: ”بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل... الحديث“. وفي الحرب يقل الغذاء وينقطع الدواء والكساء، فما بالك بالقتل المركّز من قِبَل الطاغوت الذي تمدُّه دول العالم سرّاً وجهراً، فيستمرّ في قتل شعب جائع شبه عاري؛ مات منه كثير من البرد والجوع، أو نقص الدواء، حتى أكل بعض الناس لحم القطط من الجوع نتيجة الحصار اللا إنسانيّ؛ ومن هنا تأسست المؤسسات الإغاثية لمساعدة المتضررين في حلب وحمص وحماة وغيرها من المدن والأرياف وغيرها إنقاذاً لأرواح المسلمين والمسلمات، وتقديم العون لهم ما أمكن، امتثالاً لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

ومن هؤلاء القائمين على الخير والساعين في إيصاله من المحسنين إلى المحتاجين هبت شباب وكهول فأسسوا البيت الحلبي“ ليكون عملاً منضبطاً منظماً، يوصل الغذاء والكساء والدواء من المحسنين المؤمنين إلى المحتاجين إليه حاجةً ماسة في درعا ودمشق وحمص وحلب وغيرها من الأرياف ما أمكن. وأطلقوا عليه اسم البيت الحلبي لأن حلب مدينة مهمة وكبيرة، وهي العاصمة التجاري في سوريا، وعدد سكانها أكثر من عدد سكان الأردن كلها.

وإغاثة المنكوبين واجب شرعي يقوم به المسلمون طلبَ مرضاة الله، قال صلى الله عليه وسلم: ”مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم“، وقال: ”مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعَى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى“، وقال: ”والله ما آمن والله ما آمن والله ما آمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم به“.

وقد ذكرت في أحاديثي - تفسير آيات من القرآن - المتلفزة أن زكاة المال إذا وضعت في هذا الجانب فأجرها أكبر، كما أن الصدقات العامة إذا كانت في إغاثة المصابين من المؤمنين والثكالى والأيتام فهي في سبيل الله، وأجرها مضاعف إلى سبعمائة ضعف أو أكثر كما دلّ القرآن على ذلك في قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

والحمد لله رب العالمين.

د. عبد الله محمد سلقيني