يا مستبدي العالم افرنقعوا

محمد فريد الرياحي

[email protected]

ما لكم إذا دعيتم إلى ترك ما أنتم له عاكفون من الإثم والعدوان، اثاقلتم إلى الأرض، وأصررتم على ما أنتم فيه من السلطان في المدائن، وعضضتم بالنواجذ على ما عندكم من الخزائن، وأعلنتم بلهجة من لا يريد خلاصا من قيادته، ولا يود فكاكا عن سيادته، أنكم هنا ماكثون قاعدون، لا تنوون هجران الذي أنتم فيه من الظلم لمن خالف عنكم، وعليه من القهر لمن شهر صوته عليكم. فلا حرية حيث يجب أن تكون الحرية، ولا أمن حيث يجب أن يكون الأمن، ولا قدرة على سياسة البلاد والعباد بالعدل، ولكن تطاول واستطالة، وطغيان وعصيان، واستبداد بالناس، واستبلاد لهم بالوعود، وإقامة على استعبادهم، واستبعادهم من مراكز القرار والتوجيه في  عنجهية لا مثيل لها ،واستكبار لا نظير له. فأين ما وعدتم به عباد الله من العيش الكريم؟ وأين ما جهرت به أبواقكم، من أنكم أنتم من ينقذ الناس كل الناس، مما هم فيه من الفقر والحاجة والبؤس واليأس.؟ أين ما جئتم به من الوعود، وعقدتموه من العهود، وقطعتموه على أنفسكم من كسر القيود؟ أين ما أعلنتموه من الخطب وأظهرتموه من العجب؟ لا شيء من هذا وذاك فيما أنتم فيه من الغلظة والشدة،وما أنتم عليه من الفظاظة والردة، وقد جندتم الأتباع في الأصقاع، والأنصار في الأمصار، وها أنتم تعدون العدة لضرب من لا يخافكم، وسحق من يكفركم، وهل يعبد الأحرار من كفر وفجر وارتد وأدبر؟ وهل يترك الأحرار ما استقر عليه إيمانهم ووقر في وجدانهم من العبودية لله؟  إن هؤلاء الأحرار، وتعرفونهم بصدقهم، لا يرتدون عن مواقفهم، ولا يتخلون عن مواعدهم، ولا يذرون ما هم عليه من الرسوخ في العلم والإيمان. فكيف تريدون منهم أن يتبعوكم، وقد كفروا بكم وبما تدعون إليه من الفساد  وسوء المعاد؟  وكيف تريدون منهم أن يستمعوا لكم، ويؤمنوا بكم وأنتم ضالون مضلون، كاذبون مكذبون، آثمون ظالمون، لا تدركون أنكم مهزومون مهزوزون، موتورون مجرورون مهوسون، مدنسون، ولا تدرون أنكم ضعاف لا تملكون من أنفسكم، ما به تردون عنها ما يسوؤها وينوؤها.؟ كيف تصنعون بالناس ما صنعتموه من القتل، وما أنتم صانعوه من الترهيب والتعذيب، وتنسون أنكم لستم بمبعد عن العذاب، وأن الله يمهل ولا يهمل،  وأنكم لولا شرار الخلق من شياطين الإنس وقد أيدوكم بما تهوى أنفسكم، من فعل الجريمة، وارتكاب الخطيئة، لولا شرار الخلق لم تتمكنوا من تملك ما أنتم فيه من السلطان، وما أنتم عليه من العدوان. وهيهات هيهات دوام الحال. أليس دوام الحال من المحال؟ فانظروا إذن كيف كان مصير من سبقكم إلى الكفر، فأفسد في الأرض، وسفك الدماء وقال أنا ربكم الأعلى، فانظروا كيف نزل به العذاب، وحق عليه العقاب، وكان عاقبة أمره خسرا.