مهمة مقدسة : إسقاط اسم الله !
عندما نقرر أن الثورة الدموية المضادة للربيع العربي تسعى إلى استئصال الإسلام وحظره في بلاد المسلمين فإننا لا نبالغ أو نبتعد عن الواقع ، فالأحداث المتتابعة أثبتت صحة ما ذهبنا إليه وصدقته الوقائع!
الانقلاب العسكري الدموي الفاشي في مصر كانت غايته الأولى إلغاء الإسلام من الواقع الاجتماعي ، عبّر عن ذلك دستور زليخة الذي شارك في صنعه العوالم والغوازي والمشخصاتية ، وتصريحات الجنرال الذي زعم أن المسلمين يتحرشون بالعالم وطالب بما سماه تجديد الخطاب الديني أي تغيير الإسلام ، ثم جاء العنف الدموي غير المسبوق الذي يمارسه بشار الأسد وطائفته النصيرية في سورية لتحريم الإسلام على أهلها ، وانقلاب الحوثيين في صنعاء لتحويل السنة إلى مفاهيم التفكير الباطني المجوسي ، وما حدث ويحدث في العراق وليبيا وتونس معروف!
لم تكن الدول الصليبية أو دول الروم بعيدة عن الأمر ، بل كانت في الحقيقة موجهة ومشاركة ، وحاضرة أحيانا بطائراتها وصواريخها كما نرى في سورية والعراق وليبيا لتفريغ المناطق السنية من أهلها وتهجيرهم إلى المنافي والغربة والمجهول .. زد على ذلك ما أعلن مؤخرا ( الأخبار اللبنانية٢٤ أيار- مايو ٢٠١٦) عن وضع روسيا بالاتفاق مع الأميركان دستورا لما بعد الانتهاء من تدمير سورية تلغي فيه اسم الله والإسلام والعروبة ، وتبعث الطوائف والعرقيات وتقسم الدولة إلى كانتونات لا يربطها إلا رباطٌ واهٍ تفصمه أقل عصفة رياح !
لقد وُضع جدول زمنيّ، باتفاق في مجلس الأمن، لإصدار مسودة الدستور بحلول شهر أغسطس - آب 2016. و« يميّز » المشروع الروسي، التعديلات الجوهرية على الدستور السوري الحالي، بدءاً من التسمية (الجمهورية السورية بدل «العربية السورية») إلى إلغاء مادة ديانة الرئيس، وهي «دين رئيس الجمهورية الإسلام»، وحذف مصدر التشريع الإسلامي «الفقه الاسلامي مصدر رئيسي للتشريع». واستخدام اللغة الكردية بشكلٍ مساوٍ للعربية ، وصولاً إلى تعديل صلاحيات الرئيس واسقاط أي سلطات تشريعية له، وإعطائه صفة «الوسيط» في بعض المجالات. وأعطت المسودة الروسية صلاحيات واسعة لـما تسميه «جمعية المناطق» (الإدارات المحلية)، ولمجلس الوزراء. كما نزعت أي إشارات قومية واشتراكية، ليسقط مثلاً من القسم الدستوري «العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية»، ليستبدلها بنزوع أوضح نحو الاقتصاد الحر و«الوطنية» مكان القومية. وتشير مواد عديدة إلى تمثيل الأطياف الطائفية والقومية و«حجز مناصب» للأقليات ! بالإضافة إلى إسقاط لفظ الجلالة من القسم ليكون : «أقسم أن ألتزم بدستور البلاد وقوانينها، وأن أحترم ...." . أما القسم الحالي، فهو: «أقسم بالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها ...».
وإذا ربطنا ما يجري الآن في الساحة الثقافية والفكرية بالإلحاح على تبني ما يسمى بالعلمانية ؛ نجد أن الحملة الصليبية العاتية التي رعت الانقلابات العسكرية الدموية الفاشية مع الأعراب الأشد كفرا ونفاقا ، لا تستهدف تنظيما معينا أو جماعة معينة بقدر ما تستهدف الإسلام نفسه ، والمسلمين أنفسهم .
لقد وصف رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية المهمة الدموية الشريرة للجيش الروسي في سورية بأنها مهمة مقدسة ! والتقي لأول مرة برئيس الفاتيكان في الكاريبي ليباركا هذه المهمة !
ومن المفارقات أن الطيران الحربي الروسي قام حتى نهاية أبريل 2016 بثلاثين ألف غارة للقضاء على ما يسمى تنظيم داعش ، ولو أنها كانت تقتل فردا داعشيا واحدا في كل غارة ، لأنهت وجوده ، ولكن بقي التنظيم كما هو لم يتأثر! إذا من الذين ماتوا ؟ وما مهمة الروس المقدسة ؟ إنها القضاء على الإسلام والمسلمين !
تأمل مثلا تلك الدعوى الشريرة التي يطلقها وكلاء الروم أو الصليبيين في بلاد المسلمين ، وهي عدم السماح بتكوين الأحزاب الدينية أو على أساس ديني ، وهم يقصدون الأحزاب الإسلامية ، لأن الأحزاب الدينية غير الإسلامية قائمة ، ولا يستطيع وكلاء الروم الاقتراب منها أو المس بها من قريب أو بعيد .
من أطرف الأخبار التي سمعناها في الأسابيع الماضية أن استفتاء جرى في دولة طاجيكستان لحظر شامل للأحزاب الدينية بهدف تعزيز سلطة الرئيس الطاجيكى " إمام على رحمانوف " ، وكانت إحدى المحاكم الطاجيكية قد حظرت «حزب النهضة» الإسلامي المعارض العام الماضي، بينما يواجه بعض زعماء الحزب السجن مدى الحياة بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم! في الوقت ذاته أبقى الرئيس رحمانوف على تحالفه مع الشيوعيين وحزبهم الشيوعي !
في مصر أحزاب للشيوعيين والأناركيين والعلمانيين والليبراليين والأطفال المعجزة والمستشار المزعوم أو المواطن الشريف وأحزاب الكنيسة التي من أبرزها حزب ساويرس .. ولكن الإسلام محظور عليه أن يكون له حزب فاعل ومشارك . إياك أن تقول إن هناك أحزابا لأصحاب اللحى التايواني ترضى عنها السلطة ، فأنت تعلم أنها أحزاب صنيعة أمن الدولة والمخابرات ، ويباركها الروم أو الصليبيون !
لم يكن ترامب المرشح الجمهوري الأميركي يعبر عن ذاته حين أعلن عن منع المسلمين من دخول أميركا في حال نجاحه رئيسا للولايات المتحدة ، ولكنه كان يعبر عن الأغلبية التي تتحرك بالروح الصليبية الكامنة في الوجدان الغربي – كما عبر المستشرق محمد أسد رحمه الله . وهي روح عدوان وحقد ووحشية وعنصرية .
وقد أشار إلى ذلك الرئيس الأميركي الأسبق جيمى كارتر حين صرح مؤخرا لـجريدة "نيويورك تايمز"25/5/2016 قائلا : "العنصرية" مازالت متأصلة في الولايات المتحدة أو إنها تشكل "خزانا من العنصرية المتأصلة", وإن " المرشح الجمهوري دونالد ترامب يستغل هذه العنصرية".
وكان ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا صريحا في تعبيره عن العنصرية الصليبية الفجة حين ذكر في تصريحات يوم 27 مايو 2016، أن تركيا لن تصبح عضوًا بالاتحاد الأوروبي ولو بعد ألف عام ! وهو ما سبق إليه الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان حين علق قبل سنوات على الموضوع ذاته قائلا : إن الاتحاد الأوربي ناد مسيحي! أي لا يدخله إلا المسيحيون !ثم جاء اليساري روبرت فيكو رئيس وزراء سلوفاكيا ليقول : ليس للإسلام مكان في بلادي !( الإندبندنت 28/5/ 2016.) .
إن وكلاء الروم في بلادنا الإسلامية يصرّون على دفعنا دفعا إلى الارتماء في أحضان الصليبيين الاستدماريين ، ولكنهم لا يقبلون ولا يرضون " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " ( البقرة : 120) .
الله مولانا . اللهم فرّج كرْب الظالمين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !
وسوم: العدد 673