من ثمرات الطاعة ثقة وراحة ووقت

د. محمد رشيد العويِّد

 كتاب (( الزوجة المستسلمة )) للمحامية الأميركية لورا دويل

إن العبارة التي عرَّفت بها المؤلفة موضوع كتابها (( المرأة المستسلمة )) : (( دليل عملي لإيجاد الألفة والحب والسلام مع الزوج )) تستدعي أن نقف عندهاثلاث وقفاتوًً

الأولى : وصفُ الكتاب بأنه (( دليل عملي )) ينبه على فقدان كثير من النظريات والشعارات والكتب ، التي تتحدث عن العلاقة الزوجية ؛ فقدانها تلكالإرشادات والتوجيهات والنصائح العملية .

فليس كل ما يقال ويكتب يصلح للتطبيق ، أو ينفع في تحقيق الغاية .

الثانية : هدف الكتاب هو (( إيجاد الألفة والحب والسلام )) وهي أمور ثلاثة مهمة جداً إذا تحققت .. تحققت معها السعادة والراحة والطمأنينة اللواتي يفتقدهنأكثر الأزواج والزوجات .. بل أكثر الناس .

الثالثة : الكلمتان الأخيرتان (( مع الزوج )) تنبيه للزوجة التي قد تنجح في إيجاد الألفة والحب والسلام مع أهلها ، أو صديقاتها ، أو جاراتها ، أو زميلاتهافي العمل ، لكنها تخفق في إيجادها في حياتها مع زوجها .. مع أنها الحياة الأهم والأخطر ؛ كما أرى .

لقد ذكرت المؤلفة في مقدمتها أن مجرد ذكر كلمة (( مستسلمة )) كان يثير اشمئزازها ؛ لكنها نجحت ، بعد ذلك ، في تحقيق نقلة كبيرة حين صارت هذهالكلمة مفتاح نجاحها في حياتها الزوجية .

والأمر يشبه كثيراً ما تشعر به بعض فتيات هذه الأيام حين يسمعن كلمة (( المطيعة )) فينفرن منها ، وتُصوَّر لهن عبر ما يكتب في المجلات ، أو عبر مايعرض في الأفلام والمسلسلات والبرامج ، على أنها كلمة تعني الخنوع والذل والإهانة ، فيزددن منها نفوراً وعنها بعداً .

ومادامت هذه الزوجة الأميركية قد نجحت في الانتقال تلك النقلة الكبيرة من الاشمئزاز من الكلمة إلى حبها ، والعمل بمقتضاها ، والحصول على السعادةبذلك ، فإن المرجو من الزوجات المسلمات أن يكنَّ أقدر على تحقيق تلك النقلة ، لأنهن بطاعتهن أزواجهن إنما يطعن الله ورسوله .

وإذا كانت مؤلفة الكتاب تبشر من يستسلمن لأزواجهن بحياة زوجية ناجحة وسعيدة فإن الله تعالى ، ثم رسوله صلى الله عليه وسلم، يبشران الزوجة المطيعةزوجها ، مع تلك السعادة ، بجنة فيها ما لا عيـن رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

وتشير المؤلفة في مقدمة كتابها إلى أنها كانت تعلم أن الزواج زاخر بالمخاطر من خلال المشكلات التي كادت تعصف ، أو عصفت ، بزواج أمها وأبيها ؛مع هذا فقد وجدناها تقول إنه كان لديها أمل في أن يكون زواجها في حال أفضل . وهذا يوجه إلى ضرورة النظرة الواقعية غير الحالمة إلى الزواج ، وإلىعدم اليأس من استمراره ونجاحه عند أول مشكلة أو خلاف أو نزاع ، وأن يبقى هناك أمل في الإصلاح .

أوضحت المؤلفة أن نواياها كانت طيبة ؛ لكنها ، مع ذلك ، كانت تمشي على طريق يشبه الجحيم ، وفي هذا دلالة على أن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي ، فلابد معها من المنهج القويم ، والتصرف الحكيم .

إن بكاء بعض الزوجات وتبريراتهن التي يؤكدن بها إخلاصهن وحرصهن على بيوتهن لا تكفي لنجاح الحياة الزوجية ، ولا بد معها من منهج قويموتصرف سليم حكيم .

ستجد القارئة الكريمة في الحلقات المقبلة أن ما تدعوها إليه لورا دويل هو ما يدعوها إليه الإسلام . وإن كانت المؤلفة قد وصفته بالاستسلام فقد وصفهالإسلام بالطاعة .

والطاعة ليست ذلاً وخضوعاً ، بل هي كما قالت (( لورا دويل ))) ، شجاعة ، شجاعة تجعلك تتوقفين تدريجياً عن المحاولات غير السارة وغير المريحة ،وإحلال تصرفات محترمة مكانها .

ولعل من ثمرات هذا الاستسلام ، أو هذه الطاعة ، ما ذكرته المؤلفة في السطور الأخيرة من مقدمتها وهي :

بدأت تثق بزوجها .

امتلكت الزواج الذي طالما حَلُمت به .

الشعور بالراحة بعد إيقاف محاولات السيطرة على الزوج .

التخلص من المحاولات غير السارة .

توفُّر وقت أطول وطاقة أكبر لأشياء أهم من مواجهة الزوج .

الإحساس بالفخر لتحقيق الأهداف بسرعة كبرى .

استخراج أفضل ما في النفس .

وإذا كانت هذه الثمرات في الدنيا فإن ثمرة الآخرة ، وهي الجنة ، هي ما تجنيه الزوجة المسلمة من طاعتها زوجها ، وهي ثمرة تفوق أي ثمرة أخرى.

وسوم: العدد 676