الكِبْر شرّ كله.. وشرّ أنواعه: كِبْر العِلم
عبد الله عيسى السلامة
دوافع الكبر، في النفوس ، كثيرة .. منها :
المال .. الجمال .. النَسب .. القوّة بأنواعها.. المنصب .. الشهرة ...!
وكلّ من هذه الدوافع ، قد يكون لدى العاقل والأحمق ، والنبيه والمغفّل، والذكيّ والغبيّ.. من رجل وامرأة ، دون سعي من صاحبه ، أو موهبة !
( وبالطبع ، هذه الدوافع ، كلها ، لو اجتمعت ، لدى إنسان ، فلن تشكّل له عذراً ، في كبره ، إن تكبّر!) . أمّا العلم ، فلا يكون إلاّ نتيجة سَعي ، يصاحبه عقل ( سوى ماجاء ، منه ، عن طريق الوحي ، أو الإلهام ) ! فإذا حصّل المرء علماً نافعاً ( دون العلوم الشيطانية الضارّة ، كالسحر، وغيره من العلوم الخبيثة المؤذية) ، فكان علمه دافعاً له ، إلى الكبر، فذاك أسوأ أنواع الكبر؛ لأنه تكبّر بالسبب الذي هو داعٍ إلى التواضع ، أو هو مظنّة التواضع ! فالأصل أن المرء ، كلما ازداد علماً ، ازداد تواضعاً ، وازداد معرفة بضآلةِ مايعلم ، فيترقّى بعلمه ، ترقّياً خلقياً ، حتى يصل إلى درجات سامية ، من النبل الإنساني ! وهذا موافق لمضمون قوله تعالى : (إنّما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ ..) .
ومَن دفعَه علمه ، إلى الكبر، أسقط نفسَه ، وأسقط المتأثّرين به وبعلمه، فكان من الذين أضلّهم الله على علم ! ونعوذ بالله من سوء المنقلب .
والمعنيون بهذا الكلام هنا هم المؤمنون الذين يعرفون حرمة التكبر وأن الكبر صفة خاصة بالله وحده ( له الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ).. ويحفظون الحديث القدسي :( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عزّ وجلّ : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) ، وروي بألفاظ مختلفة منها ( عذبته ) و ( وقصمته ) ، و ( ألقيته في جهنم ) ، و (أدخلته جهنم ) ، و ( ألقيته في النار ( .
الحديث : أصله في صحيح مسلم ، وأخرجه الإمام أحمد و أبوداود ، و ابن ماجة ، و ابن حبان في صحيحه وغيرهم ، وصححه الألباني .
ويحفظون الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، من حديث عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
(( لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ)).