الاعتذار من شيم الكبار

معمر حبار

[email protected]

كوريا الجنوبية، دولة متقدمة على جميع الأصعدة. فالمجتمع، والمعارضة والحكومة، كلهم على صعيد واحد من التقدم.

ومن مظاهر هذا التطور المذهل الذي وصلت إليه في ظرف سنوات معدودات، ذلك الإعتذار الذي قدمته رئيسة كوريا الجنوبية "بارك غوين هيي"، شخصيا وعلى لسانها، للمجتمع الكوري، بسبب غرق العبارة الكورية، وهلاك 300 كوري على متنها.

المنظر كان مؤثرا جدا، حين غلبتها الدموع، ثم تنحت جانبا عن منصة الخطاب، وانحنت إجلال لشعبها، وإمعانا في الإعتذار.

قالت لشعبها والدمع يسبقها، أعتذر لكم لأني لم أتستطع منع الكارثة، ووبخّت القبطان وزملاءه، وأحالتهم على التحقيق في انتظار المحاكمة، لأنهم ارتكبوا جريمة الفرار، وترك أبناء الشعب يصارعون الموت، والأمواج بمفردهم.

تتعرض الأمم جميعا للمصائب والمحن، لكن كيفية التعامل مع الناجي والمفقود، هي التي تميّز المجتمعات وترفعها.

إذا كانت الرجولة مواقف، فإن رئيسة كوريا الجنوبية، قد جسّدت الرجولة في أبهى صورها، وهي تعتذر لشعبها علانية، بأدب واحترام وانحناء، وتعزل المتسببين وتحاكمهم.

إن الإعتذار وتصحيح الخطأ من شيم الكبار، وحين تعتذر المرأة، تكون أكبر من "الرجال"، الذين فروا بجلدهم، وتركوا بني جلدتهم للموت والهلاك، وتكون أكبر بكثير من "الرجال" الذين أكلوا الأكباد، وقطعوا الرقاب، ونهبوا الأرض، وباعوا العرض.

إن الهرم الذي تعتذر فيه قمته لقاعدته، سيقوى بنيانه مع الزمن، وسيصمد لنوائب الدهر، ويزداد رسوخا.