الحرب المفروضة علينا لا قبل لنا بها.. ولا ينصرنا فيها إلا الحكمة والحزم
أيها المسلمون ...أيها العرب ...أيها السوريون
شهرا بعد شهر ، بل يوما بعد يوم ، وساعة بعد ساعة ؛ تتكشف أهداف الحرب المفروضة على عالمنا الإسلامي والعربي ، وتتوضح أبعادها ، ويجاهر بالإثم والعدوان القائمون عليها وأدواتها .
لم يبق شيء مخبوء أو مستورا ، فلقد كانت البداية من فلسطين ، ثم طارت إلى أفغانستان ، لتعود إلى العراق ومصر وليبية واليمن وسورية ليكون ( جاستا ) آخر محطاتها ولا نظنه سيكون الأخير ...
أيها المسلمون .. أيها العرب ...أيها السوريون ..
إن ما نزل بالأمة لخطب جلل ، وإن صح تأويل حديث الأمم المتداعية على أمتنا ، في عصر فلا نظن أنه قد مر على المسلمين عصر كان أصدق تمثيلا لما حذر منه الصادق المصدوق . وننظر إلى ما اجتمعت عليه قوى العدوان والإثم بالأمس ، فنقول فلسطين ، وننظر إلى ما تجتمع عليه اليوم ، فنقول العراق والشام واليمن ، وننظر إلى ما يدبر ويحاك في الغد فيطالعنا ( جاستا ) بكل دلالاته التي يوجزها القول ( حكم القوي على الضعيف ) في عالم أصبح غابة تحكمها الغرائز أكثر مما تحكمها الشرائع والقوانين ..
أيها المسلمون ..أيها العرب ..أيها السوريون
يدرك أي عاقل يقلب الأمور ظهرا لبطن ، وصدرا لعجز ؛ أن الذرائع التي تحارب هذه الأمة تحتها اليوم حرب إبادة واستئصال ، ما هي إلا شباك سبق إلى استنباتها وتغذيتها هؤلاء المعتدون . فهؤلاء ليسوا كما يقولون ويزعمون يريدون حربا على الإرهاب والإرهابيين ، والتطرف والمتطرفين ، بل هم يستثمرون في الإرهاب والإرهابيين ، والتطرف والمتطرفين . يظللون على الإرهاب ويغذونه ويمدونه ليتذرعوا به في تدمير ديار المسلمين ، وفي إبادة خضرائهم ، واستئصال شأفتهم ، في قتل صغارهم وكبارهم ، ونسائهم ورجالهم ، في أبشع حرب إبادة منظمة شهدها التاريخ . ثم يمدون أعينهم وايديهم إلى ما في أيدي المسلمين من مقدرات وما في بلادهم من ثروات ؛ ليقطعوا عليهم طريق نهضة يخافونها منهم بعد عثرة ، وليصادروا عليهم غدهم كما صادروا عليهم أمسهم ويومهم ، يضربون أبناء الأمة بعضهم ببعض ، تفريقا للدين ، وتشتيتا للموقف .
أيها المسلمون ..أيها العرب ...أيها السوريون
أما هدف هذه الحرب الهمجية الوحشية القذرة ، فهي محو الأسطر والآيات البينات التي خطها نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليه صلوات الله وسلامه من وعي الإنسان . بقتل حملة الرسالات وتدمير وعيهم ، وحرفهم عن سنن الفطرة والدين القيّم الذي ما زال قلعة صامدة راسخة في وجه ( ديانة السوق ) ( ديانة التشييء والتسليع والرغبة والاشباع ) . وأما أبعاد هذه الحرب فالذهاب أبعد في سنة فرعون (( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )) . ثأر تاريخي يشترك فيه الرعاة والأدوات ؛ واحد ينادي يالثارات اليرموك حطين والآخر ينادي يا لثارات القادسية و الحسين ، في تعبير مفضوح عن حقد دفين وكراهية مقيتة .
أيها المسلمون ...أيها العرب ..أيها السوريون
وحين نتابع ما يجري على الأرض السورية أجمع ، وما يجري في حلب منها بشكل خاص ، من حصار وتجويع وحرمان من الماء والدواء ، وعدوان متماد بكل ما في ترسانة الشر العالمية من سلاح – حتى قالت التقارير عن قنابل الشمس الحارقة إنها في درجة تدميرها وإبادتها تصنف ما قبل النووي ، معتبرا بحال الأمة أجمع ، وما هي فيه من وهن نفسي وهو الداء الأخطر ، ونزاع وفشل وتفرق ، وقلة حيلة ، وضعف مقدرات ؛ يدرك المفارقة العظيمة في معادلتي الموقف ، فيخال أن السهم ، سهم البغي والعدوان ، قد نفذ ، وأنه ليس للأمة اليوم إلا الركون إلى العجز ، والتعلل بالضعف واعتباره العذر المحل ، من تحمل المسئولية ، ومن القيام بحق الله ، وحق الأمة في الحفاظ والذود ، والمصاولة والمواجهة ؛ حتى ليطأطئ الرجل من رجالات هذه الأمة رأسه بين رجليه ، متشاغلا عن خطر يدهمه، منتظرا قدره وساعته . وكأن اليأس قد ركبه فملك عليه عقله وقلبه وشل يده ورجله ، فلا يدري ما يأتي ولا ما يدع ، في حالة من الركون القدري ، وكأنه وهو صاحب القرار الخشبة الطافية على سطح الماء ، تلعب بها الريح وتتقاذفها الأمواج .
أيها المسلمون ..أيها العرب .. أيها السوريون ..
وإنه مهما بالغ المبالغون في توصيف حالة الضعف ، ومهما اختبأ العاجزون وراء أعذار العجز ، ومظاهر الضعف ،ودواعي اليأس ؛ فإن أتباع الرسل عليهم صلاة الله وسلامه بخير ، وإن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، بما انطوت عليه قلوبهم من يقين ونور وحكمة وعلم ورشد وجرأة وقوة واستعداد لتحمل المسئولية ، والتصدي للصعاب ، ومواجهة التحديات ، ورد أفانين العدوان وأشكاله بألف الف خير ...
وقلما مرّ على أمة الإسلام ، ربما ، في تاريخها الطويل أن قدمت نخبة من المجاهدين الأبطال ، والفرسان المغاوير ، والصابرات المحتسبات ، والأطفال المتربصين ؛ كما هو الحال في هذه الأيام . حتى لنقول إن جيلنا هذا في عراقه وشامه ويمنه قد تقدم بحق على جيل صلاح الدين ، ولكنه لم يظفر بصلاح الدين . وإذا نظرنا إلى صمود الصامدين في حلب وإدلب في دير الزور وحمص والوعر والغوطة ، ورأينا على كم جبهة يقاتلون ، وكم من تجمعات العدو ينازلون ، وعلمنا أنه قد كان الأخطر علينا وعلى ثورتنا وعلى شبابنا المجاهدين ، هؤلاء الذين يرفعون رايات الإسلام زورا ، ويتسللون إلى صفوفنا تحت عباءة دولته التي زيفوها لنواجههم في محور واحد مع من يدعون أنهم شيعة آل محمد , وآل محمد براء من هؤلاء ، كما ان دولة الإسلام بريئة من أولئك ، ثم نظرنا إلى ما يمطرنا به الروس ، والحلفاء ؛ ندرك أن عماد قوتنا في معركة مفروضة علينا ، هو هذا الرصيد الحي من شباب (( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )) وندرك أن القائد الذي يعجز أو يتعاجز ، عن الجمع والتأليف ، إنما يؤتى من قبل نفسه ، لا من قبل ما نزل به من خطب وهو ولاشك عظيم .
أيها المسلمون ..أيها العرب ..أيها السوريون ..
لا أحد يزعم أن نصرنا في الحرب المفروضة علينا سهل أو قريب ولكنه ليس مستحيلا . وإن كان أشرار العالم قد قرروا أن يرمونا عن قوس واحدة ، وبكل ما في ترسانة الشر العالمي من سلاح ؛ فإننا نملك من نور الحكمة ويقين الإيمان ، ما يعيننا على النصر الذي نريد واقرؤوا إذا شئتم : (( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )) . لا ينجينا والله في حربنا مع قوى الشر العالمي إلا إيمان ويقين ووحدة صف ، تجمع المستأخرين بنا بالمتقدمين.
وسوم: العدد 689