الصدق في التمثيل والحياة
معمر حبار
منذ يومين وصل البريد خبر مفاده، أن الممثل الأردني، محمود سوالقة، توفى رحمة الله عليه، وهو يؤدي دورا يجسّد فيه مشهد الوفاة.
ومنذ سنوات طوال، وفي حوار مع الممثلة السورية منى واصف، التي جسّدت دور هند آكلة الأكباد في فيلم الرسالة، سألها الصحافي يومها، أن بعض المشاهدين يبغضونك، لأنك في نظرهم أكلت كبد سيّدنا حمزة بن عبد المطلب، فأجابت قائلة، هذا دليل على أني أديت دور هند بصدق، لك أثّر المشهد في المشاهد، واعتقد أنه حقيقة.
وفي آخر الحوارات التي أجريت مع الذين عملوا مع الممثل المبدع عثمان عريوات، أمدّ الله في عطاءه، يتحدثون عنه أنه يضرب صاحبه حقيقة فيوجعه، إذا تطلب المشهد ذلك، حتى أنه إعتذر لإحدى الممثلات الجزائريات، وأهدى لها قارورة عطر ، كفارة له عن الألم الذي ألحقها بها، جراء المشهد الذي يتطلب الضرب.
وهناك أمثلة أخرى، لمن يعرفها وتحضره الآن، تدل على أن الصدق منبع الإبداع، وضامن له، ولو كان في التمثيل، لذلك تجد أن أحسن المشاهد، وأكثرها تأثيرها وأدومها، ويحترم صاحبها تلك التي يؤديها صاحبها بصدق.
من حق المتتبع بعد قراءة هذه الأسطر، أن يقول إذا كان الصدق بهذه المكانة والسمو في التمثيل، فكيف به في الحياة.
إن الصدق في الحياة يرفع الإنسان، ويضمن له المكانة التي تليق، ويحميه من زلات القلم واللسان. وإذا أخطأ الصادق، وجد من يستر عثرته، ويمسك بيده لينهض في الحين، فكما ضحى الإنسان بالغالي والعالي من أجل كلمة صدق وموقف صادق، كذلك الحياة ستكون له الظهر الذي يحمي، والصدر الذي يضم، وتكتب اسمه مع الصادقين الخالدين.
أصدق ولا تبالي، فسترزق بمن يصدق لأجلك، ولا يبالي لأجله، وتلك منزله لاينالها إلا الصادق الأمين.
والصدق كلّ لايتجزأ، وينال المرء من الصدق ، بقدر مايصدق مع عدوه وصديقه. والعاقل من وسّع دائرة الصدق، لتشمل الجميع وفي أصعب الحالات.